بيشوى رمزى رياض يكتب: التخبط الإعلامى.. بعد "حملة كنتاكى"

الإثنين، 28 مارس 2011 10:58 ص
بيشوى رمزى رياض يكتب: التخبط الإعلامى.. بعد "حملة كنتاكى" مبنى الإذاعة والتليفزيون

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصبح الدور الذى يجب أن يلعبه الإعلام محلاً للجدل منذ عدة سنوات، خاصة مع انتشار القنوات الفضائية، والتى فتحت المجال أمام جانب كبير من حرية التعبير، لم يكن معهوداً قبل زمن "السماوات المفتوحة"، وقد كان لتزايد القنوات التليفزيونية والبرامج الحوارية الدور الأكبر فى خلق قدر من التنافس الشرس حول تحقيق ما يسمى بـ"الشو الإعلامى"، والذى يهدف بالأساس إلى تحقيق أكبر قدرمن الثقة الجماهيرية والشعبية، لصالح إحدى القنوات أو البرامج على حساب القنوات أو البرامج الأخرى.

وفى سبيل تحقيق تلك الثقة، والتى افتقدها كثيراً الإعلام العربى والمصرى لسنوات طويلة، ظل خلالها يعمل لحساب الأنظمة الحاكمة، خوفاً من بطشها، بدأت بعض القنوات أو البرامج، من بينها بعض البرامج التى نشاهدها على شاشات التليفزيون الحكومى، فى إظهار قدر من المعارضة للنظام ورموزه وسياساته، ولكن فى الحدود المسموح بها، حتى يتمتع بشىء من المصداقية، تسمح له بالترويج لما تراه الحكومة "مصلحة عليا" بالنسبة لها، هو ما قد يفسر ظاهرة تزايد برامج التوك شو، والتى ترفع لواء المعارضة الظاهرية فى معظم الأحيان خلال السنوات الأخيرة.

ولعل المثال الأبرز على ذلك، هو تلك الحملة التى روج لها العديد من الإعلاميين المصريين، الذين ارتدوا قميص المعارضة كثيراً فى السنوات الماضية، فى بداية انتفاضة الشعب المصرى، والتى يمكننا تسميتها حملة "الكنتاكى"، والتى ألقت الاتهامات جزافاً على شباب 25 يناير بالعمالة، والتخابر لصالح أجندات أجنبية مقابل وجبات كنتاكى، وكذلك الإعلان مراراً وتكراراً عن وجود أجانب داخل ميدان التحرير تارة، أو وجود مهندس إسرائيلى بمسيرة فى السويس تارة أخرى، بهدف إجهاض الثورة, وتفكيك التحالف الشعبى معها، لصالح النظام وحكومته.

وبعد أن سقط النظام الحاكم فى مصر، استمرت معاناة الإعلام المصرى من حالة اختلال فى القيم والمعايير، أدت إلى فقدان معظم المنابر الإعلامية لمصداقيتها، نتيجة السعى فى إظهار مؤازرتهم للثوار، بل إن بعض البرامج قد نسبت لنفسها الفضل فى إشعال شرارة ثورة التغيير، وهو ما لم يقبله الغالبية العظمى من المصريين، وقد انعكس ذلك على بعض القنوات التى قررت إلغاء بعض البرامج التى نزلت عليها "لعنة الثورة"، أو على بعض الإعلاميين الذى فضلوا الابتعاد قليلاً لتحقيق نوع من الهدنة حتى لا يفقدون شعبيتهم التى يظنون أنها "طاغية"!!

وبالرغم من أن إلغاء وزارة الإعلام قد أثار تفاؤل العديد من المتابعين للمشهد المصرى، على اعتبار أن مثل هذه الخطوة ستدفع نحو المزيد من حرية التعبير فى مختلف المنابر الإعلامية، على اعتبار أن وزارة الإعلام تمثل رقابة حكومية على الأداء الإعلامى، إلا أنه مازالت هناك حالة من التخبط الشديد التى يعانيها الإعلام المصرى سواء كان حكومياً أو خاصاً.

فقد كان السلوك الإعلامى فى مرحلة ما قبل الاستفتاء الأخير دليلاً دامغاً على هذا التخبط، فقد تسابقت المنابر الإعلامية على استضافة بعض السلفيين وتلميعهم، ربما لاستعادة المصداقية المفقودة، فجعلت من قتلة الرئيس السادات أبطالاً، يدلون بآرائهم السياسية وتطلعاتهم للمستقبل القريب، والتى أعربوا فيها عن آرائهم تجاه "أهل الذمة"، وضرورة فرض "الجزية" وغير ذلك، وهى الأحاديث التى أثارت قلق قطاع كبير من الليبراليين والمثقفين بالمجتمع من ناحية، وخلقت كذلك صورة من الصراع الدينى بين السلفيين والكنيسة من ناحية أخرى.

فى الواقع أن جزءاً كبيراً من استقرار المجتمع وتماسكه يقع على عاتق الإعلام المصرى، خاصة فى المرحلة الحالية، والتى تتسم بقدر كبير من الفوضى، والتى امتدت إلى كل مناحى الحياة تقريباً، فهناك فوضى أمنية، وفوضى اقتصادية، وفوضى مرورية، وغير ذلك، ولذا فإننا لسنا فى حاجة إلى فوضى إعلامية قد تثير انقساماً داخل المجتمع، لسنا فى حاجة إليه فى هذه الآونة.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة