ما سوف أعرضه ليس بعيدا عن جو قراء الـ "اليوم السابع" ومقالاتهم المؤججة بروح الثورة وحماس التغيير، بل هو من عين الثورة والدعوة إلى التغيير، فأول ذلك الاهتمام بالإرادة، فكيف نبنى معا الإرادة؟ وأول من نود تغييره قبل أن نحتج أن نقف أمام أنفسنا هاتفين لها كما هتفنا من قبل فى التحرير، ونبدل عنوان الهتاف، "الشعب يريد تغيير نفسه"، وأول ما نبدأ معا تغييره هو: كيف يمنع المدخن نفسه عن التدخين؟ حتى ينعم بصحة رائعة تعينه على الإنتاج، على النهضة الحقة، على أن يكون عضوا فاعلا فى مصر المستقبل، فالتدخين من العادات والتصرفات والسلوكيات التى يجب أن نهب جميعا إلى تغييرها، كى تستقيم الأمور، ألا تعلمون أن الأخبار قد نقلت أن شركتا فيليب موريس إنترناشيونال أكبر منتج للسجائر فى العالم، ورينولدز أميركان ثانى أكبر منتج فى الولايات المتحدة، قد حققت أرباحا تجاوزت توقعات المحللين خلال الربع الثانى من العام الحالى، فى الوقت الذى تأكد فيه ارتفاع الضريبة على الدخان بشكل متسارع، مما يجعل المدخنين يفكرون مرات قبل الإقدام على شراء علبة السجائر .
ونقلا عما أوردته جريدة الـ "اليوم السابع" فأن معدل انتشار التدخين فى مصر قد ارتفع بشكل مبالغ فيه خلال السنوات الأخيرة، حيث وصل إلى ما يعادل ضعف معدل النمو السكانى، إذ إن أكثر من 51% من البالغين المصريين يتعرضون بانتظام لدخان التبغ، 70% يتعرضون له فى المبانى الحكومية والمواصلات العامة، و49% فى المنشآت الصحية، والتى من المفترض أن التدخين ممنوع بها قانونا.
وأشارت الـ "اليوم السابع" أنه فى حالة زيادة الضرائب المقررة بما يعادل 5% لتصل إلى 70% من سعر التجزئة، سيقل استهلاك السجائر بنسبة 25%، على أن تصل الزيادة الإجمالية فى الإيرادات إلى 5.2 مليار جنيه مصرى، بما يؤدى إلى منع أكثر من 2.1 مليون مصرى من التدخين، وإنقاذ حياة 600 ألف مصرى.
وفى هذه الحال كيف يمكن للمدخن أن يستدعى مادة الدوبامين المقترنة بأحاسيس السرور والانطلاق والفرح والسكينة فى الوقت الذى يستنزف فيه المال من جيبه المريض؟ الأمر جد خطير ويستدعى من المدخن ألا يهمل، وأن يوظف إرادته لكبح جماحه ووقف رغبته حتى عن لمس السيجارة.
وبعد هل لنا أن نقول له: توقف.. حاسب.. لافائدة، فالكلام كثير كثير والنصائح عديدة، غير أن المخلصين لن يتوقفوا عن إسداء النصح مهما كلفهم من جهد وعنت، هذه سنة الكون وإلا لكان نوح قد يئس بعد ألف سنة من الدعوة وليئس أيوب بعد البلاء المبين.
ماذا بقى فى جعبة المدخنين ليقولونه.. ليدفعون عن أنفسهم خطر السيجارة والدخان على الصحة والمال؟
ولعلى أقترح اقتراحا ربما لا يكون الأخير:
ما رأى المدخن إن قلنا له ألا يتوقف عن التدخين؟ أجل سيفرح، سنقول له دخن اليوم أما غد فلا تدخن، بل دخن بعد غد وأما اليوم الذى امتنعت فيه فعلا فضع ثمن علبة السجائر فى ظرف أو صندوق خاص ثم ضع ورقة على الصندوق واكتب: لله، اجمع بعد عدد الأيام ما ادخرته ولو كان قليلا، ثم توجه على الفور إلى مستشفى للأطفال أو غيره من المستشفيات التى تعالج الأمراض المستعصية، وهب ما أدخرت لها، واعلم تماما ويقينا أن الله سوف يعالجك من داء التدخين، فهذا تحقيق للحديث الشريف "داووا مرضاكم بالصدقة"، هنا سوف تشعر بالراحة حتما، لأنك من قمت بعلاج نفسك من خبث الدخان، دون عناء الذهاب لمستشفى تعالجك، وطبيب يقوم على خدمتك، وثق فيما قاله نبيك صلى الله عليه وسلم، وخذ الأمر بمنتهى الجدية، حتى لو كنت من غير المسلمين، فالنصيحة عامة فى مطلق الحديث، فما تقدم عليه من عمل هو عين ما تقره كافة الشرائع وفطر الإنسان، واعلموا أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
عزيزى المدخن لاتمتنع عن التدخين، ولكن لا تخسر إرادتك، ولاتدع لحظة أن يفاجئك الانهيـــار.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة