الفزّاعة اسم يوحى بقدر من الرعب والقلق، وصفة لصيقة بجماعة الإخوان المسلمين اعتاد النظام على تصدير مثل هذه الصفة داخلياً وخارجياً ليظل قابعاً على أرواحنا يمارس ديكتاتوريته واستبداديته المعهودة، ومحاولة قذف الرعب فى قلب المجتمع الغربى بأنه إما الاستبدادية المطلقة أو الإسلاميين الإرهابيين!
يواجه المجتمع المصرى الآن بعض العقبات فى طريق بناء دولته ذات الطموحات المشروعة للجميع، مجتمع يستوعب كل الأفراد بغض النظر عن توجهاتهم واتجاهاتهم وقناعاتهم، مجتمع يحترم الآخر مهما زاد حد الاختلاف، اختلاف دون خلاف، وصراع دون صدام، وحراك دون تحريك.
يجب أن نرفع جميعاً القبعة لكل من تواجد بالشارع قبل ووقت الاستفتاء ليؤثر، حتى لو كانت فى تأثيره جزء من اللا مشروعية، ولكن يُحسب لهم أنهم تواجدوا، وعلينا قبل أن نلومهم لأنهم أثروا فى أغلبية بسيطة صامتة أدت لغلبة كفة الاستفتاء، أن نلوم أنفسنا أولاً، وعلينا قبل أن نتهمهم بالاستغلالية أن نحاول دراسة فن الاستغلالية بشرف!
المجتمع المصرى يمر الآن بحالة تكاد تشبه الفوضى، هو أمر طبيعى للغاية، بل أمر ضرورى ليتحول المجتمع المصرى من مجتمع يحكمه الفرد الديكتاتور إلى مجتمع ديمقراطى يصل إلى طموحاته المشروعة، هذه الفترة الانتقالية تحتاج للفعل أكثر من القول، وللقول أكثر من مجرد الاستماع، نحتاج دوراً مجتمعياً يتعامل مع الوضع الراهن بمرونة وحكمة وسرعة.
كان من ضمن أسباب رفضى تمرير التعديلات الدستورية هو عدم أهلية المتجمع لكم هائل من الاختبارات الديمقراطية فى وقت ضيق للغاية، دون أن يتناقض ذلك مع أهلية المجتمع لديمقراطية، ربما أعظم من الديمقراطيات الغربية مجتمعة، نمر بوقت عصيب للغاية، وكان الأولى من انشغال المجتمع برفض وقبول تعديلات عليها كثير من التحفظات أن ينشغل أكثر بترتيب حياة حزبية قوية، وخلق إعلام له دور أقوى فى محاولة خلق وزيادة الوعى لدى الأغلبية البسيطة، دور هام وضرورى للإعلام الحكومى حتى يغفر بعض من ذنوبه وخطاياه، بدلاً من أن نفتح الباب على مصراعيه لخلق أبطال من ورق، ومجرمين بلباس شرفاء هم ملوثون بدماء أبرياء.
وبما أن التعديلات قد تم تمريرها، فعلينا جميعا أن نحترم رأى الأغلبية، نحترم كل من اختار نعم بقناعاته، وليس بقناعات الغير التى تُكفِّر كل من قال لا، ويتهمهم بأنهم ديمقراطيين وعلمانيين وربما يساريين واشتراكيين وقريشين، وبدا الحديث عن نوع جديد من الغزوات، غزوة الصناديق، وربنا نسمع قريباً عن محاولة نشر الإسلام بين مسلمى مصر.
علينا جميعا أن ننتقل من "جهاد الكيبورد" إلى "جهاد الشارع"، أن ننتشر فى العالم الحقيقى الذى صنعنا منه تاريخ أبهر العالم أجمع بدلاً من أن نتواجد فى العالم الافتراضى، الذى ربما ساهم بشكل كبير فى صناعة هذا التاريخ، أو لنقل أن كليهما متكاملان، نحتاج لدور موازى لنشاطنا الفيسبوكاوى فى الشارع، كل مساحة جغرافية فى مصر الآن هى ميدان التحرير، وكل فرد يعتقد أن يمتلك الحق الإلهى فى تكفير الغير، والطعن فى طموحاتهم المشروعة هو ديكتاتور جديد يحتاج لأن نزيحه عن كرسيه بمجرد ملء فراغ!
نملأ الفراغ كل منّا بأدواته، وبما يملك حتى وإن كان القليل، نخلق دور لكل من ليس له دور، نبنى مصر التى نتمناها ويظل شهداء ثورة 25 يناير فى أذهاننا، ثورتنا لم تنته بسقوط النظام ولكنها بدأت، بدأت ثورة جديدة على سلوكياتنا وعاداتنا ومفاهيمنا المغلوطة، ثورة لتصحيح المسار، أو لبدء المسار، ثورة للداخل كى تنتقل للخارج بسلاسة، كى نوصل رسالة لكل من قد يضر المجتمع بأننا موجودون، وأن مصر ليست لعبة فى أيادى بعينها لها مصالح شخصية، ولا لفئة بعينها تعتقد أنها الأصح لمجرد أنها ترفع شعار الدين، محاولات أسلمة أو أسلفة الثورة هو سرقة تساوى الشروع فى قتل أمة بالكامل.. أمة قد تمرض لكنها لا ولم ولن تموت.
أحمد عبد العليم يكتب: علينا جميعا الانتقال من "جهاد الكيبورد" إلى "جهاد الشارع"
الأربعاء، 30 مارس 2011 03:34 م