فى خطوة تعد الأولى من نوعها نحو التوجه فى سياسية مصر تجاه القارة الإفريقية بشكل عام ودول حوض النيل بشكل خاص، يزور رئيس حكومة تسيير الأعمال الدكتور عصام شرف بصحبة وفد وزارى عالى المستوى يضم وزراء الخارجية والتعاون الدولى والرى والكهرباء السودان بشماله وجنوبه مستتبعا إياها بزيارات مماثلة للعديد من الدول الإفريقية لاسيما دول حوض النيل.
هانئ رسلان مدير دراسات حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية قال إنه هذه الزيارة تستمد أهميتها من محورين الأول هو التعبير الواضح والصريح عن إحساس مصر خلال مرحلة ثورة 25 يناير وما أعقبها بالأهمية الاستراتيجية لمنطقة حوض النيل وفى القلب منها السودان بشماله وجنوبه أما الثانى يتمثل فى الموقف المستجد والمتعلق بأزمة المياه خاصة بعد توقيع بوروندى على اتفاقية "عنتيبى" التى ستدخل حيز التنفيذ بعد شهور قليلة.
وِأشار رسلان إلى أن هذه الزيارة بمثابة رسالة من مصر إلى دول حوض النيل فحواها أن ملف المياه يأتى على رأس أولوياتها، موضحا أن السبب المعلن للزيارة هو اهتمام مصر بالبعدين الاقتصادى والمائى، مشددا على البعد الأمنى الذى وصفه بـ"غير المعلن" والمتمثل فى تهريب أسلحة إلى جنوب مصر من ناحية السودان الشمالى.
وأكد أن محور نقاش شرف مع المسئولين السودانيين يدور حول الأمن المائى، لافتا إلى حاجة مصر لتقييم سياستها تجاه حوض النيل وضرورة تبنيها لاستراتيجية جديدة بالرغم من الكثير من التعقيدات وربما العزلة التى قد ستواجهها مصر خاصة بعد انقسام السودان فى يوليو المقبل.
وحول الاجتماع الأخير الذى ضم دول حوض النيل الشرقية فى مصر نهاية الأسبوع الماضى، أوضح رسلان أن هذه الاجتماعات تشكل جزءا من أنشطة الحوض الشرقى التى توقفت منذ فترة طويلة ولم يتم تفعيلها بسبب الخلافات بين مصر وإثيوبيا حول الاتفاق الإطارى لحوض النيل، مشددا على ضرورة توطيد العلاقات مع الحوض الشرقى الذى يمد مصر بنحو 85% من مياه النيل تأتى من الهضبة الإثيوبية.
ومن جانبه قال محمد فايق وزير الإعلام الأسبق والمسئول عن ملف العلاقات المصرية الأفريقية فى عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر أن رئيس الوزراء بدأ زيارته إلى دول حوض النيل بـ"السودان" لما تمثله من أهمية كبيرة لمصر باعتبارها امتداد للأمن القومى المصرى، فضلا عن الأهمية الخاصة لجنوب السودان، تلك الدولة الأفريقية الجديدة التى ستكون مصر ثانى دولة تعترف بها، على حد تأكيده.
وأوضح فايق، أن رئيس الوزراء اصطحب، فى زيارته سبعة وزراء الأمر الذى ينم عن تدشين العديد من المشروعات التعاونية المختلفة، مشيرا إلى الحاجة الضرورية لرجال أعمال جدد يستثمرون فى دول حوض النيل.
ولفت فايق إلى أهمية السودان وما تمتلكه من 200 مليون فدان قابلة للزراعة وتقع على نهر النيل، بالإضافة إلى ثوراتها الهائلة خاصة بعد ظهور البترول واليورانيوم والمعادن.
وأكد أن هناك محاولات لجعل أفريقيا جزء من العالم الغربى، فى الوقت الذى تمثل فيه هذه القارة السمراء نهضة حقيقية لمصر بما تملكه من مواد خام وثروات تحتاج إلى قوى بشرية تتيحها القاهرة، مشيرا إلى أن مساحة افريقيا تمثل خمس مساحة اليابس فى العالم، قائلا أن مساحة إقليم دارفور السودانى وحده أكبر من مساحة فرنسا، بل أن مساحة جمهورية الكونغو الديمقراطية أكبر من مساحة القارة الأوروبية.
وحول تعامل النظام السابق مع القارة السمراء، أضاف فايق "نحن شهدنا نظام من أسوأ الأنظمة التى لم تقابلها مصر من قبل، حيث تم تهميش دور مصر فى أفريقيا بشكل غير مبرر على الإطلاق".
وشدد فايق على دور كل من الصحافة والتعليم فى تعزيز أهمية أفريقيا بالنسبة لمصر، متمنيا أن يتضمن الدستور الجديدة مادة تنص على هوية مصر الإفريقية بما تمثله من مستقبل حقيقى.
واقترح فايق على وزارة الرى مساعدة إثيوبيا فى إنشاء مشروعاتها، خاصة وأن إثيوبيا لديها 12 حوض نهر أخر بخلاف نهر النيل وهى ليست بحاجة إلى المياه بقدر حاجتها إلى استغلال ما تمتلكه من مياه.
وأردف "لدينا وزير خارجية حالى من أكفأ الدبلوماسيين، وكان عضوا فى المحكمة الجنائية الدولية بنيويورك، وأنا فخور لكون د. نبيل العربى وزير خارجية".
ومن الناحية القانونية كرر الدكتور أحمد رفعت، أستاذ القانون الدولى وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، تأكيداته السابقة بأن الاتفاقيات التاريخية التى وقعتها مصر بشأن حصتها فى حوض النيل سارية المفعول وقائمة، موضحا أن مصر لم تعترض فى بادئ الأمر على الاتفاقية الإطارية ولكنها أصرت على إضافة بند يتعلق بحقوقها التاريخية، بحيث أن تعمل هذه الاتفاقية الإطارية على زيادة حصة مصر أو لا تقلل من حصتها الحالية على اقل تقدير، ولكن اعترضت ستة من دول المنبع.
بعد توجه "شرف" لدول حوض النيل".. خبراء: زيارة رئيس الوزراء تدل على عودة ملف الأمن المائى إلى أجندة أولوياتنا.. والنظام السابق همش دور مصر فى القارة السمراء دون تبرير..
الإثنين، 28 مارس 2011 05:10 م
الدكتور عصام شرف رئيس حكومة تسيير الأعمال
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة