◄◄ معركة الرئاسة بدأت على الإنترنت والفضائيات بصراع الأرشيف والسخرية
قبل ثورة يناير لم يكن أحد يفكر فى طرح نفسه كمنافس على انتخابات الرئاسة، لكن الأحوال تغيرت، تم إسقاط الرئيس السابق والدعوة لإنهاء نظامه الذى ظل جاثما طوال 30 عاماً تم فيها تجريف الحياة السياسية واستبعاد الشعب. هناك تعديلات دستورية لاتزال تثير الجدل، والمخاوف، وسواء تم رفض التعديلات أو قبولها فى الاستفتاء هناك انتخابات رئاسية.
وأسماء كانت مطروحة وأصبحت أكثر طرحاً. الدكتور محمد البرادعى وعمرو موسى وحمدين صباحى وأيمن نور، ولاتزال هذه الأسماء مطروحة، وأضيف لها المستشار هشام البسطويسى.
خلال الاسبوع الماضى تجاوز الأمر عمليات جس النبض، وبدأ المرشحون يطرحون أسماءهم ليس بالأشكال السابقة، لكن كانت الفضائيات والفيس بوك مكانا لهذا الإعلان. الحملات الدعائية والحملات المضادة. الأرشيف أصبح مادة للدعاية وللمعارك.. البرادعى أعلن ترشحه فى قناة «أون تى فى»، وعمرو موسى بدأ جولته بساقية الصاوى. أيمن نور أيضاً أعلن خوض المنافسة، وحملة حمدين صباحى نشيطة على الإنترنت، والفيس بوك.
عمرو موسى بدأ حملته بلقاء فى ساقية الصاوى ومنع الفضائيات فخسر لأنه وجد نفسه فى مواجهة شباب غنى بالأسئلة. كاريزما أيام الخارجية لم تعد تكفى، موسى حاول استعادة المبادرة بتصريحات ولقاءات لكنه ظل يستخدم أساليب انتهت مع أدوات الاتصال، مما حول حديثه إلى قطع على فيس بوك، بعضها مصحوبة بتعليقات تنزع منها معناها، وهى عادة نقل الأخبار على الموقع الاجتماعى، الخبر مع مقدمة مدح أو شتم تكون كافية لفتح الشهية أو نقل موقف. الفضائيات تلعب الدور الأساسى فى ترويج البنى آدمين ولم يأت بعد دور اللقاءات والمؤتمرات الجماهيرية، وإن كان البرادعى له خبرة أكبر قليلاً.
الفيس بوك واليوتيوب أصبحت أدوات وأماكن لحملات الدعاية وأيضاً للحملات المضادة، فقد استخرج أنصار البرادعى تسجيلات لعمرو موسى كان فيها متحفظا وبعضها كان يعلن فيه مديحاً فى شخص الرئيس السابق، وابنه جمال مبارك، وكان متحفظا جداً فى ردوده وكان هذا الحديث مع سليمان جودة فى خط أحمر من شهور، استخدمه معارضو موسى ضمن حملة على الفيس بوك بعنوان «إنسى ياعمرو»، تضمنت هذه الآراء السابقة لموسى.
حوار البرادعى مع أون تى فى كان مناسبة ليعلن ترشيح نفسه للرئاسة، ورد على أسئلة مطروحة، قال إنه أول من ثار فكرة التغيير وحرص على أن يؤكد أن الشباب هم المفجرون الحقيقيون للثورة، وبدا أكثر اقترابا من السياسة.
وعندما سأله يسرى فودة عن موقفه- إذا أصبح رئيساً- من المادة الثانية من الدستور التى تقول إن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع. قال: سـأطبق هذه المادة لأن الشريعة الإسلامية هى الشريعة التى تضمن العدل والمساواة لجميع الأديان ولا خلاف عليها، وهى إجابة تشير إلى أن البرادعى أصبح مسيساً أكثر مما كان عليه عندما كان الحديث عاماً وكان مرشحاً محتملاً. فقد أجاب برؤية أثارت عليه هجوما من تيارات إسلامية ممن يعتبرون المادة الثانية غير قابلة للمناقشة واتهموه بمعاداة الإسلام. أما الآن فقد أجاب البرادعى إجابة سياسية تشير إلى أنه يستمع لمستشارين ربما كان منهم إبراهيم عيسى أو علاء الأسوانى اللذان انضما لتيار يرى أن الجدل حول المادة يفرق وأنه ليس وقته، وهو رأى سياسى وإن كان لم يعجب آخرين يرون أهمية مناقشة كل القضايا.
ومما يشير إلى فكرة المستشارين للبرادعى أنه كان حريصاً على توضيح رده على اتهامات انطلقت من أنصار النظام السابق أو من معارضين، حيث أكد أنه أول من تصدى وأثبت أن العراق ليس به سلاح نووى. وعن رأيه فى معاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل قال البرادعى نحن لا نعيش فى سلام مع الإسرائيليين لأن فلسطين مازالت محتلة، ولكننى أولاً لابد أن أعرف قوة عدوى، وبدد الشكوك حول جنسيته وقال إنه ليس لديه جنسية أخرى وأن زوج ابنته كان غير مسلم ثم أسلم.
البرادعى أعاد التأكيد على اهتمامه بالعشوائيات وأعلن أنه سيعقد أول مؤتمر له بعد الرئاسة من منطقة عشوائية.
كان حديث البرادعى لـ«أون تى فى» أكثر توفيقاً من حديثه الأول لمنى الشاذلى، وحتى التأتأة تحولت إلى ميزة فى رأى أنصار البرادعى، الذين لم يعتبروها عيبا طالما كان الشخص صادقاً.
التأتأة كانت مقدمة للإشارة إلى الكاريزما فقد كان هناك كثيرون على الفيس بوك أعلنوا رفضهم للبرادعى وقالوا إنه يفتقد إلى الكاريزما، وهو أمر رد عليه كثيرون ومنهم إبراهيم عيسى الذى قال فى لقاء بمكتبة الشروق: «إن عمرو موسى عنده كاريزما لكن البرادعى عنده ضمير»، عيسى لم يخف انحيازه لمحمد البرادعى ورفضه لعمرو موسى، وسبق له أن أعلن أن أهم شرط فى المرشح للرئاسة ألا يكون أميناً للجامعة العربية، فهو حسب عيسى، سكرتير لـ22 ديكتاتوراً عربياً، لم ينطق بكلمة واحدة ضد سياسات مبارك، فكيف يأتى الآن راغبا فى مقعد الرئاسة. وتهكم «هو مرشح شعبان عبدالرحيم، لكن هذا لا ينفى احترامنا له ولا لمؤيديه».
موضوع الكاريزما كان مثار نقاش على الفيس بوك، الموقع الاجتماعى الذى أصبح مكانا للجدل السياسى ووسيلة إعلام موجودة ولها جمهورها. نقلت الفيس بوك النقاش والجدل حول الرئاسة، بعد أن أعلن البعض أنها كانت أحد أهم أسباب نجاح ثورة يناير، التى حرص إبراهيم عيسى على أن يؤكد أنها ثورة شعبية دعت لها التيارات السياسية التى بدأت تمارس أنشطتها منذ 2004 مع حركة كفاية وغيرها. وأضاف: «هناك جهتان، إحداهما حملة البرادعى»، وأكد: البرادعى كان له دور مهم فى الثورة, وقال: إنهم حجبوا يوم 25 يناير مجموعة من مواقع الإنترنت التى تدعو، وتنادى، وتشكل جزءاً من التواصل بين المتظاهرين، ثم قطعوا الإنترنت والاتصالات، والرسائل، من يوم 27 يناير، حتى 3 فبراير، وقال: الثورة قامت بإرادة المصريين، وليس بإرادة الفيس بوك، الذى كان موجودا طوال الوقت، وفى كل الدول.
لكن حملة البرادعى لم تكن تأييداً فقط بل كانت رداً على اتهامات ومعارضين، بعضهم ضمن حملة عمرو موسى، أو أيمن نور، الذى يرى نفسه أكثر تأثيراً، وأنه دفع ثمناً لمعارضة النظام السابق. أيمن نور أعلن عن ترشيح نفسه فى دريم، وحمدين صباحى تحدث فى برنامج القاهرة اليوم على أوربيت، الذى استضاف كل المرشحين، منهم عبدالله الأشعل السفير السابق، والناشط السياسى، الذى ترك الخارجية عهد عمرو موسى.
وعلى الهامش كان هناك مرشحون افتراضيون منهم الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء السابق الذى خرج بناء على طلب جماهير اعتبرته من النظام السابق، وتشكلت مجموعات تدعمه على الفيس بوك، لكن المشكلة أن ترشيح أحمد شفيق جاء من طرف المستشار مرتضى منصور، الذى كان أحد قلائل احتفظوا برفضهم وعدائهم للثورة، بل إنه شارك فى تجمع أمام مسجد مصطفى محمود يوم الجمعة، هاجم فيه الثورة والمعارضة، ومقدمى الـ«توك شو» على الفضائيات المصرية. وهاجم الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، ومنى الشاذلى وعمرو أديب وريم ماجد وبثينة كامل، وعلاء الأسوانى والدكتور محمد البرادعى وأيمن نور. مشيراً إلى أنه ممنوع من الظهور فى الإعلام، مع أنه أعلن أنه «سيظهر فى قناة المحور». منصور قال: «هى فين الثورة عشان تبقى فيه ثورة مضادة.. لكل ثورة قائد مثل أحمد عرابى وسعد زغلول وجمال عبدالناصر، ولكن هل هناك ثورة يقودها شادى ووائل؟».
تصريحات منصور كانت محلاً لسخرية مضادة على الفيس بوك، حيث تم نشرها «شيرنج» مع تعليقات ساخرة ورافضة. خاصة أنه دعا الفريق أحمد شفيق للترشح للرئاسة، وقال إنه سيدعمه، وهو ما دفع بعض النشطاء للقول إن شفيق بهذا خسر قبل أن يترشح، وأعلنت بعض الأخبار أن مرتضى منصور ربما يرشح نفسه. باعتباره كان رئيساً لنادى الزمالك. وتوسع البعض فقال إن منصور لاشك لديه سيديهات للمنافسين على الرئاسة. وفى نفس السياق أعلن بعض الأشخاص ترشيح المطرب عمرو مصطفى للرئاسة. وهو ما كان مثار سخرية لرواد الفيس بوك.