غريبة.. تلك العلاقة التى تربط بيننا نحن الشعوب العربية وبين حكامنا سواء كانوا ملوكاً أو رؤساء جمهوريات، فحينما تسمع كلمات كل ملك منهم أو رئيس جمهورية عن شعبه، تجده يكاد يقول فينا أشعاراً ويتيه بنا فخرا وحباً وهياماً فنحن دائماً الشعوب العريقة ونحن الأسود ونحن الأبطال ونحن الأشاوس ونحن... ونحن.. وما أن يتمكن الحكم منا ومن منصبه حتى يتحول وبقدرة قادر إلى ديكتاتور وطاغية ويحيط نفسه بشرذمة من الأفاقين والمتسلقين ومصاصى دماء شعوب وناهبى ثروات، وتبدأ عملية امتصاص دم كل شعب على حدة، ويبدأ فرض قبضة بوليسية محكمة وباطشة، ويتفرع من سدة حكم كل حاكم وزارة داخلية ما أنزل الله بها من سلطان، يكون شغلها الشاغل ومهمتها الرئيسية حماية كل نظام وتكبيل شعب كل حاكم وإخراس أى ألسنة معارضة لظلم أو مظلمة.
ورويداً رويداً، يتحول كل ملك أو رئيس جمهورية إلى شبه إله أو نصف إله أو إله كامل- والعياذ بالله- كلماته حكم تدرس، توجيهاته قوانين مقدسة، هو الفيلسوف وهو الحكيم وهو الذكى الأريب وهو المفكر وهو الوحيد الذى يفهم فى كل شىء، أما نحن تلك الشعوب المكلومة والمبلوة بهم فمجرد رعاع لا رعايا، مجرد قطعان أغنام يسيرنا كيفما شاء لا نعارض ولا نعترض ونقبل بكل ما هو مسموح لنا، وبذلك نستوفى كل شروط الرضا التى يطلبها حاكمنا وشرذمته، ولا يكتفى بذلك فقط بل نجده يطل علينا بولد من أولاده يظهره ويلمعه ويفرضه على شعبه كوجه جديد قادم لحكمهم وكأننا وبلادنا ميراث لهم ولأهاليهم، انظر إلى كافة الحكام العرب من صدام إلى الأسد إلى على عبد الله صالح إلى مبارك إلى القذافى وهلم جرا.
ويظل الحاكم قابعاً فى كرسيه لا يفارقه هو ومن يستريح لهم من سدنته دون أدنى قلق، ولم القلق؟ فهو جاثم على الكرسى لا ولن يفارقه وإن مات، والغرابة يا أخى كل أعمارهم طويلة ما بيموتوش، نقول وإن مات سوف يأتى بابنه ويستمر المسلسل المقرف هذا بلا نهاية، ويفعل بنا الحاكم هو وحوارييه ما شاؤوا فهو يغير فى الحكومات كما يغير فى أحذيته، كل الدنيا تتغير إلا حكامنا، كل الرؤساء تتغير إلا حكامنا، كل الناس تموت إلا حكامنا، وكل الناس بتفهم إلا حكامنا!
فالحاكم منهم يعلم أن شعبه يئن ولكن ودن من طين وودن من عجين وحراس عرشه يحجبون بينه وبين شعبه فلا يسمع عنه إلا كل ما يود سماعه الشعب جعان.. هه الشعب توطنت فيه الأمراض.. هه الشعب يعانى الظلم ووأد الحريات.. هه مش سامع.
ورويداً رويداً يعرف أن شعبه موجوع ومريض ومقهور ولكن لا حياة لمن تنادى، هنا، وهنا فقط يكون أصم لا يسمع وحينما تتنامى إلى أسماعه أنات شعبه وأنينه يصفهم بالجحدة الناكرين وحينما يثورون عليه يتحولون من أبطال وأسود وأشاوس إلى رعاع ومأجورين وحفنة ضالة وفئة مندسة وفئة مغرر بها وناهيك عن أجهزة إعلامهم التى تروج لهم وتدافع عنهم وتدفع عنهم كل نقيصة. والنهاية تكون أن يطلق علينا كل حاكم وزير داخليته- وبصراحة الناس دى مش محتاجة وصاية- فيطلق الرجل رجال الأمن المركزى أو الأمن الداخلى واتفرج بقى، فمن هراوات ومياه إلى قنابل مسيلة للدموع إلى رصاص مطاطى ويا حبذا لو كان منتهى الصلاحية وما يمنعش من رصاص حى ومن رصاص حارق خارق، ولما لا يجد الحاكم بدُ وتكون ثورة الشعب لا راد لها يكون قد أعد عدته مسبقاً فالطيارة جاهزة والأموال تم تسريبها وتهريبها والعقارات سجلت بأسماء أخرى والحسابات فى البنوك سرية لا يستطيع أحد أن يطالها.
ونصير فى نظره شعب متمرداً أساء إلى حاكمه وأنكر معروفه وما يمنعش يجى واحد زى القذافى ويصف شعبه بالكلاب والفئران والجرزان والقطط وهى دى أخرتنا مع حكامنا أصحاب الألقاب اللى أنتو عارفينها والغرابة يا أخى أن الموضوع ده محصور فى الحكام العرب ولله فى خلقه شئون.
الدول العربية -صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة