دعت الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطى، جموع المصريين ومختلف الأطياف السياسية إلى القبول بنتائج الاستفتاء بغض النظر عن أية حسابات أخرى.
وراقبت الجمعية الاستفتاء من خلال 3700 آلاف مراقب متطوع منتشرين فى كافة محافظات الجمهورية، وأكدت الجمعية أنه على الرغم من بعض التجاوزات التى رصدها مراقبو الجمعية والتى تعكس بعضها ضعف الإمكانيات والأخطاء الإدارية ومحاولة البعض لمنح عملية التصويت بعدا دينيا، إلا أن ذلك لا يقلل أبدا بأى حال من الأحوال من نزاهة ومصداقية عملية الاستفتاء برمتها.
وأكدت الجمعية على أن الحفاظ على هذه المشاركة الواسعة من قبل المواطنين العاديين، ينبغى أن تكون هدف مشتركا لكافة الأحزاب والقوى السياسية والاجتماعية، باعتبارها خط الحماية الأول ضد أية محاولات فى المستقبل لتزوير إرادة الناخبين فى مختلف الفاعليات الانتخابية.
والنقص الواضح فى الاستعدادات الإدارية لعملة الاستفتاء غياب التنظيم الجيد لعملية الاستفتاء كان السمة الواضحة لمجريات اليوم، وكنتيجة مباشرة لغياب عملية التنظيم وعدم توافر الخبرات الكافية لدى أعضاء اللجنة فقد وقعت العديد من الأخطاء أثناء عملية الاستفتاء، على أن هذه الأخطاء لم ترق إلى التأثير المباشر على سير إجراءات الاستفتاء، وإن كانت عطلت فى بعض الأحيان عملية التصويت، فضلا عن إحداث بعض البلبلة فى صفوف القضاة المشرفين على اللجان وعدم معرفة البعض منهم - ليلة الاستفتاء - لمقرات اللجان التى سوف يباشرون عملهم فيها، وهو ما أنتج بعض التذمر بين صفوف القضاة لاسيما الذين تقع لجانهم خارج نطاق القاهرة الكبرى.
ومن أرز الأخطاء التأخر فى فتح العديد من اللجان بمختلف أنحاء الجمهورية بعضها وصل إلى الواحدة ظهرا ، كما حدث فى محافظة قنا بدوائر نجع حمادى و قوص والرئيسية وعدم توفير الصناديق الزجاجية و استخدام الصناديق الخشبية فى بعض اللجان كذلك غياب إرشادات التصويت الخاصة بالاستفتاء أمام مراكز الاقتراع واللجان.
وعدم كفاية الحبر الفسفورى مقارنة بعدد الناخبين، الأمر الذى دفع بعض رؤساء اللجان إلى اللجوء إلى تخفيف الحبر الفسفورى بالمياه حتى يكون كافيا أوعدم استخدامه من الأساس وهو ما قد يدفع بعض المصوتين إلى تكرار الإدلاء بالتصويت مرة أخرى فى ظل استخدام آلية لجان الوافدين وعدم وجود الكشوف الانتخابية.
وعدم توافر ستائر داخل اللجان تكفل سرية التصويت وقيام بعض أمناء اللجان أنفسهم بالتصويت للناخبين الأمر الذى نتج عنه حدوث العديد من المناوشات الكلامية التى وصلت إلى الاشتباك بالأيدى فى بعض تلك الحالات.
ولم تمنح اللجنة القضائية مراقبى المنظمات عدد التصاريح وفقا للكشوف المقدمة منها، وإجمالا فلم تسلم اللجنة تصريحات سواء لمراقبى منظمات المجتمع المدنى أو الإعلاميين تجاوز ال 3000 تصريح بما يكشف عن عدم الاستعداد الكافى من قبل اللجنة القضائية للترتيبات المتعلقة بإجراءات عملية الاستفتاء على التعديلات الدستورية.
وخلال مجريات عملية الاستفتاء وقفت جموعا تحاول التأثير على اختيارات الناخبين، كانت الأكثرية للإخوان المسلمين والسلفيين، الذين رفعوا لافتات كتب عليها "نعم للتعديلات الدستورية" ويلتفون حول الناخبين مرددين "قولوا نعم ولا تدعوا الأقباط يغيروا المادة الثانية من الدستور" وأقباط يقولون "لا للتعديلات الدستورية" وبدا التصويت طائفيا، مسلمون يقولون "نعم" وأقباط يقولون "لا" مما أدى إلى مشاجرات وقعت بين مؤيدى نعم ومؤيدى لا، وقد شهدت دائرة الحوامدية بمحافظة 6 أكتوبر وجود دى جى أمام احدى مراكز الاقتراع بمنيل شيحه يتبع جماعة الإخوان المسلمين يقولون من خلاله للناخبين " قولوا نعم للتعديلات ولا تجعلوا الأقباط يمسكون البلاد " وهو ما كان ينذر بتفشى المزيد من الطائفية، فليس كل من أيد التعديلات محسوب على التيار الدينى وليس كل من رفضها محسوب على الأقباط أو العلمانيين، فمصر وطنا لكل المصريين.
وفى واقع الأمر فإن تصاعد التصويت خلال الساعات الأخيرة من يوم الاستفتاء فى العديد من المناطق على خلفية دينية، أمرا ينتقص من أفراح المصريين بالثورة والتحرر من الاستبداد ، ويذكرنا بالدول التى مرت بأزمات، خاصة حينما أدريت معاركها السياسية على خلفية صراعات دينية وليس الوضع فى لبنان ببعيد.
وشددت على تمسك العقلاء فى كافة أطياف المجتمع المصرى بضرورة بناء دولة مدنية حديثة ، تكون المواطنة أساسها وشعارها بغض النظر عن أية انتماءات دينية أو عرقية أو جنسية ،وتكون الكفاءة معيار الاختيار لشغل الوظائف العامة، والبرنامج أساس التصويت الانتخابى، بعيدا عن أى انحيازات قبيلة أو طائفية أو فئوية تهدد وحدة الأمة، وتدمر إنجازات الثورة.
وفى سياق متصل أوصت الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية نحن فى حاجة للمراجعة الشاملة للتشريعات المنظمة للانتخابات المصرية وإسناد تنظيم الانتخابات للجنة قضائية محايدة مستقلة، لا يمكن عزلها تشرف على العملية الانتخابية بداية من عملية القيد فى الجداول الانتخابية مروراً بالاشراف على اجراءات فتح باب الترشيح والدعاية وتنظيم اليوم الانتخابى، تخصص لها ميزانية مستقلة وجهاز إدارى متكامل دائم ومتفرغ، على أن تستعين فى فترة إدارة العملية الانتخابية بمتطوعين من طلاب الجامعات ونشطاء المجتمع المدنى يتم تدريبهم على ادارة العملية الانتخابية بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني, مع توفير أجواء مناسبة تساعدهم فى عملهم, مع تجهيزالمقرات الانتخابية لاستيعاب الناخبين بما يحقق ضمان سرية التصويت وراحة الناخبين والمشرفين والسماح لذوى الاحتياجات الخاصة وكبار السن بالتصويت بحرية، ووجود ضمانات واضحة لعدم استخدام سطوة ونفوذ المال والبلطجة واستغلال الدين فى التأثير على الناخبين وفتح حوار مجتمعى واسع حول هذه الضمانات وحول اجراء الانتخابات بالقائمة النسبية ام بشكل فردى.
وأثبت الاستفتاء على التعديلات الدستورية أنه لا يمكن إجراء الانتخابات المصرية فى يوم واحد لأسباب كثيرة أهمها عدم كفاية رجال القضاء للإشراف الحقيقى على الانتخابات، وإقبال المواطنين على المشاركة السياسية بعد توافر ضمانات لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وهو ما يعنى حق أكثر من 40 مليون مواطن مصرى لهم الحق فى ممارسة الاقتراع، وهو ما لا يصلح معه إجراء الانتخابات فى يوم واحد ، وأثبتت نتيجة الاستفتاء والحوار السابق عليها من قبل المجتمع أن هناك قوى سياسية ديمقراطية مدنية ناشئة، عبرت عن رغبتها فى إنشاء دولة مدنية حديثة تقوم على أسس تحقق المساواة بين كافة أطراف المجتمع هذه القوى المدنية حرمت من حق التنظيم والتواصل مع المواطنين بمصادرة الأجهزة الإدارية والأمنية للسلطة التنفيذية للحياة السياسية المصرية، بينما استغلت قوى سياسية أخرى الخطاب الدينى الذى ينال هوى لدى المواطنين المصريين، مع اضطهاد الأجهزة الإدارية والأمنية للسلطة التنفيذية لهذه القوى مما زاد من تعاطف المواطنين المصريين معهم. مع توافر الإمكانيات المادية والتنظيمية لتلك القوى.
لذا فإنه يجب إتاحة الفرصة للقوى الديمقراطية المدنية الحق فى التنظيم والتواصل مع المواطنين، وهو ما يستوجب سرعة إصدار قانون للأحزاب لا يغالى فى شروط تنظيم الأحزاب ويجعلها بالإخطار، مع تأجيل الانتخابات البرلمانية لمدة عام وإصدار إعلان دسنورى يحصن قرارات المجلس العسكرى ويمنع انفراده وحيداً بتنظيم الحياة العامة فى مصر.
حقوقيون يعلنون تقارير الاستفتاء ويحذرون من التصويت الطائفى
الإثنين، 21 مارس 2011 04:48 م