ازدحام الدماغ بالأفكار يؤدى أحيانا إلى العجز عن الكتابة والحيرة الشديدة فى اختيار الموضوعات، وأيضا الارتباك الذهنى، خاصة إذا كانت هذه الموضوعات جدلية وخلافية وشديدة الأهمية والحساسية.
ونحن الآن فى مرحلة تزاحم الأفكار وتصارعها ويصاحب ذلك خوف تلقائى من الغد.. لا يعلم أحد ما يمكن أن يحدث بعد يوم أو أسبوع أو شهر.. ويظل عامل الوقت خطيرا ويعطى فرصة جيدة للتغيير أمام الفاسدين لترتيب أوراقهم والانقضاض على الوضع القائم.. وكلما طال زمن قضية زادت فرصة التغيير واللعب فى الأدمغة.. وأخطر ما يواجه الثورة الآن هو اللعب فى الأدمغة وتسلل المتربصين بين الثوار وإعادة أوضاع قديمة وعادات خطيرة من المفترض أن الثورة قضت عليها.
يحدث ذلك فى السياسة وفى الدهاليز السرية المحيطة بالثورة التى غيرت الأوضاع بالفعل بينما نحن فى الرياضة ننتظر وصول قطار الثورة إلى محطتها الفاسدة، إلا أنه يأبى الوصول .. تأخر كثيرا بينما الرياضيون تعبوا وأصابهم الملل من تكرار النداءات بتطهير قطاع خطير له علاقة مباشرة ووثيقة بالرأى العام.
ونخشى ألا يصل قطار الثورة أبدا إلى الرياضة رغم أنها كانت أكثر البؤر فسادا قبل الثورة ولو عدنا إلى الوراء واعدنا قراءة الصحف ومشاهدة الفضائيات سوف نندهش ألا يصل إلى الرياضة قطار الثورة.. سوف نتعجب من حجم الفساد والفوضى فى اتحاد الكرة لدرجة أن عضو مثل مجدى عبد الغنى تسبب بمفرده فى تشويه صورة اللعبة وتركه سمير زاهر المشغول بفلوس الجبلاية يقحم نفسه فيما لا يعنيه حتى وصل به الأمر الى التسبب فى استقالة صلاح حسنى مدير الاتحاد.. ونستطيع القياس على ذلك فى كل الاتحادات والأندية.. ومن عجائب الفوضى وافتراض الغباء فى هذا الشعب الذكى الأصيل أن يتجرأ حسن حمدى ويربط بينه وبين النادى الأهلى فى قضايا وبلاغات إلى النائب العام.. هذا يمثل استهانة شديدة بالرأى العام وبذكاء المصريين وتكرار طلب حماية من جماهير عريضة تعود مسئولو الأهلى على الاحتماء بهم فى قضايا كثيرة أضرت بالسلام الاجتماعى وانهارت بسببها شرعية المؤسسات الرياضية الحاكمة للعمل الرياضى .. فأصبح اتحاد الكرة ألعوبة ومخزن فساد وفوضى لا ينضب.
والزمالك الذى كان عرضة دائما لاتهامات بالفساد وإهدار المال العام قبل الثورة ، لا تريد إدارته الحالية إن تفرج عن مستندات هذا الفساد لأسباب ودواعى شخصية ولا احد يتقدم ويفتح الملفات القديمة وكيف ذهبت الأموال الى جيوب لصوص لم تلاحقهم المحاكم كما ينبغى .
والغريب أن الشعب الذى انتفض وصنع ثورة عالمية فى خصائصها وطبيعتها ونزاهتها هو نفسه الذى يشكل الجمعيات العمومية لهذه المؤسسات الرياضية الكبرى .. لكن للأسف هذه الجمعيات متراخية وربما تستفيد رموزها من الأوضاع الفاسدة .. فلا نجد تحركا فى الأهلى يواكب الثورة العظيمة ويقول لا للإدارة الأبدية التى كانت تفسد كل شئ وتقاوم الديمقراطية وتسئ لمنافسين شرفاء من اجل أن تسيطر مجموعة محددة على مقاليد الإدارة ولا تسمح ولو لفرد واحد أن يتسرب إليها .. مثلما حدث مع محمود طاهر والعامرى فاروق .. وما حدث سابقا مع حسام بدراوى بتضامن فاسدين محتكرى الادارة الأبدية ورموز إعلامية منتفعة تقدم نفسها الان وكأنها تحتكر الفضيلة .. ولا ننسى كيف أساءت هذه الرموز وشوهت صورة حسام بدراوى.
الوسط الرياضى مازال متعفنا والإعلام الرياضى ما زال بعيدا عن الثورة يتفرج عليها ويشم رائحة العفن ولا يقل "أف".. بل يزيد من العفونة عندما يمارس واحد من رموزه هواية إشعال الحرائق ليصبح فى بؤرة ضوئها مثل هذا المغرض المتلون بمائة لون الذى استحدث فكرة أن حسن شحاتة سوف يحل محل حسام حسن فى تدريب الزمالك والذى ادعى أنه جرئ بما فيه الكفاية رغم انه كان جبانا بما فيه الكفاية قبل الثورة وكاد يبوس رجل خصومه وتمنى لو سمع صوت علاء وجمال مبارك فى برامجه.. ثم يفاجئنا ككاتب مقال خبير بنصيحة أن نضرب على الفساد بيد من حديد وهو الأكثر احتياجا للضرب بالأحذية سواء قبل الثورة أو بعدها.
إبراهيم ربيع يكتب: متى يصل قطار الثورة إلى الرياضة؟!
الثلاثاء، 22 مارس 2011 06:06 م