بيشوى رمزى رياض يكتب: نحو تفعيل المواطنة

السبت، 19 مارس 2011 01:40 ص
بيشوى رمزى رياض يكتب: نحو تفعيل المواطنة الوحدة الوطنية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رغم أن التعديلات الدستورية التى أقرها الشعب المصرى فى مارس2007، جعلت من مبدأ المواطنة أساساً للدستور، أسوة بكافة الدساتير التى تقوم عليها الدول المدنية، إلا أن ثمة انتقادات عديدة أطلقها بعض المفكرين يدور معظمها حول التطبيق الفعلى للمواطنة فى مصر، وطالبوا كثيراً بإصدار قوانين نضمن من خلالها تفعيلاً حقيقياً للمواطنة، والتى ظلت من وجهة نظرهم مجرد "حبر على ورق" لا قيمة له.

المواطنة تعنى المساواة بين كل من يحمل صفة المواطن، بغض النظر عن العقيدة الدينية أو اللون أو الجنس أو الانتماء السياسى، إلا أن هذا المفهوم الواسع قد اقتصر، إبان النظام السابق، على مسألتى الدين والجنس، ولذلك فقد تغنى رجال النظام كثيراً بما حققوه من تقدم - كما ادعوا- فى مسألة التمييز ضد الأقباط من خلال إصدار أو تعديل بعض القوانين المنظمة لبناء الكنائس أو ترميمها، أو مسألة التمييز ضد المرأة من خلال تعيينها فى بعض المناصب القيادية، أو تخصيص مقاعد لها بالبرلمان، أو إنشاء مؤسسات للدفاع عن حقوقها، كانت معظمها تحت إشراف السيدة الأولى آنذاك.

ومع ذلك لم ينجح النظام السابق فى تحقيق المساواة الكاملة فى هذا الإطار، فلو نظرنا إلى الملف القبطى نجد أن السنوات الماضية قد شهدت العديد من الأحداث الطائفية، دون أحكام رادعة، ولعل السبب الرئيسى فى ذلك هو اللجؤ إلى ما يسمى "المجالس العرفية"- فى كثير من الأحيان- عند التعامل مع مثل هذه القضايا، كما كانت مسألة تعيين الأقباط فى المناصب البارزة بالدولة تخضع دائما لتوازنات معينه، دون مساواة، وهو ما دفع الأقباط إلى الكنيسة من قبل للتعبيرعن غضبهم من خلالها، باعتبارها المؤسسة الوحيدة التى قد تتضامن معهم.

وكذلك غابت المواطنة عن التطبيق الفعلى، تجاه المرأة المصرية، والتى خضعت هى الأخرى لتوازنات معينة، عند تعيينها فى مختلف المناصب، ولعل أهم ما يحضرنى فى هذا الإطار هو حرمان المحجبات، من بعض المناصب أو الوظائف، كوظيفة مقدمى برامج بالتليفزيون الحكومى- بما فيها البرامج الإسلامية- أو كأعضاء بالسلك الدبلوماسى، بصرف النظر عن الكفاءة، بالرغم من أن هذا التمييز يعد مماثلاً لما مارسته بعض الدول الغربية تجاه الحجاب الإسلامى، وكذلك ترسيخاً للصورة المغلوطة لدى الغرب فى هذا الصدد.

لم يمتد مفهوم المواطنة من قبل ليشمل المساواة فى ممارسة الحقوق السياسية، فقد كان العمل السياسى مثلاً محظوراً بالجامعات، وهو ما ساهم إلى حد كبير فى نقص الوعى السياسى لدى غالبية خريجى الجامعات المصرية، وبالتالى زيادة رقعة الأمية السياسية بين الشباب، بالإضافة إلى الحظر السياسى الذى فرضه النظام على بعض الجماعات ذات الاتجاهات المعارضة مثل جماعة الإخوان المسلمين وغيرها.

فى الواقع أن تفعيل مبدأ المواطنة، لابد أن يكون أحد أهم ثمار انتفاضة الشعب المصرى، والتى هدفت فى الأساس إلى تحقيق المساواة والحرية والعدالة بين كل المصريين، الذين برهنوا على رغبتهم فى تحقيق المواطنة الحقيقية، من خلال تضامن المسلمين مع إخوانهم الأقباط ووقوفهم جنباً إلى جنب بعد الأحداث المؤسفة التى شهدتها قرية صول بأطفيح، كما أن خروج الأقباط أيضاً إلى الشارع للتعبير عن غضبهم، بعد أن كان ذلك قاصراً على الكنيسة، يعد تغيير مهما فى الملف القبطى لا يمكننا تجاهله.

ولعل الطريق الأمثل لتحقيق مواطنة حقيقية يتمثل فى إعادة هيكلة مؤسسات الدولة المصرية، لتصير أساساً لقيام دولة مدنية حديثة، قادرة على استيعاب وحماية كل مواطنيها وكذلك ضمان مختلف حقوقهم السياسية والاجتماعية وغيرها باختلاف معتقداتهم واتجاهاتهم واجناسهم، بعيداً عن حكم الفرد والذى عانينا منه طيلة العقود الأخيرة.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة