من أهم مكتسبات ثورة 25 يناير لكل المصريين أننا كفرنا بالخوف والنفاق، ولن ينجح أحد فى إثنائنا عن الجهر بالحق، حتى لو كلفنا ذلك تحمل المشاق وتكيل الاتهامات لنا، فإرضاء الله ثم المحافظة على وحدة ومصلحة الوطن، أهم بكثير من أى توازنات فالمواجهة وتعرية الحقائق للرأى العام واجب كل إعلامى فى هذه المرحلة.
ومن هذا المنطلق أرى علينا جميعا، أن نواجه المتشددين والمتطرفين من المسلمين والمسيحيين، على حد سواء، ولقد أثرت فى حادثة وقعت بمحافظة قنا، حيث قامت مجموعة ممن ينتمون للتيار السلفى بتعقب قبطى كان يقوم بتأجير شقته لفتاتين مسلمتين من خارج المحافظة، وظن هؤلاء أنها تتم إدارتها للأعمال المنافية للآداب، وقرروا حرق سيارته وشقته وقطع إذنه تحت دعوى تعذيره!
ولا أدرى تحت أى مظلة قام هؤلاء بهذا العمل المشين، الذى ينال من اعتدال الإسلام ويسىء لنا كمسلمين، فكلنا نعلم أن الحدود والتعذير لا يقوم بها إلا أولياء الأمور من الحكام، وأن الفقهاء لم يسمحوا للمحكومين بإقامة الحدود، فهل هو الهوى والإعجاب بالرأى، ولعل ما قاله د. صفوت حجازى ومحمود المصرى وهو من علماء السلف المعتدلين، خير دليل على رفض هذه النوعيات المتشددة، حيث أكدوا "أن إقامة الحد من سلطة ولى الأمر فقط الرئيس أو الملك أو ما ينوب عنه فى ذلك سواء كان القاضى أو غيره، وليس للناس أن يقتص بعضهم من بعض، وكل حد له طريقه لإقامته "وليس فى الإسلام حد قطع الأذن إلا فى حالة واحدة فقط وهى القصاص بمعنى إذا قطع شخص أذن آخر فيحكم القاضى بقطع أذنه".
فقد تناسى هؤلاء أن الإسلام أمرنا أنه عندما يرى الإنسان أى شخص يرتكب خطأ، ففى البداية يجب أن ينصحه، فإذا لم يستجب نشتكيه للجهات المختصة، لكن ما حدث فى قنا لا نستطيع أن نصفه إلا بالبلطجة، التى لابد أن نواجهها بكل قوة، فالصلح لايكفى ولكن لابد من المحاسبة القانونية، حتى لا تتحول الأمور لفوضى، وأطالب علماء التيار السلفى، وأعلم أن الكثير منهم حريص كل الحرص على مصلحة الوطن، أن يتصدوا لهذه النوعيات المتشددة وأن ينيروا أفكارهم قبل أن تقع الكارثة، وتظهر لنا تيارات التشدد والتنطع من جديد، وحتى لا يزايد على أحد فأنا ابن التيار الإسلامى وأتشرف بالانتماء لهذا الفصيل، لكن علينا أن نتصدى لأى تطرف أو تشدد، لأننا ذقنا الأمرين من هذه الأفكار التى تسىء لدين الاعتدال الإسلام.
كما علينا أيضا أن نتصدى للتيار المتشدد فى الجانب القبطى، الذى يحاول ابتزاز المجتمع المصرى، وإشاعة الفوضى فيه، من خلال تنظيم مظاهرات تطالب ببناء الكنائس وتحقيق مكاسب دينية، فى هذا الوقت الحرج من تاريخ مصر، كالمظاهرة التى نظمها بعض الأقباط أمام ماسبيرو أمس، وقادها مجموعة من المعروف بتطرفه وتشددهم، ومنهم القس متياس نصر، ومجموعة من الشباب المرتبطين بأجندات غربية، من خلال علاقاتهم الوطيدة ببعض أقباط المهجر المشبوهين، وهنا نهيب بقيادات الكنيسة الوطنيين، أن يتصدوا لهذه المجموعات التى تحاول أن تصطاد فى الماء العكر، وتعكر صفو الوحدة الوطنية.
علينا جميعا أن نتحمل تبعات هذه المرحلة الحرجة، التى تمر مصر بها الآن، فلا وقت للمطالب الفئوية أو الدينية، ولا وألف لا للفتن الطائفية والفوضى وعدم الاستقرار، وعلينا جميعا مسلمين ومسيحيين أن نتصدى للمتشددين المسيئين لسماحة الأديان السماوية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة