هيثم التابعى يكتب: فى الاستفتاء سأختار الإجابة رقم 3: تونس

الخميس، 17 مارس 2011 06:56 م
هيثم التابعى يكتب: فى الاستفتاء سأختار الإجابة رقم 3: تونس صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ربما يدفعك العنوان للتفكير فى الشأن التونسى، لما لا وتونس هى مفجرة الثورات العربية الشعبية، وملهمة أبناء النيل وأحفاد عمر المختار وأحفاد مملكة سبأ باليمن.

ولكن عنوانى هذا هو إجابة اعتاد الشباب المصرى أن يتندر بها كثيراً، خاصة فيما يخص مباريات الكرة، فمذيع ما سأل مشاهد سؤالاً، فإذا به وبلا تردد يقول "بسم الله الرحمن الرحيم، الإجابة رقم 3 تونس".

والحقيقة أننى سوف استخدم نفس الإجابة لأضعها على بطاقتى الانتخابية عصر السبت القادم (يوم إجازتى ومش هنزل استفتى بدرى).

ويسود مصر الآن جدل عنيف غير ديمقراطى حول الاستفتاء القادم، الكل يدافع عن موقفه ويسعى لحشد الآخرين حوله، وهو حق مشروع طالما لا يتعدى طرق الإقناع المتعارف عليها دولياً ولا يتخطاه لفرض الرأى بالقوة، ولعل قمة الممارسة الديمقراطية هنا تكمن فى النقاش البناء ومن بعده الذهاب لصناديق الاقتراع، لنضع ورقة لا تحمل حرفين أو ثلاث تتغنى بانتصار ثورتنا من خلال أول ممارسة ديمقراطية عبر الزمن على أرض الفراعنة.

أما إجابتى أنا على سؤال الاستفتاء، فإننى مقتنع أن دستور مصر الدائم الذى أصدره السادات فى 1971، قد سقط وفقد شرعيته باندلاع ونجاح ثورة 25 يناير.

فالشعب المصرى لم يخرج ليخلع رئيسه ورموزه الفاسدين فقط، بل كان شعاره الأقوى والذى ضغضغ مشاعرنا فى أيام الثورة الأولى "الشعب يريد إسقاط النظام".

والنظام السياسى الذى هتف الشعب لسقوطه دعامته الأولى دستور معيب كرس كل السلطات فى يد رب الدولة لا رئيسها ، حتى أنه جعله رئيسا لكل شىء حتى مرفق المطافئ، دستور 1971 لا يخلق رئيساً بل رباً وديكتاتورا وهو ما استغله مبارك وزبانيته أسوأ استخدام فعاشت مصر ثلاثين عاما خارج إطار الزمن.

التعديلات المطروحة الآن، ما هى إلا تجميل مؤقت لفتاة دميمة فى محاولة من أهلها لتدبيس أى عريس فيها، ولذا فأنا اختلف مع التعديلات كفكرة لا كمضمون، وللعلم فإن التعديلات نفسها – مع بعض تحفظاتى عليها وعلى أسلوب عرضها للاستفتاء – جيدة وكانت ستقابل ترحيب غير مسبوق حال تم عرضها طواعية من النظم السابق قبل 25 يناير، ولكن أزف الوقت، والثورة أسقطت ذلك الدستور تماماً.

ولكن فالتعديلات نفسها مريبة، فأنا اعترض مع منع المتزوج من أجنبية من الترشح لرئاسة الجمهورية، كما أن مدة الرئاسة قصيرة جداً، وكأننا لا نعرف الوسطية أبدا، فمن حكم رؤساء يمتد لعقود لفترة زمنية لا تتعدى نصف عقد للمدة الواحدة، ومدة الأربع سنوات غير منتشرة عالميا فى النظم الرئاسية إلا فى النظام الأمريكى المتشيع بالديمقراطية منذ عقود. وحتى تلك المادة تتعارض مع المادة 179 غير المطروحة للاستفتاء، بالإضافة إلى أن إلزام الرئيس الجديد بالدعوة لجمعية تأسيسية غير واضح، وغير محدد لمن هم أعضاء تلك اللجنة.

والأدهى، أن أى انتخابات حالياً لن تأتى إلا بالقوى السياسية الجاهزة على أرض المعترك السياسى حالياً، وهما اثنين لا ثالث لهما، فلول الحزب الوطنى بقيادة محمد كمال وعلى الدين هلال وربما جمال شرم الشيخ (عفواً، جمال مبارك) أو الإخوان المسلمين، وهو ما سيجعل البرلمان المنوط به إقرار دستور جديد لمصر غير معبر بشكل حقيقى عن ثورة يناير، فأنا وأنت وغيرنا من غير المنظمين سياسيا ستتفتت أصواتنا بين كل المرشحين ، بينما هناك كتل تصويتية بعينها ستتنافس، اللى مضايقنى بقا أكتر، برغم اختلافى مع التعديلات أصلاً، أنا ليه أروح أصوت على التعديلات لوكشة واحدة، فالأفضل هنا هو التصويت مادة مادة، خاصة أن رجل الشارع البسيط لم يجد أى شرح مبسط للتعديلات الدستورية ، يجعله يقرر بإرادته الحرة ما هو تصويته، كان لابد من حملات للتوعية للمواطنين وألا يترك الأمر لبرامج التو شو.

والغريب أننا فى مصر، كلما طالبنا بمطلب سياسى يتحقق فوراً فى تونس، نطالب بحل أمن الدول، فتحل فى تونس، نطالب بإسقاط حكومة شفيق، فيسقط الغنوشى فى تونس، نسقط الدستور، يتلغى فى تونس، ولعل الساسة فى تونس قد ارتأوا مبكر أن لا مفر من إلغاء دستور يخنق الحريات. وهو ما يبدو منطقيا، فالثورات لا تعدل دساتير بل تلغيها لتؤسس نظاما جديدا على أسس ديمقراطية أكثر عمقا تحترم حقوق الإنسان الأساسية وتمنحه حقوقا سياسية تدفع بعجلة الديمقراطية ، يعنى بالعامية كده نظام جديد على ماية بيضة.

التعديلات الدستورية الحالية لا تتعدى كونها عملية حياكة صعبة لفانلة داخلية مزقتها الزمن وأصبحت غير صالحة للاستخدام، إلا أن صاحبها ورغم أنه يمتلك رفاهية شراء أخرى، مصمم على ترقيعها.

ما يطمئنى فى تصويتى بـ (لا) هو تصريح د.يحيى الجمل، نائب رئيس المجلس الوزراء بأن المجلس يستعد لإعلان دستورى فى حال تم التصويت بـ(لا)، وما اشتمه حالياً هو رائحة استعجال غير مبررة لعجلة انتقال السلطة وكأن القوات المسلحة تتخلص من حمل ثقيل – هو كذلك – وتحاول أن تلقيه فى جعبة أول من يتلقفه منها، وفيما يبدو هنا أن من يسارع لتلقفه هم كل أولئك المحرمين من ممارسة العمل السياسى فى العقود الماضية.

إجابتى هى (لا)، أو بمعنى أصح الإجابة رقم ثلاثة تونس.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة