لم يخطر ببالى أن الشعب الأمريكى الذى يتشدق بالحرية فى كل شىء وعلى رأسها حرية الأديان، تصدر عنه مثل هذه التصرفات غير المسئولة، والمثير للدهشة تكرارها دون وجود رادع بدعوى حرية الرأى والتعبير..
أيجوز إعطاء حرية لمن يرفض إعطاءها لغيره؟ أليس هذا تناقضا فى المبادئ؟ وهو مالم نعتده من الشعوب التى تدعى التحضر، ولأول مرة أقول تدعى، لأنى أصبحت حائرة فى ظل المواقف السخيفة الطائفية والمتعصبة التى أراها من الغرب، أين تقبل الآخر؟!
يا سادة تبدون الضيق والذعر إزاء أى تصرف يدل على احتقان طائفى فى مصر وتخرجون عن بكرة أبيكم مدافعين عن الأقباط وحرية المعتقد .. أليس الإسلام دين سماوى والقرآن كتاب الله وله كل الاحترام والتقدير..الذى فعله تيرى جونز فى فلوريدا اليوم بماذا أسميه؟ وماذا أطلق عليه؟ لن ألوم عليه فقط بل ألوم على كل أمريكى علم بهذا الحدث ولم يعبر عن احتجاجه عليه ..خاصة أن الأخ جونز أقبل على هذا الفعل المشين فى سبتمبر الماضى وأثار موجة من الإدانات بشأن خطته لإحراق كومة من نسخ القرآن، فى ذكرى هجمات الحادى عشر من سبتمبر.. والأزمة التى أثيرت بسبب الإقبال على إقامة مسجد بمنطقة جراوند زيرو بنيويورك سبقها الرسوم الدانمركية المشينة فى حق الرسول محمد (ص) والتى استفزت مشاعر كل إنسان يحترم الأديان السماوية ورسلها سواء كان مسلما أم مسيحيا.
وهاهو القس المتطرف تيرى جونز يدفع بزميله واين ساب الذى يدعى أنه مبشر إنجيلى أمريكى كى يقدم على إحراق نسخة أخرى من القرآن فى كنيسة صغيرة فى فلوريدا، بعدما اعتبر أن المصحف الكريم "مسئول" عن عدة جرائم.. تحت إشراف القس تيرى جونز راعى كنيسة جاينزفيل بفلوريدا.
وقال جونز وساب ومن أشرفوا على هذا الفعل الشنيع، إن ما حدث، كان بمثابة "محاكمة" للقرآن، اعتبر فيها كتاب المسلمين المقدس "مذنباً" و"تم إعدامه"، من أنت يا "أعمى" وأقول أعمى لأن التعصب يجعل صاحبه أعمى ـ حتى تحكم على الأديان السماوية وتحاكمها.. الدين المسيحى يرفض تماما هذه الأفعال المشينة كما ورد فى الكتاب المقدس إنجيل لوقا 6: 37
"وَلاَ تَدِينُوا فَلاَ تُدَانُوا. لاَ تَقْضُوا عَلَى أَحَدٍ فَلاَ يُقْضَى عَلَيْكُمْ".، وفى أعمال الرسل "بَلْ فِى كُلِّ أُمَّةٍ، الَّذِى يَتَّقِيهِ وَيَصْنَعُ الْبِرَّ مَقْبُولٌ عِنْدَهُ"، وفى الرسالة إلى أهل رومية الإصحاح 2 :"أَنْتَ بِلاَ عُذْرٍ أَيُّهَا الإِنْسَانُ، كُلُّ مَنْ يَدِينُ. لأَنَّكَ فِيمَا تَدِينُ غَيْرَكَ تَحْكُمُ عَلَى نَفْسِكَ. لأَنَّكَ أَنْتَ الَّذِى تَدِينُ تَفْعَلُ تِلْكَ الأُمُورَ بِعَيْنِهَا"، وفى القرآن الكريم نجد قال الله تعالى: "خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ"(199) الأعراف، "ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون) المائدة 81-85، وأيضاً فى سورة الكافرون آية 6 "لكم دينكم ولى دين"..فإلى أى دين تنتمى وتبشر به يا جونز؟ أعتقد أن من يقدم على مثل هذه الأفعال ليس له دين ولا ملة..
بالله عليكم بما تحكمون على هؤلاء الأشخاص وعلى أفكارها التى تشغل الفتن فى العالم بين طائفتين طالما عاشا متحابين ..يا متحضرى العالم إننا فى مصر " دول العالم المتخلف فى نظركم" لا نشعر بفرق بين مسلم ومسيحى، بل المسلمون هم من شاركونا صلوات عيد الميلاد يناير الماضى لحمايتنا حينما تهددنا خطر تفجير الكنائس ..المسلمون هم من أدوا معنا صلاه القداس فى ميدان التحرير فى ثورة يناير ..المسلمون هم من هبوا مدافعين وحامين لكنيسة أطفيح حينما هدمها الغوغاء والمتآمرون على مصر..وهم من شاركوا فى بنائها..ما رأيك يا جونز أما زلت مصرا على أن الإسلام دين "الجريمة" مع اعتذارى لكل مسلم عما حدث..