إشارة إلى مقالة الأخ عمرو لقوشة الأخيرة تحت عنوان (فلتحيا أمريكا وليسقط العرب) ألفيت شرخا فى الفهم عظيما لا بد ومن الوقوف عليه لأنه بمثابة شرخ يكاد يطيح بالأساس ألا وهو أساس العزة والكرامة والإباء، وأشير بالقول إلى أنى لست فى موقع الدفاع عن أمريكا وسياساتها مطلقا وأرفض تدخلها بحال من الأحوال لكنى أكاد أدهش من لفيف أو جمع غير قليل من القراء وقد أخذوا بمقال أخينا عمرو فتكالبوا جميعا مسددين السهام ضد ما اتخذته أمريكا وبعض من حلفائها ضد القذافى العنيد مؤيدين للمقال بصورة أنبأت عن شرخ فى الفهم والوعى خطير، وكأنها المظاهرة التى تختلط فيها الكلمات الحماسية والبذيئة وغير الواعية بالمرة كأنك بين جمهور كرة القدم المتحمس حيث يختلط من ثم الحابل بالنابل، وإذا بالطيبين يشاهدون المقال كأنه التكالب ضد ثورتنا الفتية والرائدة فى مصر والتى شهد لها العالم بالكبرياء والاعتزاز.
كأن هؤلاء الحماسيون معلنون أن الثورة أصبحت مثل سحابة صيف أمطرت بشدة ثم توقفت، كلا والله فأمريكا كانت الحارسة لأمن مبارك ورجال نظامه فلن تجد مطلقا خيرا منه رجلا يمثلها وجدارا يحمى طفلتها المدللة إسرائيل، لكنها تعاملت مع حدث الثورة بمنتهى الدقة والدبلوماسية حيث وجدت واستشعرت إرادة شعبنا الحر فتوقفت وتسمرت وظلت مكتوفة الأيدى، ألا سمعتم من قبل ما صرح به بطرس غالى للعاشرة مساء أثناء أحداث يناير أنه فى حال تعقد الأزمة يمكن اللجوء للتدخل الدولى، لكن الله سلم ولطف.
هذا بطرس غالى لسان حال الأمم المتحدة السابق والوزير المصرى المخضرم، فكيف بالله لهؤلاء الذين أصابهم الشرخ فى الفهم أن ينسوا ويمحوا بجرة قلم أفاعيل أمن الدولة وسقطات الكبار وضياع الأموال وكبت الحريات ثم ينساقوا هكذا بعاطفة غير محسوبة معلقون وألم يسألوا أنفسهم لماذا وكيف خرج الشعب الليبى الطيب؟ مطالبا بفك قيوده، فلا تخرج الشعوب هكذا لمجرد صرخة أطلقت ويعلمون مسبقا مدى جسامة خروجهم والقذافى قراقوش العصر واقف لشعبه ولكل من يعارضه والشواهد على ذلك كثيرة والأدلة لا تنتهى واسأل من عاش فى ليبيا من قبل وشاهد بأم عينه كيف يحكم بالإعدام على الناس؟
إن غياب الصورة والمعلومة هو أخطر ثغرة اكتشفت فى هذه الساعة عن أسباب ثورات العرب، الكثيرون لم يحيطوا علما بالأسباب التى خرج لأجلها شعب تونس فكثيرون قالوا: ما لهم ما كانوا عايشين؟؟!! سياحة وغيره وعدد السكان قليل ودخلهم حلو!! هذا انطباع العامة فعلا، وأيضا فى العرب من قال: ما لهم المصريين ما كانوا عايشين، اللهم إننا كنا نتكلم كثيرا ونعبر عن ضيقنا بطبيعتنا الثرثارة الطيبة فى كل مكان وكان غسيلنا منشورا أقربها التمثيليات!
وهكذا قيل عن شعب اليمن، إذن يا أخ عمرو لا هى أمريكا ولا غيره، إنما هى إرادة الله ومشيئته سبحانه (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات يذكر فيها اسم الله كثيرا) فنرجو ألا تتكرر نغمة الإحباط السقيم التى يطلقها بعض الطيبين، ثم قل لى بالله عليك كيف يترك الشعب الليبى وهذا المجنون الحاكم لهم يقتل ويذبح ويعيث فى الأرض فسادا؟ فنحن فى مصر مشغولون بأمرنا وحالنا وغيره وغيره فمن ينقذهم من القتل والسفك بغير حق، والقاعدة الشرعية تقول: "فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء إلى أمر الله" أليس كذلك؟ إذن لا تحيا أمريكا ولا تسقط العرب، وإنما يجب أن تصحح المعلومة ويتعرف بعضتا على بعض جيدا.
وحقيقة أخرى تضاف إلى ما ذكر أنه لازلنا نعانى جلد الذات وغياب الثقة الرائعة بالنفس فلما هذا الجلد والترحم على عصر ظالم ولى وانتهى فأفيقوا جميعا إنكم أحرار والأقوى الذى نسيته ونسيه المعلقون على مقالك أننا اكتسبنا إرادة جديدة وانهار جدار الخوف تماما ويبدو أنك يا أخ عمرو لا تصدق هذه الحقيقة الرائعة، وختاما أحييك على ما أثرته حتى تتجلى الصورة.
مسعد البرديسى يكتب: لا تحيا أمريكا ولا يسقط العرب
الأحد، 27 مارس 2011 09:01 م