«الفورسيزونز».. الراعى الرسمى لصفقات الفساد وخزينة أسرار عصر مبارك

الجمعة، 04 مارس 2011 12:47 ص
«الفورسيزونز».. الراعى الرسمى لصفقات الفساد وخزينة أسرار عصر مبارك حبيب العادلى وأحمد عز
محمد الدسوقى رشدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ الرئيس منح الاسم حصانة بافتتاح فندق الإسكندرية.. وجمال منحه الحماية بحفل زفافه.. وعز جعله مركزاً لإدارة الحزب من داخل مكتبه فى «نايل بلازا»
◄◄ «الفورسيزونز» هو الرابط الأهم بين الأسماء التى تتكرر فى تحقيقات النائب العام مثل المغربى وعز وهشام طلعت والعادلى ونظيف والفقى وأبوالعينين

سفينة التحقيق والتفتيش التى تبحر الآن فى بحر الفساد تستهلك وقودا أكبر حتى تفلح فى مواجهة أمواج السرقة والنصب والإهدار والبيزنس المخلوط بالسياسة، ومن المؤكد أن كل محقق أو قاض على ظهر تلك السفينة يعيش الآن حائرا ومدهوشا ومصدوما من كم البلاغات والمستندات التى تثبت سرقة المليارات وآلاف الأفدنة التابعة للدولة، ومن المؤكد أن كل محقق يسأل نفسه: كيف كان يعيش هذا الوطن وهم يسحبون من موارده كل هذه الدماء بلا رحمة وبلا ضمير؟

طبيعى أن تصطدم سفينة التحقيق وهى تبحر فى بحر الفساد بأسماء كانت لها «شنة ورنة» قبل 25 يناير، وبدون شك اصطدمت أيضا بأماكن بعينها كانت المثل والنموذج لبؤر تجمع رجال المال والسلطة والمشاهير لصياغة وتخطيط إستراتيجيات الفساد وصفقات سرقة المال العام، بعض هذه الأماكن يمكنك أن تضعها فى خانة شاهد العيان على أكثر وأشهر وأخطر قضايا الفساد فى مصر، ويكفى للنيابة العامة أن تفتح بابا واحدا من أبواب تلك الأماكن سواء كانت أندية أو فنادق أو شواطئ أو كافيهات لتحصل على ألف قضية فساد، وقضية زواج باطل بين السلطة والمال.

فتش عن أماكن سهر، وتجمع مشاهير المال والسلطة فى مصر وستحصل ببساطة على بداية الخيط لوقائع فساد كبيرة وكثيرة، دع أى محقق أو وكيل نيابة يطرق باب «الفورسيزون» وستجده يصرخ قائلا: «تخصيص أراض، رشاوى وعمولات، هدايا مشبوهة، صفقات غير أخلاقية.. أحمدك يارب»، راجع بلاغات الفساد التى تنهال على مكتب النائب العام، وستجد أن اسم «الفورسيزون» قد ورد فى أكثر من بلاغ، وأكثر من موقع، وأكثر من قضية بأكثر من تاريخ زمنى بداية من 10 أو 15 سنة على الأقل حتى آخر نفس للنظام القديم.

المسألة لا تحتاج إلى بلاغات أصلا، راجع الأسماء التى تتردد فى مكتب النائب العام فى قضايا الفساد الكبرى مثل محمد إبراهيم سليمان، والمغربى، وعز، وجرانة، والعادلى، ونظيف، وأنفس الفقى، وأبو العينين، وغيرهم، وستجد بين هؤلاء وغيرهم ممن ينتظرون دورهم فى طوابير العرض على النائب العام رابطا واضحا وصريحا، هو «الفورسيزون»، سواء كان مكانا للسكن، أو للسهر، أو للتربيطات التى تولد منها الصفقات والعمولات والرشاوى وأعمال السمسرة.

هناك داخل مبنى «الفورسيزون» الذى يأكل كورنيش نيل الجيزة، أو «الفورسيزون» الذى يأكل كورنيش نيل القاهرة، أو «الفورسيزون» الذى يأكل كورنيش بحر الإسكندرية، أو «الفورسيزون» الذى استضاف حفل زفاف جمال مبارك فى شرم الشيخ - تتفاعل الأحداث والقصص التى صنعها كبارات مصر، سواء على المستوى الرسمى أو المستوى المالى لتخرج فى النهاية سيناريوهات كانت تحدد الطريق الذى يسير فيه البلد سياسيا وفنيا واقتصاديا واجتماعيا ورياضيا، أو حتى فضائحيا.

الأشياء كلها اجتمعت سواء عن قصد أو بدون، لتجعل من مبانى «الفورسيزون» فى مصر مصدرا للقرار أو الحدث الذى يؤثر فى الجمهور أو يشغله، ربما برهنت قضية مقتل سوزان تميم على ذلك، وكانت هى الحريق الضخم الذى انطلقت شرارته الصغيرة من داخل «الفورسيزون»، لتؤكد أن هذا المبنى ليس فندقا سكنيا فاخرا هو الأفخر فى العالم، بل هو بقعة الصفقات السياسية والاقتصادية والجنسية فى مصر، فى «الفورسيزون» ومن أجل عيون سوزان تميم، نجح هشام طلعت مصطفى فى التكتيم على قضية والد سوزان الذى تم ضبطه بكميات من الهيروين يخفيها داخل ساعة حريمى سنة 2004، كما أشار المحامى نبيه الوحش الذى رجح وقتها أن هشام ترك الفندق لأسرة سوزان غطاءً على كل تصرفاتهم، ثم شهد نفس «الفورسيزون» المقابل لحديقة الحيوان، جريمة غامضة جذبت اهتمام الرأى العام حينما سقطت فتاة من الطابق العشرين، وانتهت القضية باعتبار الفتاة منتحرة، رغم أن الشهود أشاروا إلى أنها كانت بصحبة خليل شقيق سوزان تميم، ثم عاد «الفورسيزون» للأضواء مرة أخرى، حينما اختار هشام طلعت مصطفى محسن السكرى الذى عمل مديرا لأمن الفندق لقتل سوزان فى دبى.

دعك من جرائم القتل التى أصبح «الفورسيزون» بسببها ضيفا على صفحات الحوادث، وانظر إلى كم القضايا التى رفعها الكثير من الناشطين والأهالى ضد الفندق الذى أغلق الأمن من أجله شارعين أمام الجمهور بشكل ساهم فى زيادة الشائعات حول «فورسيزون» الذى أصبح يمثل للناس بسبب فخامته وأسعار محاله الخيالية وأجور عاملات الضيافة التى تصل إلى 1000 دولار، حسبما أعلن موقع وظائف مصر، مع كمية الحوادث والحواديت، التى تدور عنه وفيه - لغزا شغل الشارع لفترة بشائعات بدأت بالأسعار الفلكية للشقق، والتى وصلت إلى 50 مليون جنيه، حسب الأنباء الشعبية التى كانت تؤكد أن كبارات مصر المقيمين فى «الفورسيزون» يصعدون إلى شققهم بأسانسير يحمل سياراتهم إلى أمام السرير، .

الفساد مصطلح ارتبط بـ«الفورسيزون» منذ بداية التسعينيات وكبر وتضخم معه حينما تضخم صاحبه، وحاول شراء صمت ورضا المسؤولين الكبار فى الدولة بشقق فى ذلك المبنى العريق بالقاهرة والإسكندرية تترواح أسعارها بين 15 و20 مليون جنيه، حصل عليها مسؤولون مثل الدكتور نظيف وحبيب العادلى وغيرهما، بل تضخم الأمر أكثر وأكثر حينما تحول لوبى الفندق فى القاهرة إلى مركز لتجمع المشاهير مثل عمر الشريف، وأحمد المغربى، وأبو العينين، وأنس الفقى، وأحمد أبوهشيمة، وغيرهم من رجال المال والسياسية الذين صاغوا بنود أكثر الصفقات إثارة وشبهة خلال عصر الرئيس السابق محمد حسنى مبارك.

اسما الوليد بن طلال، وهشام طلعت مصطفى كشريكين فى «الفورسيزون»، كانا كافيين لإضفاء المزيد من الأهمية والشائعات المصحوبة برائحة الفساد على المشروع الذى تشابكت فيه خطوط السلطة بالمال، خاصة فيما يتعلق بـ«الفورسيزون نايل بلازا» الذى تحول مشروع إنشائه إلى قضية رأى عام، بعد محاولات وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان ردم النيل، من أجل إنشاء المبنى الفخم، ومن قبلها الطريقة التى استولى بها هشام طلعت مصطفى على أرض المشروع، والتى بدأت عام 1993 حينما استولى على أرض نوفابارك التى يملكها أحمد إبراهيم، صاحب شركة «بيتكو» بالقوة، ثم عبر مزاد شهد تلاعبات غامضة.

سبب آخر قد لا يكون مقصودا، ولكنه ساهم بشكل أو بآخر فى أهمية «الفورسيزون» وتحوله إلى قبلة يقصدها الراغبون فى اعتلاء السلم السياسى والاقتصادى، وهو ظهور صورة للرئيس مبارك مع هشام طلعت مصطفى فى صحف الخميس 16 ديسمبر 2004 بصحبة خبر يؤكد فيه هشام أنه عرض على الرئيس مبارك مشروع فندق «فورسيزون نايل بلازا» باستثمارات بلغت 2 مليار جنيه، بهدف جذب السياحة، وبارك الرئيس المشروع وشجعه على المضى قدما، بل قام الرئيس مبارك بافتتاح «فورسيزون الإسكندرية» بنفسه ليكون أول رئيس مصرى ينزل من قصره لافتتاح فندق، ثم يؤكد الرئيس تلك الرسالة هو ونجله جمال حينما اختارا «فورسيزون- شرم الشيخ» ليكون مقر حفل زفاف جمال.

مهارة هشام كرجل إنشائى ناجح، وشهرة الوليد وفنانيه وأمواله وتلك الصبغة الرئاسية والوزارية، نقلت «الفورسيزون» بمبانيه الأربعة من محطة المشاكل إلى محطة أخطر، هى صناعة الأحداث التى كانت تسيّر الحياة فى مصر خلال حكم الرئيس السابق، بعدما تحول «الفورسيزون» بما يوفره من فخامة وخصوصية، مقصدا لصفوة المجتمع المصرى، وكبار رجال الدولة سواء للسكن أو للسهر أو لتلك اللقاءات التى تشهد اتفاقات على صفقات تختلف فى نوعها وفى توجهها، ولكنها تتفق على تشكيل صورة الحياة فى مصر، فقليلا جدا ما تجد مؤتمرا لتوقيع عقد مطرب جديد أو فيلم جديد يتم خارج «الفورسيزون»، حتى صفقات انتقال اللاعبين وانتخابات اتحاد الكرة أصبحت تتم وقت الإفطار فى «الفورسيزون»، حتى الرجل الذى أشعل فتيل ثورة يناير بتجبره وتكبره والذى كان يسيّر الأمور داخل الحزب الوطنى، وبالتالى يسيّر أمور مصر بوصفه الحزب الحاكم، كان يقضى أغلب وقته فى «الفورسيزون»، كان أحمد عز، أمين التنظيم السابق بالحزب الوطنى، يعمل فى مكتبه «بالفورسيزون نايل بلازا» صباحا، ويعود إلى مسكنه ليلا «بالفورسيزون» المقابل لحديقة الحيوان.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة