وسط هذا الكم الكبير من البلاغات التى تتعلق بفساد المسئولين فى نظام الحكم الساقط.. لابد من السؤال: أين كانت الأجهزة الرقابية المنوط بها إجراء التحقيقات حول مثل تلك الوقائع.. ولماذا سكتت عن فتح الملفات رغم الذى نشرته عنها صحف كثيرة وأجهزة إعلامية على الملأ؟
خذ عندك مثلاً ما يتعلق بالفساد فى قطاع الآثار المصرية.. وهو أخطر الملفات على الإطلاق.. لأنه يرتبط بتاريخ الوطن وذاكرته.. فلم يكد يمر يوم دون أن تنشر فيه الصحف إحدى الوقائع المتعلقة بالفساد فى قطاع الآثار.. سواء كان ذلك سرقه أو تهريبا أو إتلافاً أو إهدارا للمال العام أو متاجرة وصلت إلى حد النهب.. ورغم ذلك لم نر جهازاً رقابيا من الأجهزة المكدسة فى الحكومة يقوم بواجبه الذى يفرضه عليه الضمير الوطنى قبل ضميره المهنى أو الوظيفى.. بحثا عن الحقيقة فيما تناولته الصحف من وقائع تندرج فى قائمة جرائم الفساد.. أو التربح أو استغلال النفوذ.
على سبيل المثال – لا الحصر – قامت صحيفة أخبار الأدب بحملة عام 2007 للكشف عن الفساد فى قطاع الآثار التابع لوزير الثقافة والذى يرأسه فى ذلك الوقت الدكتور زاهى حواس.. وكتب جمال الغيطانى مقالا ً تساءل فيه عن مصير مبلغ 35 ميلونا ً من الدولارات تم إيداعها فى أحد البنوك بجزيرة رودس اليونانية .. مقابل إقامة معرض لتوت عنخ أمون فى أمريكا.. وتساءل الغيطانى عن اسم الشخص أو الجهه التى تم ايداع هذا المبلغ الضخم لحسابه فى البنك اليونانى.. ولماذا لم يتم إيداع المبلغ فى أحد البنوك الوطنية بمصر.
وتساءل الغيطانى أيضا عن مصير المبالغ التى تم تحصيلها مقابل إقامة معرض لآثار توت عنخ أمون فى عدد من دول العالم منها سويسرا واليابان وبريطانيا وفرنسا.. وهل تم تحويلها إلى مصر أم حولت إلى أحد البنوك اليونانية كما حدث فى المقابل المادى لمعرض توت عنخ أمون فى أمريكا؟
لقد استشهد الغيطانى بمجلة نيوزويك الأمريكية التى ذكرت هذه الواقعة المتعلقة بالنبك اليونانى وقد سارع زاهى حواس بنفى الخبر الذى نشرته المجلة الأمريكية ووصفه بأنه "تخريف"!!
ويبدو أن الأجهزة الرقابية قد اكتفت "بتخريف" زاهى حواس ولم تفتح معه أى تحقيق – كان من الواجب عليها البدء فيه – لسؤاله عن الواقعة وتقديم ما يفيد بأن المقابل المادى لمعرض توت عنخ أمون فى أمريكا قد أودع فى المكان الصحيح وفى الحساب الصحيح.
لسيت هذه هى الواقعة الوحيدة التى تتعلق باتهمات موجهه لزاهى حواس والتى تجاهلتها الأجهزة الرقابية ولم تفتح تحقيقا حول حقيقتها، فقد تم توجيهه عدة اتهامات للرجل المؤتمن على تاريخ مصر وآثارها، منها تهريب أوراق البردى الأثرية، والتجارة فى الآثار، وإهدار المال العام بتحميل هيئة الآثار للتكاليف الباهظة التى انفقتها الهئية على سفر العديد من الفنانين ورجال الصحافة و الإعلام لمصاحبته فى زيارته الخارجية وهؤلاء غالبا من أصدقائه والمحسوبين عليه، الذين يكلفهم بالدفاع عنه عن أى هجوم يقع من أحد الصحفيين أو الإعلاميين الآخرين!
رغم التلفيات والخدوش التى أصيبت بها بعض القطع الأثرية أثناء نقلها إلى أحد المعارض الخارجية، ورغم التحذيرات التى أطلقها علماء وخبراء الآثار من الخسائر الناجمة عن إقامة مثل هذه المعارض الخارجية، إلا أن زاهى حواس لم يتوقف عن إقامتها نظرا ً لما يجنيه وراءها من مكاسب، لم يجرؤ جهاز رقابى واحد على فتح ملفاتها والكشف عن حقيقتها.
هل يفتح النائب العام تلك الملفات المتعلقة بسرقة الآثار وتهريبها والتجارة فيها، أم سيظل على صمته الذى أبداه طيلة السنوات الماضية هو وغيره من الأجهزة الرقابية الأخرى التى صمت أذانها وأغمضت أعينها عن كل تلك المفاسد حتى وصلت إلى أعلى من قمة إفرست.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة