الشهيد على عارف: عاد ليقضى إجازته بالقاهرة فظل 16 يومًا بالمشرحة

الأربعاء، 02 مارس 2011 03:07 م
الشهيد على عارف: عاد ليقضى إجازته بالقاهرة فظل 16 يومًا بالمشرحة مشاعر الصدمة تسيطر على الأسرة
كتبت آية نبيل - تصوير محمد نبيل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وسط العشرات من الصور تعرف "عارف محمد طنطاوى" على ابنه "على"، مغمض العينين هادئًا – كما يصفه - على شفتيه ابتسامة لم تستطع أن تمحوها الدماء المتجمدة على أنفه، مضيفا إلى النظام السابق نقطة سوداء تضاف إلى صفحاته الملطخة بدماء الشهداء.

فالنظام الذى فشل فى توفير حياة كريمة لعلى ذى 26 عاماً، واكتفى بمعاش 340 جنيهاً لوالده عقب 30 عاماً من الخدمة، نجح فى إبقاء الشاب 16 يومًا داخل القاهرة، لكن هذه المرة ليس وسط أهله الذين اعتاد أن يمضى بينهم إجازته الشهرية وإنما شهيد فى ثلاجة مشرحة زينهم بين العديد من الجثث المجهولة من ضحايا المظاهرات.

" 16 يومًا نبحث عنه فى كل مكان، قلبى كان عايز يصدق أنه رجع عمله فى شرم الشيخ، رغم أن هذا كان غير منطقى لأنه لم يتصل أو يطمئننا عليه"، هكذا بدأ عارف أو " أبو الشهيد" كما يحب أن يقول له الناس حديثه مضيفًا" على ابنى خريج معهد تعاون السياحة والفنادق، ورغم أنه كان متفوقاً فى الثانوية العامة، لكنى أصررت على استكمال دراسته فى مجال فنى وليس جامعياً، لأن خريج الجامعة فى مصر مش بياكل عيش".

وأكمل حديثه قائلا: امتهن على العديد من الأعمال فور تخرجه، حتى استقر به المطاف بأحد المنتجعات السياحية بشرم الشيخ، حيث كان يعمل 24 يومًا ثم يحصل على 6 أيام إجازة يقضيها وسط أهله وأصحابه وأقاربه.

وبأسى قال الأب "كان على يحب تجمع العائلة واللعب مع أولاد أخواته، كان بيضيع نصف مرتبه علينا لا يبخل بأى شىء، كنت بستنى هذه الأيام من شهر لآخر فهو ثمرة كفاحى".

وأضاف وصل على إلى مصر قبل الثورة بيومين، ولما بدأت المظاهرات كان ينزل الشارع طول اليوم، لكنى لم أكن أعرف أنه كان يشارك فى المظاهرات، حيث كان يخبرنى أنه ذاهب إلى صديقه، وعندما كنت أحذره من التوتر فى الشارع، كان يقول لى "متخافش يا بابا أنا بعيد"، وفى يوم 4 فبراير نزل على فى الصباح كباقى الأيام، لكنه لم يعد، انتظرت يومين، لم أسمع عنه شيئا، اتصلت بأصدقائه فى العمل فى شرم الشيخ، أكدوا لى أنهم لا يعلمون عنه شيئاً منذ عودته إلى مصر، وسألت عليه فى الأقسام والمستشفيات، وفى اليوم 16 عرفت أن هناك جثثًا مجهولة فى مشرحة زينهم".

الصدمة ما زالت مرسومة على وجه عارف، الذى توجه إلى المشرحة ليجد ابنه وسط عشرات الجثث، والتى قام المستشفى بعمل "كتالوج" لصورهم لتسهيل الأمر على الأهالى فى التعرف عليهم، تقرير الطب الشرعى بين أن سبب الوفاة الاختناق من غاز أول أكسيد الكربون الموجود فى القنابل المسيلة للدموع، الأمر الذى فسره عارف قائلا "ذهب على إلى سجن طره لكى يطمئن على أصدقائه الذين تم القبض عليهم فى المظاهرات لما سمع إن السجن اتفتح، لكن نصيبه وجود اشتباكات فى ذلك اليوم، وألقت قوات الشرطة الموجودة فى هناك فى ذلك الوقت القنابل على المتظاهرين رغم أنها فاسدة وغير صالحة للاستخدام".

عارف فخور بابنه الذى خرج "عشان يجيب حق أبوه"، يقول " ابنى خرج لأنه شاف مهانتى، فلقد تخرجت فى كلية الزراعة جامعة الإسكندرية وعملت مفتشًا فى وزارة التموين التضامن الاجتماعى حاليًا، لكن المرتب كان 180 جنيهاً فقط، ورغم أن الظروف زمان ولو كانت صعبة لكن أحسن من دلوقتى، إلا أن الحال كان يعتمد على الرشوة لو عايز تحسن مستواك الاقتصادى.

واستطرد قائلا: أمد إيدى وأعيش بفلوس حرام، وقررت أسافر خارج مصر، توجهت فى البداية إلى العراق، صدام كان قاسيا لكنه مريح الناس، وقامت الحرب مع الكويت، فانتقلت إلى أبو ظبى، التى قضيت فيها أجمل فترات عملى، كنت أعمل مدرس علوم فى مدرسة حكومية، أتقاضى شهريا 7 آلاف دينار، وبعد 7 سنوات مرضت زوجتى بالسرطان واضطررت إلى العودة إلى مصر، خاصة أنى كنت عملت فلوس كويسة".






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة