ثلاثون عامًا بالتمام والكمال قضاها الرئيس المتنحى حسنى مبارك فى حكم مصر، وطُلب أكثر من مرة القيام بمشروع قومى لصالح البلاد تلتف حوله الأمة وتدعمه، وتنصهر فيه شباب الأمة وخبرائها سواء أكان مشروعا قوميا للتعليم أو مشروعا قوميا متعلقا بدعم الديمقراطية والتحول الديمقراطى أو مشروعا لدعم البحث العلمى فى مصر وغيرهم كثيرون، ولكن كان دومًا "الرئيس" يعزف عن تقديم المشروع أو تبنى مشروع قادر على نقل مصر نقلة نوعية يُمكن مصر فيها من العبور إلى المستقبل بشكل حقيقى، وليس المستقبل الذى رسمه زبانية نظامه والحزب غير المحزون عليه، مستقبل التوريث والتزوير ودعم آليات التخلف والانهيار للدولة المصرية، ومستنقع الفتن الطائفية.
فقد تعرضت الدولة المصرية لمخاطر التراجع والانهيار فى عهده وعهد نظامه البائد، أعتقد أن الاستقرار على بحر من الفساد كافٍ، لأن يظل رئيسًا للجمهورية، ولم يستمع لصيحات الشعب ومطالباته المستمرة ولم يرغب فى التنبه والتعامل مع الفساد المنتشر فى عهده والتى أشارت إليه العديد من تقارير المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية، ولكن لا حياة فيمن تنادى، واكتفى هذا العهد الظالم بشحن مؤيديه والمنتفعين من سياساته الظالمة والهالكة للشعب، وجعل مؤيديه يستفيدون ويعيثون فى البلاد الفساد، وأعلنوا الوصاية الفكرية على الشعب، وأن الشعب تحركه فئات مندسة، وأن النظام دومًا على صواب وأنهك الشعب بالضرائب، والفتن الطائفية، والجهل؛ وأطلق عليه الأمن بكافة أجهزته وفروعه، وأصبحت الحلول السياسية عاجزة عن القيام بأى دور لفساد فكرها وفساد أهدافهم ومبتغاهم، وترك المواطن نهبا للأجانب ولفئات من رجال الأعمال المنتفعين وأصحاب المصالح، وتراجع دور الجامعات وتقييمها على المستوى الدولى والإقليمى فى عهده، وتولى الكثير من أصحاب المصالح والولاء زمام الأمر والنهى فيها، وتوارى الكثير من أهل الكفاءات عن المناصب الجامعية والعلمية والتعليمية، وظلت مصر تئن من بطش وظلم نظامه وتدخلات الأمن التى لا حصر لها، ولم يفكر فى مشروع قومى واحد لصالح البلاد، وحكمه فكر الموظف وحاصد الغنائم والجباية، وليس فكراً واضعاً الإستراتيجيات والسياسات القادرة على نقل مصر إلى مستوى أعظم وأرقى وأفضل، وتحقيق الحياة الكريمة لأهلها.
ويأتى 25 يناير 2010 ويقرر النظام السابق إجازة رسمية فى البلاد بمناسبة أعياد الشرطة، وتنطلق بعض الصيحات على الإنترنت المنادية لمظاهرات ضد الشرطة فى هذا اليوم، وظلت جزء من منظومة المظاهرات التى انتشرت فى البلاد خلال الأعوام الخمس الأخيرة من حكم هذا النظام المتعالى والمتغطرس والمتجاهل للرغبات الشعب، ولم يكتمل بعد المشروع القومى، وتأتى ثورة من شمال أفريقيا فى دولة صغيرة تقع غرب البلاد ويفر على إثرها حاكم البلاد، ويبدأ معها تسونامى الحرية لباقى البلدان العربية، ويبدأ تاريخ جديد لقهر الاستبداد والظلم، ويتم الدعوة مرة أخرى فى مصر إلى مظاهرة ضد فساد الداخلية ورفض تراجع دور مصر فى 25 يناير 2011، ويتحقق مع هذا التاريخ بدء نجاح المشروع القومى المصرى بثورة 25 يناير الذى نجح الرئيس ونظامه فى قيامها بتجاهل رغبات الشعب وظلمه، ويبدأ المشروع القومى المصرى وتنصهر فيه الدماء والأيادى المصرية داعية لتحرير مصر، وبناء مصر وتطهيرها من الفساد والظلم والجهل الذى جثم على صدور المصريين وعقولهم، ويبرز من خلال المشروع القومى توحد فئات الشعب فى يد واحدة وعلى قلب رجل واحد من أجل مصر، ويزيل المشروع القومى عن العقول الفتن الطائفية، ويؤكد للشعب المصرى أنهم يد واحد ونسيج واحد، ومن عبث فى هذا النسيج هو النظام البائد بظلمه وفساده، واعتماده سياسة فرق تسود، ولكن يبقى المصريين يد وقلب واحد ويسلخ النظام الحاكم وتعود مصر لأبنائها وينجح المشروع الوطنى الذى أكد على وحدة المصريين بكافة طوائفهم، وأن للظالم نهاية لابد أن تأتى، وأن يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم، وتتحقق نبوءة أبو القاسم الشابى عندما يقول "إِذَا طَمَحَتْ لِلْحَيَاةِ النُّفُوسُ فَلا بُدَّ أَنْ يَسْتَجِيبَ الْقَـدَرْ".
• خبير قانونى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة