كتبت بالأمس منتقداً غياب الدكتور محمد البرادعى فى الخارج يوم الاستفتاء، لأننى اعتبرت غيابه يمثل نوعا من التخلى يمكن أن يثير إحباطا بين من يطالبون بالتصويت برفض التعديلات المطروحة، وانتقدت غياب الدكتور البرادعى وتكرار سفره وهو انتقاد يتفق فيه بعض مؤيدى الرجل، لكن بعد نشر المقال اتصل بى بعض الأصدقاء من مؤيديه وأخبرونى أن الدكتور محمد البرادعى سوف يكون موجودا يوم الاستفتاء وسيدلى بصوته، فماذا أنت فاعل وقد انتقدت غيابه، قلت للصديق الذى اخبرنى أن البرادعى إذا عاد بالفعل أدلى بصوته فسوف اسحب انتقاداتى واعتذر له، لأن ما كتبته كان مرتبطا بموقف واحد هو سفره وغيابه يوم الاستفتاء وطالما أن الرجل عاد وحضر هذا اليوم فإن له حقا أن نعتذر له، لأن الانتقادات لا يكون لها محلا. وقد أعلن الدكتور البرادعى على "تويتر"، أنه سيدلى بصوته، بما يشير إلى عودته، وإذا كان ذلك كذلك ورأينا الرجل فى الاستفتاء سوف نعتذر له ونسحب الانتقاد. فودعنى وهو متشكك فى أننى سأسحب الانتقاد، وها أنا ذا أفى بالوعد. وأعتذر للرجل عن الانتقاد، طالما كان متسقا مع مواقفه.
لكن اللافت أن ردود الأفعال تجاه ما كتبته كانت مثيرة للدهشة، فالبعض اعتبر مجرد انتقاد الرجل نوعا من العداء يستدعى أن يشنوا هجوماً مضاداً، بينما رأى البعض أننى أسخر من الفيس بوك وتويتر، لأننى انتقدت اعتماد الدكتور البرادعى عليها، وكلها أمور لم أتطرق إليها، لأننى أستخدمها وأعتمد عليها. أما بعض التعليقات التى تستسهل إطلاق الشتائم فإنها لا تستحق التوقف عندها، لأنها لا تفيد ولا تضر ولا تمثل أفكارا نتوقف عندها.
كما أن البعض للحقيقة من مؤيدى الرجل أبدوا دهشتهم من غيابه، بينما آخرون اعتبروا الأمر طبيعيا وعاديا. ودافعوا عن الغياب الذى لم يثر انتقاداتى وحدى ولكن انتقادات كثيرين، وهى انتقادات تعنى اعترافا ضمنيا بقيمة الرجل.
وكان انتقادى للرجل فى موقف محدد هو غيابه فى موقف لا يحتمل الغياب، مع التأكيد على أن "من ينسى الذهاب إلى صندوق الانتخابات لا يستحق العيش فى بلد ديمقراطى" أما وقد عاد فإن الانتقاد لا يصبح له معنى، ولا أجد شيئا فى الاعتذار عن الانتقاد، فى حال وجود الرجل.
ومع هذا فإننى أحتفظ بحقى فى انتقاد أى شخص يتصدى للعمل العام وهذه قاعدة يفترض أن تسود، ونحن لا نمنح أحداً تأييداً على بياض، لأن هذا هو الذى يصنع التسلط، وقد كفانى بعض القراء مشكورين مهمة الحديث عن مواقفى فى انتقاد الرئيس السابق وحزبه ونظامه وهى مواقف مسجلة وموجودة لمن يريد فى الأرشيف، لأن المواقف محفوظة ولا يمكن تغييرها.
وبالتالى فإننى عندما انتقدت موقف الغياب كنت حريصا على التأكيد أن الوقت مبكر للحديث عن المرشحين وتقييمهم وهم ما زالوا فى حالة التسخين، وما زلنا فى حالة استكشاف ولا أحد من بين المرشحين المحتملين قدم ما يمكن البناء عليه تأييدا أو رفضا، وعلينا نقرأ جيدا ونختبر كل هؤلاء، ولا يكفى أن يطلق مرشح تصريحا تليفزيونيا أو صحفيا، ليحصل على الرضا والهتاف.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة