هوة سحيقة بين فكر وحنكة وقوة حجة الأستاذ محمد حسنين هيكل، والممثل الشاب عمرو واكد، فالحوار الذى أذيع مساء الاثنين21/3/2011 بالتزامن على قناتى "أون تى فى" و"دريم2" كان من الأهمية بمكان، وتمنى المتابعون أن يكون المحاور على قدر الضيف.
أسئلة فى غاية الأهمية طرحها شباب مصر من خلال موقع مصراوى أفرغها واكد أمام الأستاذ ففند معظمها، وتحدث باستفاضة فى بعضها.
ورغم أن إجابات الأستاذ يتولد من خلالها أسئلة توجب على المحاور أن يلتقطها إلا أن الحوار بدا وكأنه من طرف واحد.
أهم ما يلفت النظر فى حديث الأستاذ هو انتقاده للتسرع أو ما أسماه بـ(الطلسقة) من قبل المسئولين فى مصر الآن للتخلص من عبء السلطة، فالمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى قام ويقوم بمهمة وطنية جليلة يتمنى أن تنتهى الفترة الانتقالية على خير، ويتم تسليم السلطة إلى الحكومة الجديدة فى أسرع وقت ممكن، ليتخلص من المشاكل التى ربما لم تظهر بعد والتى يحويها ما أسماه الأستاذ بـ(الصندوق الأسود) الذى اعتبره مليئا بالمفاجآت والاتفاقيات السرية والمشاكل السياسية التى لا قبل لكائن من كان بمواجهتها أو الصبر عليها.
فساد ثلاثين عاما على المستوى السياسى والاقتصادى والثقافى والاجتماعى إرث هائل من السلبيات التى ستقف فى وجه كل من يحاول فتح هذا الصندوق، فأيام النظام السابق ولياليه كانت حبلى ولازالت مليئة بالمفاجآت، ويبدو أن مصطلح الحمل المزمن الذى لم يستخدم من قبل هو الأدق فى وصف تلك المرحلة التى لا مخاض واضح لها فى المستقبل القريب.
تحدث الأستاذ عن المرشحين للرئاسة وخص عمرو موسى ومحمد البرادعى، وأثنى عليهما كثيرا، وعلى الجانب الآخر كانت انتقاداته وملاحظاته منطقية وفى غاية الدقة، فالاثنان لم يمارسا الحياة السياسية على أرض الواقع، ولم يكن لأى منهما دور سياسى محدد فى مصر، ولم يعيشا على أرض الوطن بالقدر الذى يجعلهما محتكين بشكل مباشر بمشاكل المواطن اليومية، كما أنهما استنفدا مواقعهما الوظيفية كأى موظف حكومى حتى الرمق الأخير، بالإضافة إلى أنهما ربما تعديا الخامسة والسبعين من العمر!
الأهم من هذا كله من منهما سيقوى على فتح الصندوق الأسود لمواجهة ما به من مشكلات قد تودى بأى منهما مبكرا، أو أنها ستجبره على السكوت وعدم المواجهة فيصبح بذلك جزءا لا يتجزأ من الفساد نفسه.
هذه الملاحظات بالتأكيد ستؤثر سلبا على الشخصيتين الأبرز فى سباق الرئاسة المصرى –على حد قول الأستاذ- والكثيرون يرون ذلك.
الأستاذ يرى ـوهو محق فى ذلك- أن الثورة التى فجرها الشباب ومن ورائهم الشعب المصرى كانت ثورة عظيمة بكل المقاييس، ويرى أيضا أن الثوار حطموا الأغلال وتخلصوا من قيود النظام البائد وكسروا كل الأبواب المغلقة، إلا أن مفاجأتهم بما حققوه من نجاحات كانت أكبر من الفعل نفسه، فوقفوا حائرين على ركام القيود والأبواب والأغلال منتظرين ماذا سيحدث، وماذا سيفعلون بعدما حصلوا على مبتغاهم.
وكان وصف الأستاذ لهذه الحالة كمن جاهد ودفع كل غال ونفيس من دماء وأرواح ليصعد إلى سطح القمر وعندما وصل القمر وقف مشدوها، لا يعرف ماذا يريد بالتحديد، فسألوه عن حاجته فكانت إجابته: جئت إلى القمر لأشترى كيلو كباب!
هل وضحت رؤية الأستاذ؟ هل وجدت كلماته سبيلها إلى عقولنا وعقول شباب ثورتنا ثورة مصر العظيمة؟ هل تعلمنا من الأستاذ ما هو المطلوب فى هذه المرحلة؟
هو يرى أن المطلوب أولا معرفة أين نحن وما موقعنا من العالم بالضبط؟ وماذا نريد؟ وماذا لدينا لنقدمه لمصر؟ كما أنه نصح الشباب بتنظيم أنفسهم والمشاركة فى الحياة السياسية من خلال المطالبة بمجلس وطنى تأسيسى تنضوى تحت لوائه كل التيارات السياسية لوضع أسس تنظيمية لدولة حديثة تستحقها مصر والمصريين.
فهل نحن جاهزون لخوض غمار تلك المخاطر التى تحدق بنا وبأمتنا المصرية؟ والسؤال الأهم: هل نحن مستعدون لمواجهة ما يخبؤه لنا الصندوق الأسود؟
حسام الشيخ يكتب: الصندوق الأسود والنظام الأسود
الأربعاء، 23 مارس 2011 05:37 م