من الملاحظ الآن أن كل اتجاه سياسى يعلن عن نفسه، يساور البعض منا الخوف والشك والريبة من ذلك الاتجاه، وبالتالى يشتد الخوف على مستقبل بلدنا، وأعطى مثالا لذلك بأن جماعة الإخوان المسلمين عندما يعلنون عن تأسيسهم لحزب سياسى يعكف كوادره على طمأنة الرأى العام بأن حزبه المزمع إنشاؤه مفتوح على الكل وأنه غير معاد للأقباط ويسهبون فى شرح كل جوانب الطمأنينة فى نفوس كل جموع الشعب المصرى، وهكذا عندما أعلن التيار الجهادى بقيادة الشيخ عبود الزمر عن عزمه خوض الحياة السياسية وغيره من التيارات المختلفة.
وما أود تبيانه أن تلك المخاوف من مشاركة كل التيارات فى الحياة السياسية لا يُقلقنا إطلاقا، لأن ما كنا ننادى به وننشده بإطلاق الحريات المُنضبطة والتى هى فى إطار احترام الشرعية وعادات وتقاليد وأعراف مجتمعنا المصرى لا تجعلنا نرتد على أعقابنا لمجرد ظهور تيار كان قد استخدم فزاعة على طول الخط لتنفيذ مخطط بعينه من قبل النظام السابق أو تيار كان له سمة العنف فى تنفيذ سياسته، والآن لديه مُراجعات فقهية ودينية موثقة تاريخيا وشعبيا، فأهلاً بكل التيارات والأفكار، أهلاً بالحرية المسئولة، أهلاً بالإخوان والسلفية والجهاد، أهلاً بالأقباط، أهلاً بالليبراليين واليساريين، الكل من حقه أن يدلو بدلوه ويشارك فى إطار من الشرعية والحرية المكفولة بحماية القانون، لأن الخطر كل الخطر فى الحظر والمنع وكفانا ما فات من ممارسات لم ينتج عنها إلا كل سوء وفساد كبيرين، الحديد لا يفله إلا الحديد والفكر لا يفله إلا الفكر فليكن عصر التعايش والتدريب والتجريب على التعددية والتنوع ولنعشها فترة ولن تكون أكثر سوء مما مضى ولنرى كل تيار وما يحمله لنا من برامج وخبرات ونماذج تبحرنا بأمان إلى بر الرخاء والتقدم والازدهار وليتركوا لنا حرية الاختيار، لا نريد وصاية من أحد كائنا من كان.
نحن شعب قد بلغنا سن الرشد منذ أمد بعيد، ولكن أحداً من قبل لا يدرى حتى عرف ولكن بعد أن فات الأوان يا سادة دعونا نتمتع بنعمة الاختيار، خصوصا فى وجود كل هذه الضمانات المُبشرة فى قضاء عادل شامخ قادر على الفصل بين الحق والباطل، دعونا ولأول مرة نتمتع بنعمة الحرص الشديد على الذهاب إلى صناديق الاقتراع لشعورنا الآن والآن فقط بمدى أهمية صوتى فى أى عملية انتخابية بصرف النظر مع أو ضد ولتكن ملحمة الديمقراطية.
