أقصد بالتنقيط هنا سياسة الحصاد لا سياسة الزرع والرى.. حصاد ما زرعته الثورة المصرية من مبادئ وأهداف وتوجهات، طالبت الثورة منذ يومها الأول بمبادئ تتلخص فى إسقاط النظام بكل أركانه ومحاسبة الفاسدين وتحقيق العدالة وإطلاق الحريات، إلا أن هناك تباطؤ ملحوظ فى الاستجابة لتلك المطالب، ألم تكن ثورة؟! أم لم يدرك البعض منا معنى أنها ثورة؟
وأود هنا أن أتتبع خط التنقيط الذى عبرنا من خلاله منذ بداية الثورة وحتى اليوم، وقد كان كالتالى:
سيظل مبارك رئيساً، ولكن سيفوض سلطاته للنائب.. سيظل مجلسى الشعب والشورى منعقدين، ولكن سننظر الطعون القضائية.. ستبقى حكومة شفيق ولكن سنغير بعض الوجوه.. سيظل جهاز أمن الدولة قائماً ولكن سنعيد هيكلته.. سيعاد تفعيل الدستور ولكن مع بعض التعديلات.. سيظل الحزب الوطنى قائماً ولكن سنغير اسمه وقياداته! وفى مواجهة كل ما سبق أبى الشعب المصرى إلا أن تكون ثورة.
أفهم أن إسقاط النظام لا يعنى الحكومة والرئيس والبرلمان فحسب، بل إسقاط لكل من تولى منصباً قيادياً أو سياسياً أو إعلامياً ينفذ سياسات ذلك النظام ويروج لها، غير أننا نرى القيادات الإعلامية والجامعية بل والسياسية لا تزال فى أماكنها تعيث فساداً، وتائد كل من يحارب ذلك الفساد تحت التراب عن طريق إطلاق الشائعات، والسيناريوهات الرامية إلى الاغتيال المعنوى والمجتمعى والسياسي.
لماذا نكافح ونناضل لتحقيق كل مطلب على حدة؟ لماذا لا يتم التعامل مع الثورة على أنها ثورة ومن ثمّ تتم الاستجابة الفورية لمطالبها كافة؟ هل ندعو لتشكيل مجلس قيادة للثورة يعمل على مباشرة تحقيق أهدافها وإدارة البلاد خلال مرحلة انتقالية؟ هل ندعو لتأسيس محاكم للثورة لمحاكمة كل من أفسد وقتل وأحرق وأشاع الفوضى وروع الآمنين من أجل إخمادها؟
لا أدرى لماذا يُترك المفسدون والمجرمون طلقاء؟.. سرور ونظيف وعزمى وشهاب! ألم تُشتم رائحة فسادهم؟ ألم يُلمح ولو من بعيد ضباب الفساد والإفساد؟ أم أن ثمة أمل فى براءتهم ولذا وجب الاحتياط! وماذا عن قتلة الثوار؟ وماذا عن القيادات الإعلامية التى لا تختلف فى إجرامها من وجهة نظرى عن القيادات الأمنية؟ لقد تآمروا سوياً على الثورة وإشعال الفتنة فى كل بقعة من أرض مصر، ومارسوا البلطجة الفكرية على الشعب المصرى، وماذا عن المخلوع وأسرته؟ هل هناك نية جادة لمحاكمتهم سياسياً ومالياً وجنائياً؟ هل عُقد العزم حقاً على استرداد الأموال المنهوبة والمهربة على أيدى من كانوا خداماً وحراساً لهذا الوطن؟ ألم يحن الوقت للنظر فى قوانين تأسيس الأحزاب ومباشرة الحقوق السياسية وغيرهما من التشريعات المعنية بإطلاق الحريات السياسية؟
إن كانت كل هذه المطالب ستتحقق، فهل يُعتزم تحقيقها دفعة واحدة أم سيكون الرد بالتنقيط؟
ثورة 25 يناير
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة