جيهان فوزى

هل يحقق الزخم الشعبى إنهاء الانقسام الفلسطينى؟

السبت، 19 مارس 2011 07:59 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كما فعلت معظم الشعوب العربية، حينما خرجت هادرة تبحث عن معنى للحرية والعدالة الاجتماعية، والمشاركة السياسية، وتمردت على أنظمتها الاستبدادية، فعل الفلسطينيين الذين التقطوا عظمة التجربة، واستلهموا من تجارب الثورتين التونسية والمصرية خطوط دفاعاتهم نحو قضيتهم التى مزقتها الخلافات، وبالذات الانقسام الذى طال أمده وأصبح عصيا على الحل.

نجاح الثورتين التونسية والمصرية كان وقودا للشباب الفلسطينى الحر الذى لاينتمى الى أحزاب أو أطر سياسية - بل إن هذه الأحزاب هى من قضت على آماله وأحلامه لكثرة الخلافات والصراعات – وتوجهت طاقة هؤلاء نحو شحذ ضمير الشارع الفلسطينى لاعادة اللحمة لشقى الوطن وإنهاء حالة الانقسام، وبالذات فى غزة التى دخلت فى معركة الانقسام وكانت شاهدة عليه.

من هنا جاء إعلان ثلاث مجموعات شبابية من قطاع غزة تنشط على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" عن تحالف جديد لتنظيم التظاهرات الهادفة الى انهاء الانقسام الفلسطينى وهى: مجموعة شباب 15آذار (مارس)، مجموعة شباب 5حزيران (يونيو)، وشباب غزة نحو التغيير، واتفقت فيما بينها مع عدد من المبادرات الأخرى على التحالف تحت عنوان "الحراك الشعبى لإنهاء الانقسام والحفاظ على الحقوق الوطنية للشعب الفلسطينى وكرامته".

وسرعان ما لاقت هذه المبادرة الدعم والتأييد من قيادات فلسطينية قابعة فى سجون الاحتلال، فدعا الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من سجنه الاسرائيلى كل أبناء الشعب الفلسطينى وحركته الوطنية المناضلة وكادراته وشبابه إلى المشاركة بفاعلية فى المسيرات على أن يكون شعارها إنهاء حال الانقسام والتشرذم فى الساحة الفلسطينية وإسقاط نظام أوسلو وملحقاته، وكذلك فعل القائد الفتحاوى مروان البرغوثى من سجنه أيضا، داعى الشباب بأخذ زمام المبادرة بيده، والضغط من أجل التغيير، وإنهاء الانقسام، ومحاسبة الفاسدين، وإسقاط اتفاق أوسلو، الذى يرى البعض فيه أنه السبب الرئيسى للانقسام.

شباب "الحراك الشعبى لانهاء الانقسام" الذى سهر واجتهد تحضيرا ليوم 15 مارس منذ شهر تقريبا، لتكون البداية الفعلية لسلسلة لن تنتهى من التظاهرات السلمية وحتى ينتهى الانقسام، هو حركة شبابية مستقلة تقف على مسافة متساوية من أطراف الانقسام المدمر، وتفتح الباب أمام كل الجهود الوطنية لحشد الجماهير سلما لوقف كارثة الانقسام.

اللافت كان انضمام مجموعات من شباب ينتمون إلى طرفى الانقسام، هالهم ما حدث من صراع وما وصلت إليه العلاقات الوطنية من انقسام سياسى وجغرافى واجتماعى، هذا الشباب على ثقة أن من صنع الانقسام لايمكنه إنهاءه بالعقلية والأدوات الفئوية نفسها، لذلك المطلوب من طرفى الانقسام الاستجابة الصادقة والسريعة لإرادة الجماهير قبل فوات الأوان.

الحراك الشعبى له مطالب مشروعة يأتى على رأسها: عقد حوار وطنى شامل يجمع الفلسطينين، ووضع جدول زمنى محدد يعمل على إعادة اللحمة والتماسك للشعب الفلسطينى، ويعيد الاعتبار للقضية الوطنية، ويؤكد على ضرورة الشروع فى تحقيق المصالحة بين كل المكونات الاجتماعية والسياسية، والتوافق على حكومة وحدة وطنية مؤقتة تعمل على التحضير لانتخابات تشريعية، كما طالب حركتى فتح وحماس بوقف الحملات الإعلامية لتجسيد معانى الوحدة والمصالحة، وحق الشعب الفلسطينى فى المقاومة بكل أشكالها المعروفة حتى زوال الاحتلال، وإعادة تفعيل منظمة التحرير وترتيبها لتشكل بيتا جامعا للكل الفلسطينى لتبقى الممثل الشرعى للشعب الفلسطينى فى أماكن وجوده كافة.

الغريب فى الموضوع أن حركة حماس التى خرجت يوم الجمعة الماضى بأنصارها تجوب شوارع غزة مرددة شعارات تطالب بانهاء الانقسام، هى نفسها التى اعتقلت ممثلى شباب المجموعات المنظمة للتظاهرات، بالإضافة إلى عدد من المدونيين للتحقيق معهم أكثر من مرة، وقمعت المظاهرات التى خرجت لنفس الهدف، وفرقت جموعها، غير أن هؤلاء الشباب مؤمنون بأن أهدافهم وطنية نبيلة، وأنهم ليسوا أعداء لا للسلطة ولا لفتح ولا لحماس، وأن مطلبهم إنهاء الانقسام، وأنه فى حال الاعتداء عليهم من قبل رجال الشرطة وأجهزة الأمن التابعة لحماس، فإنهم لن يرشقوهم بالحجارة أو الزجاجات الفارغة، بل سيلقون عليهم الزهر والورد.

وهم بذلك يبعثون رسالة قوية يقولون فيها سواء كنتم قوات السلطة أو أفراد الأمن فى حركة حماس، فأنتم بالنسبة لنا بمثابة الجيش القائم على حمايتنا وليس قمعنا.

التعامل الفلسطينى مع حالة التغيير التى تعم المنطقة العربية، والاستقبال اللائق لهذه الحالة من قبل الفلسطينيين، يفرض ضرورة إنهاء حالة الانقسام المخزية التى عصفت بالقضية الفلسطينية، وأضعفت مقوماتها عربيا ودوليا، وقد وعت الجماهير الفلسطينية بخبرتها وتمرسها وامتلاكها لأدوات النضال منذ عقود لهذه الحقيقة، فكان الشعب الفلسطينى يريد إنهاء الإنقسام وهو الشعار الجامع فى المسيرات التى خرجت فى شوارع مدن فلسطين لمناصرة ثورات الشعوب العربية، وحالة التغيير ذاتها التى تعم المنطقة وماتبشر به من حقائق سياسية مختلفة، سيكون لها تأثيرات إيجابية هامة على نضال الشعب الفلسطينى بشكل مباشر، وبشكل غير مباشر بما ستفرزه من تأثيرات على السياسات والمواقف الدولية وكيفية التعامل معها، الذى سيصب بعد ذلك فى مصلحة قضية فلسطين، وسيكون فجر الوحدة أكثر إشراقا للمنطقة وللقضية الفلسطينية بشكل خاص.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة