إنه عالم مختلف تمام عما نظنه، وما نعده له من حسابات، ولديه أفكاره ومعتقداته وأولوياته الخاصة، فمن أراد الوصول للكرسى، سواء الرئاسة أو المجلس فعليه أن ينزل إلى الناس إللى تحت، ينزل الشارع، ويحتك بالبسطاء، وهذا مبدأ سياسى متعارف عليه منذ فترة فى مصر، فالاحتكاك بالناس فى الشارع أهم بكثير من برامج التليفزيون، واللقاءات الصحفية وغيرها، ولكن أنا هنا أتحدث عن النزول للشارع من وجهة نظر أخرى.
نعلم جميعا أن الشارع المصرى لديه مشكلة كبرى فى استيعاب العديد من المصطلحات السياسية، مثل: الدستور ، الليبرالية ، السلطة التشريعية و التنفيذية وغيرها، فنحن لدينا شريحة عريضة من البسطاء والجهلاء لا يفهمون هذا الكلام، ويحتاجون لمن يشرح لهم ذلك بصورة مبسطة، و المشكلة الأكبر أن الأمر لا يقتصر على الجهلاء فحسب، فلدينا شريحة كبيرة أيضا من شباب الجامعات لا يفهمون هذا الكلام، ولا يفقهون شيئا فى الحياة السياسية، فتجد الناس إللى تحت وأقصد بهم البسطاء ومن هم على سجيتهم لا يشغل بالهم إلا رغيف الخبز، وبعض شباب الجامعات لا يهتم إلا بالبنات واللوك وغيرها.
وربما صادفت أحد هؤلاء الذين صوتوا وفقا لوجهات نظر أخرى، ومن اقتنع بكلامك خلال دقائق معدودة على باب اللجنة، نهيك عن الذين قرروا البقاء فى البيت لأنهم لا يفهمون، ولا يريدون أن يبذلوا أى جهد من أجل الفهم، وإليك بعض وجهات النظر التى صادفتها بعد أن أدليت بصوتى، و بصراحة أغلبهم كانوا من البسطاء.
■يا عم أنا أقف فى طابور العيش أجدع، على الأقل هاستفيد بالعيش.
■يا بيه هو أنا فاهم يعنى إيه دستور علشان أروح أصوت، وبعدين بقالهم أسبوع فى التليفزيون والجرايد شوية يقولوا "آه" وشوية يقولوا "لا" لحد ما لخبطوا الواحد.
■أنت عايزنى أسيب الفرشة إللى باكل منها أنا وعيالى، علشان الدستور؟!
■يا أستاذ عدم المؤاخذة أنا راجل بصمجى لا بافهم فى السياسة ولا فى الكلام الكبير ده، فقررت أقعد فى بيتنا أتفرج على إللى بيحصل.
الاستفتاء انتهى، ولكن الغرض من هذا الكلام هو توعية هؤلاء، لأننا على أعتاب مرحلة جديدة، وسنخوض ما يقرب من 6 انتخابات فى مدة تقترب من عام واحد، سواء كانت رئاسية أو برلمانية أواستفتاء على الدستور الجديد، فما المشكلة من عمل برامج توعية للناس بلغتهم هم، ونشرح لهم كل فيها هذه المصطلحات بطريقتهم المبسطة، ونوضح لهم أهمية دورهم فى اتخاذ القرار، ولأن عدم توعية هؤلاء يجعلهم صيدا سهلا لكل من قرر أن يخوض انتخابات، سواء برلمانية أو رئاسية، وهذا أمر وارد جدا فى عالم السياسة، وهو إقناع الأخر أنك الأفضل بكل الطرق، ولكن إذا تم تنوير هؤلاء فلن يتم التلاعب بهم والاستخفاف بعقولهم، و سيختارون الأفضل وليس من يدفع لهم أو يوفر لهم فرص عمل، أو يختارون المرشح على أساس دينى.
كل هذه الرواسب مازلت عالقة بعقول الكثيرين من جيلى، ومن هم أكبر منى عمرا، لذلك فإن النزول للشارع أمر ضرورى، وحتمى فإذا كنت عزيزى القارئ مقتنع بهذا الكلام، فابدء بنفسك واقنع من حولك واشرح لهم معنى بعض المصطلحات، وكيف يختارون الأفضل، وبالتالى تكون قد ساهمت فى صنع الديمقراطية واختيار الأفضل، لأن التوعية أولى خطوات الديمقراطية فى مصر، لذلك يجب علينا أن ننزل للشارع.
