ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية من فرحة ذاعت قلوب مصر بشتى مناطقها وتجمع الشباب بميدان التحرير تحت مسمى الشعب يريد تطهير البلاد، فكان الشعب حقا يريد العزة بعدما وقع فريسة بيد الحكومة النظيفة، والتى تناولنا من خلال بعض رجالها كأس الإهانات والمكابدة، فمضى الكثير ضحية لهذا الكأس، ولكن اليوم علقت زغاريد النساء بسماء مصر تعبر عن الفرحة التى ظهرت بقلوب الجميع، فسجد الجميع لله حمدا على هذا، وكان وقوف المسلم والقبطى تعاضدا للوحدة الوطنية رافعين اليد للسماء حتى تنزل رحمة الله على أهل مصر وهذا حتى استجاب الله لهم، وبدأ هذا بعدما ذاد حكومة الدنيا التى رسمت نقطة سودا بجانب سجل وطنية الرئيس السابق بعدما كانت العامل الرئيسى حتى ذاد الشعب على الحركة.
و برغم فرحتى من أجل العهد الجديد إلا إن قلقي قد زاد، ولكن يجب أن نتحدث أكثر صدقا حتى نحقق ما نتمنى من الاستقرار والازدهار.
فى حقيقة الأمر ما قمنا به من مظاهرات تعبر عن مطالبنا، أصبحت تاج من الخوف ترتديه مصر أمام أعدائنا بالخارج، فإرادة الشعب هى التى تدثره حتى يدثر كل معالم الفساد، ولكن فى ظل تلك الظروف فرضت علينا بعض الأخطار التى ظهرت من قبل الدهماء الغوغاء، وكان ظهورهم بداية لظهور ركض جديد داخل البلاد، فمضى كل فريق من هؤلاء الغوغاء يخرب ويدمر كما شاء، حتى هب الشعب روعا منهم، ومن هنا بات بعض المحافظين على أملاكهم ضحايا لهؤلاء الرعاع، كما سقط الكثير من أبناء الثورة بين شهيد ومصاب بعدما أصبحوا قربانا للعهد الجديد حتى يأتى.
ومن هنا وبعد أن سئل الجميع نفسه عما يحدث بمصر اليوم وهل حال مصر اليوم مجرد جسر للعبور أم محطة أخيرة، فمن المؤكد كانت إجابة الجميع بأن ما يمر بمصر الآن جسر للعبور حيث يتم نقل مصر لعهد جديد يكون الشعب به هو الحاكم والمحكوم فى الوقت ذاته، ولكن كيف نفعل ذلك فى ظل تواجد الكثير من الأعداء داخل مصر وخارجها، الحل برأيى هو السيطرة على الركض الداخلى أولا، ونشر الأمن والاستقرار حتى لا يكون هؤلاء مجرد يد يحركها البعض لحسابه الخاص ضد مصر وأمنها، ولكن هل يمكن السيطرة على العدو الداخلى بوقت قياسى أم لا؟ فيتمثل العدو الداخلى بأمر الغوغاء المدمرين والمتسببين بظهور الرعب نحو الشعب كما تم الذكر، إضافة إلى ذلك ظهور البعض من الأحزاب على مسرح البيئة السياسية ومحاولة البعض منهم اقتلاع مقاليد الحكم لذاته مما يؤدى إلى تصارع الأحزاب من أجل الحكم، والتى تصبح بذات الوقت عدوا أخطر من العدو الخارجي، وهذا ما وجدته حقا بحكم اطلاعى على تاريخ الحضارات السابقة، و ما حدث بمصر خلال الأيام القليلة الماضية من الطعون بمجلس الشعب وفكرة حل البرلمان، كل هذا أوهن من كاهل الاستتباب بمصر، وإذا عجزت مصر عن حل واحدة من هذه المشكلات سوف تصبح كبش الفدى للدول العربية لدى الغرب بهذا العام، فلذلك أدعوكم جميعا بالحرص والتفكير قبل اتخاذ إجراء بشأن مصر، وندع المصالح الشخصية جانبا حتى نعمر مصر ونحافظ عليها، فعين العدو تحيط بنا وتطوقنا من كل جانب، فيجب على الإنسان أخذ القرارات التى تحافظ على شأن مصر وأهلها.
و كلنا يعلم ما يقوم به العدو الخارجى، وسعيه الدائم لتخريب أمن مصر حتى تصبح فريسة يسهل السيطرة عليها، ومن هنا يجب أن نزرع البيئة السياسية بكل زهور الاستقرار الداخلى كما يجب علينا حصاد ذلك فى القريب العاجل، فقد قضت مصر الكثير من عمرها خاضعة للكثير من الدول، وتحملت الكثير من سبل الإهانات والاستغلال، وحاربت كل الطرق المبتكر من قبل الأعداء للسيطرة عليها وعلى دخلها الاقتصادى، حتى الستة عقود الأخيرة منذ تولى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وحتى اليوم، وبدأ الناصر حكمه تحت اسم الاشتراكية بعدما تحولت مصر لجمهورية، وبرغم ما حدث بعهده لكنى أقول بأنه كان المخلص لطبقة البروليتاريا فقراء الشعب وعماله كما قال كارل ماركس من الطبقة الأرستقراطية المسيطرة على الاقتصاد المصري، كما جاءت سياسة السادات البارزة لإظهار الرأسمالية وتزويج الدين بالسياسية بنشر دعوة الأخوان، إلا أن هذه العقود كانت أفضل مما سبق بعدما أصبحت مصر للمصرين، وحتى إن عجز مبارك عن نشر الديمقراطية بتحايل البعض على القانون، وتوظيف الكثير من أصحاب الأقلام لصالح هؤلاء الرجال بعد أن حاولت القضاء على ليبرالية الإعلام المصري، لذلك لابد وأن نتكاتف جميعا من أجل نصرة مصر، واستكمال ما بدأ به الأحرار، حتى لا نسقط فريسة بيد الاحتلال، فحقا قضى الشعب المصرى الأيام الماضية فى حالة من الفرحة والاحتفال. فلدينا الآن فرصة التغير لمرحلة الشباب، فمصر شأنها مثل شأن الإنسان، حيث تمر بمرحلة الصبى ثم الشباب ثم الشيخوخة، كما يمكن أن تموت مصر تحت ضغط إمبريالية الدول العظمى، أو ما يسمى بالاحتلال، ولكن ما مضى على مصر منذ الستة عقود الأخيرة لا يكمن أن يكون بنظرى سوى مرحلة نمو، وجاءت ثورة 25 يناير لتكون هى الحد الناهى لهذه المرحلة، ومنها نصل للمرحلة التالية وهى مرحلة الشباب، ولهذا يجب التفكير جيدا قبل إطلاق أى شى حتى لا تكن حركتنا مثل ظل الشمس الذى يأتى ويذهب دون ترك أدنى أثر، ولا نكن مثل القشة التى قسمت ظهر بعيرها، فأتمنى التفكير جيدا حتى نتوج انتصارنا باستقرار مصر وتقدمها.
حفظ الله نيل مصر وشعبها
