بعد أن أصدرت وزارة الداخلية بيانا تعتذر فيه عن المخالفات والانتهاكات التى ارتكبها جهاز أمن الدولة فى حق جميع المصريين فى فترة النظام السابق، ثم الإعلان عن إلغاء جهاز مباحث أمن الدولة بكافة إداراته وفروعه ومكاتبه فى جميع محافظات الجمهورية وحل جميع إداراته وإنشاء جهاز أمنى جديد بوزارة الداخلية اسمه قطاع الأمن الوطنى، ينحصر دور هذا القطاع الجديد فى الحفاظ على الأمن الوطنى والتعاون مع أجهزة الدولة لحماية وسلامة الجبهة الداخلية ومكافحة الإرهاب على أن يعمل وفقا لأحكام الدستور والقانون ومبادئ حقوق الإنسان وحريته والتعهد بعدم المساس بالحياة الشخصية لأفراد المجتمع.
والسؤال الآن هل يتم غلق هذه الصفحة السوداء، والاكتفاء بهذا الاعتذار وتغيير الاسم.
المتفحص للأمر يرى أنه بات هناك ارتياح كبير لدى قطاع كبير من المصريين لهذه القرارات.
ولكن الحقيقة أن ما قامت به وزارة الداخلية من ندم واعتذار هو من نوع ندم الرشيد على حنثه بقسمه لصديقه ووزيره جعفر البرمكى ألا يناله منه سوء مهما حدث بينهما فى المستقبل فلما وقعت نكبة البرامكة وسجن الرشيد صديقه السابق وصادر أمواله وأموال أسرته تذكر ذات يوم هذا القسم فندم على حنثه به أشد الندم وقرر أن يكفر عن ذلك بالحج ماشيا إلى بيت الله الحرام وقام بهذه الرحلة الشاقة بالفعل وتكبد خلالها مشقات كثيرة وتكبدت الدولة نفقات الاستراحات الوثيرة وبالرغم من كل ذلك فإنه لم يفكر لحظة واحدة فى أن يكون تكفيره عن حنثه بهذا القسم بالإفراج عن وزيره وصديقه ورد بعض أمواله إليه فبقى فى السجن حتى مات فى سن السبعين.
وهكذا فقد يندم الإنسان بالفعل على أخطائه ولكن فى الاتجاه الآخر الذى لا يعيد لضحاياه حقوقهم لديه أو يداوى جراحهم منه.
فالشعب قد تحمل انتهاكات هذا الجهاز طوال ثلاثين عاما أو أكثر ودفع من قوته نفقاته الباهظة والآن سيتحمل أيضا فى نفقات إعادة هيكلة الجهاز الجديد.
إن الاعتذار والندم الحقيقى هو:
• أن تقوم وزارة الداخلية بمحاكمة عاجلة عادلة لكل من أخطأ وانتهك أعراض هذا الشعب والإعلان عن ذلك.
• الإفراج الفورى عن جميع المعتقلين أصحاب الرأى والفكر والسياسيين وفتح كافة السجون للإشراف القضائى.
• رد اعتبار وحقوق وتعويض كل من أضير من هذا الجهاز
(فى حياته الشخصية – فى عمله – فى ممتلكاته) فهناك من فقد عائلته وانحرف أبناؤه وهناك من فصل من عمله وكم من متفوق حرم من وظيفة وهناك من صودرت أملاكه.
وهكذا يكون الندم والاعتذار ندما حقيقيا فى المسار الصحيح، وليس ندما فى الاتجاه الخطأ.
د. ماجد رمضان يكتب: اعتذار الداخلية وندم "الرشيد"
الإثنين، 21 مارس 2011 10:56 م
<br>
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة