نعم إنها المرة الأولى لى، ومن المؤكد لملايين من المصريين، والتى نشارك فيها فى الحياة السياسية، أو بمعنى أدق فى أى انتخابات برلمانية أو رئاسية أو أى استفتاء، نظراً لما كان يحدث من تزوير وبلطجة وغيرها من العوامل التى أجبرتنا على السلبية، الآن نقول "نعم" أو "لا"، ونحن نؤمن إيمانا تاما أن صوتنا أصبح ذى قيمة، وقد يحدث الفارق ويحدد مصير بلد كاملة وأصبح لنا صوت بعد سنوات فقدنا فيها القدرة على الكلام من الأساس.
كانت تساورنى هواجس مخيفة طوال الليلة السابقة للتصويت على الاستفتاء بأنى سأجد حشوداً من البلطجية لقمع الناس وتقفيل اللجان، ومن يفرقون الأموال على البسطاء من أجل الوصول لنتيجة بعينها لخدمة مصالحهم الشخصية، ولكن حمدا لله أن ذلك لم يحدث ولأول مرة أتأكد أن النتيجة ستكون عادلة سواء كانت "نعم" أو "لا".
فى البداية كانت الحشود الغفيرة سبب فى تكاسلى ورغبتى فى الخروج من الصف والعودة للمنزل من جديد وأنا أقول لنفسى "يا عم نفض يعنى هى جات عليك!"، ولكن إحساسى بل يقينى أن صوتى قد يحدث الفارق هو ما جعلنى أستمر وأدلى بصوتى، وما جعلنى أزيد من إصرارى على التصويت المسنين الذين أتوا ليقولوا ليصوتوا للتعديلات، فما بالنا نحن الشباب! والمشهد الذى أكد لى أننا نسير على الخطى الصحيحة وفى طريقنا لتحقيق كل ما كنا نحلم به ذلك الرجل الجليس على كرسى متحرك "يعانى شلل نصفى منذ فترة"، وجاء ليدلى بصوته ووقف فى الصف ولم يطلب منا أن نفسح لها المجال ولكن تقديرا منا أفسحنا له الطريق، وحينما سأله البعض عن سبب قدومه فى ظل ظروفه المرضية رد عليهم "أنا جيت ومش طمعان فى حاجة لنفسى بس جيت علشان أموت وأنا مطمن على مستقبل أحفادى وأن ليهم كرامة فى بلدهم" ولا أستطيع أن أصف لك كم أثر فينا جميعا هذا الكلام.
وبما أن رأيى لن يؤثر فى أحد الآن، فأنا كنت من قافلة "لا" والتى كانت تطمح لدستور جديد قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية ولكى أعطى فرصة للشاب الذين قاموا بالثورة لإقامة أحزاب سياسية جديدة واختيار من سيمثلهم فى المجلس المنتخب ولكنى - وأتمنى من كل من صوت بـ"لا" - تقبل نتيجة التصويت إن كانت بـ"نعم"، من المؤكد إن كان هناك بعض السلبيات فالبعض أراد شخصنة الاستفتاء، فالبعض حصر الموضوع بأن "نعم" ستخدم الإخوان المسلمين وأنهم يلعبون على الجانب الدينى من أجل خدمة مصالحهم الشخصية، وأيضا الحزب الوطنى أو بمعنى أدق ما تبقى منه يريد أن تكون النتيجة "نعم"، وأن من سيقول "لا" نسبة كبيرة جدا من الأقباط، لكى لا يتمكن الإخوان من الوصول للسلطة، ومن المؤكد أن نسبة استجابت لهذه النداءات ولكن الغالبية العظمى لم تستجب لهذه الدعاوى، وكان يحكمون العقل قبل الاختيار ويختارون ما يرونه صالحا من وجهة نظرهم الشخصية.
وكل هذا أمر وارد جدا، فنحن نقول رأينا ربما لأول مرة فى التاريخ، وبالتالى يجب أن توجد بعض السلبيات، والتى سنستدركها مع تفعيل الديمقراطية بمرور الوقت، والأهم الآن أننا أثبتنا للعالم كله أننا نستحق الديمقراطية وعرفنا قيمة أصواتنا وقدرتنا على إحداث الفارق، إذا طبقت الديمقراطية بالفعل كما حلم الجميع، وأولهم شهداء الثورة، ستكون مصر واحدة من أكبر دول العالم وهذا ليس اعتقادا بل يقينا وأتمنى أن أجد هذه النسبة والتى تقترب من 30 مليونا وربما أكثر فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية لكى نقرر بأنفسنا مستقبلنا ولا نترك أحدا يخططه لنا.
