"اليوم السابع" فى قرية «صول» بحثاً عن سر الفتنة التى كادت تحرق المسلمين والأقباط

الخميس، 17 مارس 2011 09:19 م
"اليوم السابع" فى قرية «صول» بحثاً عن سر الفتنة التى كادت تحرق المسلمين والأقباط الجيش يغلق الشوارع المؤدية للكنيسة
تحقيق - سارة علام - تصوير: ماهر إسكندر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ الأهالى: السحر من الأنشطة التجارية بالقرية و«ميلاد» و«عبدالرحيم» ساحرا الفتنة
كأى صباح عادى استيقظت قرية «صول» بمركز أطفيح، الفلاحون فى غيطانهم يزرعون ويحرثون الأرض، والباعة فى الأسواق ينادون على بضائعهم، إلا أن القرية التى تقع فى قلب صحراء حلوان كانت على موعد مع سيارات الإعلاميين الفارهة وأجهزة البث التليفزيونى التى لم تسمع من المدينة سوى صوت الفتنة النكراء، وشيوخ ودعاة وثوار هرولوا إليها لإنقاذ ما بقى من مصر بعد أن تركها مبارك مرتعا للفتن وضحية للجهل وموطنا للفقر.

فى مدخل القرية بيوت ريفية على اليسار وأرض زراعية على اليمين، ومنزلان متطرفان فى الخارج يرسم الصليب أبوابهما، وأمامهما حصيرة بدائية تجلس عليها سيدة مسنة أكل الزمن وجهها تحاول أن تختبئ فى بطانية فقيرة من برد الشتاء ورياحه، إذا اقتربت منها ستسمع فى صوتها أنينا وبكاء فلا تتعجب إن علمت أنها والدة «أشرف لبيب» الشاب القبطى الذى اتهموه بإقامة علاقة عاطفية مع سيدة متزوجة مسلمة قتل أبوها العجوز ابن عمها الشاب فمات الاثنان بسببها وهدمت الكنيسة بعد الاشتباه فى شرفها.

تقترب منها أكثر فتقول «أم يوسف» أو «أم أشرف»: أخشى العودة إلى منزلى الآن، وتبكى «أنا مش عاوزه حاجة أنا عاوزاهم يبنوا بيت ربنا اللى اتهد»، «أهل البلد مسلمين ومسيحيين اتفقوا أنى لازم أمشى أنا وولدى من البيت علشان الدنيا تهدا وكتبوا عليه للبيع، وعربية أشرف ولدى اتحرقت وعليها أقساط للبنك».

يقترب ابنها الكبير «يوسف» ويحكى لك التفاصيل، أشاع أهل القرية أن هناك علاقة تجمع أشرف أخى بسيدة متزوجة مسلمة تسكن فى البيت المقابل له مباشرة، وكنا نسمع هذا الكلام إلى أن وصل الأمر إلى ابن عمها المرحوم «محمد حسين» طلب من والدها قتلها ورفض الأب وأبلغه «أنا بنتى ماتتقتلش»، وفى الليل حاول الشاب إقناعه مرة أخرى واقتتلوا فى الأرض ومات الاثنان، وعبرت الجنازة من أمام الكنيسة بعد الدفن وهاجموها والبيوت المحيطة، حولها ومن بينها منزل «ميلاد» الساحر الذى وجدوا بحوزته أوراقا قالوا إنها وجدت بالكنيسة للسحر».

ندخل إلى ساحة القرية، فنقابل المقدس «شنودة نسيم عياد» الموظف بمحطة كهرباء الكريمات القريبة من القرية ليكشف لك عن مفاجأة أخرى، فحادث أطفيح الأخير هو تطور لقصة قديمة تعود إلى عام 2009 عندما أشاع أهل القرية وجود علاقة مشابهة بين شاب مسيحى يدعى «مجدى عزيز» وسيدة أخرى مطلقة مسلمة، إلا أن أهل «صول» تداركوا الأمر ولم يتطور إلى فتنة، ويشير إلى أن الحكماء من الطرفين رأوا إخراج الشابين والفتاتين من القرية حقنا للدماء، ويضيف «ماحدش أجبر حد على الطلوع من بيته والمسيحيين اللى مشيوا طلعوا علشان خايفين بس أنا قاعد وولاد عمى قاعدين مع الحاج عبدالحميد البحيرى فى نفس البيت».

وأمام الوحدة المحلية التى يعمل معظم سكانها بالزراعة أو بمحطة كهرباء الكريمات، قابلنا «حسين محمود» وهو أحد شباب القرية المتعلمين الذى لم يستبعد أن تكون الأحداث الأخيرة مؤامرة من أمن الدولة للقضاء على الثورة ويقول «إذا كانوا بيتجسسوا على المفتى مش هايفتنوا البلد!».

نمشى قليلا لندخل السوق، فنقابل «سيد سعيد عمار» أو سيد أبو سعيد» كما ينادى أهالى القرية أبناءهم فيضعون «أبو» بين اسم الرجل وأبيه وهو مدير قصر ثقافة صول، ويؤكد أن إعادة بناء الكنيسة فى مكانها «على رقبته»، ويعد بالاستجابة لأوامر الشيخ محمد حسان ولمبادرة عمرو خالد.

ومع عمار، شاب آخر، يخرج من جيبه ورقة يتداولها الشباب على نطاق واسع قالوا إنها وجدت بالكنيسة وتحوى أسماء أهالى القرية الأموات منهم والأحياء وبعض الأرقام الغريبة مثل 280x150، ويقول إنها أرقام سحرية، ولا يمكن الاستدلال على صحة وجودها فى الكنيسة.

أما «عيد الشماس» وهو كبير شمامسة الكنيسة وأحد الشاهدين على الأحداث فيقول لك أنه يتابع مقالات عمرو خالد على الإنترنت، ومعجب بآرائه وأفكاره المعتدلة ويخشى ألا يعاد بناء الكنيسة فى مكانها بعد أن عاش ليلة الفتنة يحاول إنقاذ «أبونا» من الجماهير الغاضبة التى اندفعت من الجنازة لتهدم الكنيسة.

ويفجر مفاجأة أن السحر من الأعمال التجارية المتعارف عليها بين السكان، ففى المدينة «ميلاد الساحر» الذى طردته الكنيسة منذ سنوات لحرمانية ما يفعل، وكذلك «عبدالرحيم» ساحر القرية الآخر.

ويقول كبير الشمامسة، ميلاد الساحر كل البلد عارفاه وبيته قدام الكنيسة، وكنت داخل الكنيسة لما هجموا عليها وعلى البيوت اللى حواليها وأكيد لقيوا الورق عنده.

نترك كبير الشمامسة منفعلا وحزينا على كنيسة كان يبتهل ويصلى فيها، ويستقبلنا العمدة «محمود عبدالعليم غيث» عمدة القرية وكبيرها وقد جمع فى بيته حشدا كبيرا من العائلات القبطية والمسلمة على الغداء وعددا كبيرا من الشباب، ويقول: يوم 26 يناير وقبل أحداث الكنيسة جمعت الكبار من كل عائلة وأصدرنا لائحة للعمل الداخلى بالقرية تضمن الاستقرار لحين عودة الشرطة، ويتألف من 10 بنود جاء البند الأول فيها لتدعيم الأخلاق، والثانى المساواة بين المسلمين والمسيحيين فى جميع الحقوق والواجبات «مسلم ومسيحى إيد واحدة»، وأن مجلس إدارة القرية فى انعقاد دائم لمعاقبة من يحيد عن ذلك، شاكرا المحافظ «قدرى أبو حسين« على دوره منذ بداية الأحداث وحتى الآن.

خلف منزل العمدة، كانت مغامرة العبور إلى كنيسة الشهيدين، التى تقع بشارع جانبى ضيق لا يسمح بمرور سيارتين متجاورتين وحولها محال وأنشطة تجارية فى كل مكان، والجيش يضع حواجز أمنية كتلك التى تضعها مصر على معبر رفح، والدبابات تمنعك من الدخول والشائعات تملأ الدنيا عن كنيسة سرق هادموها «براءة الثورة» بتعصبهم البغيض، حاولنا عبور الحاجز وأبدى رجال القوات المسلحة رغبتهم فى إظهار الحقيقة كما هى، ولكن أهالى القرية رفضوا خشية أن يفتح المعبر فيحدث ما لا تحمد عقباه، من الناحية الأخرى ضباط القوات المسلحة موجودون أيضا تستأذنهم فيأذنون لك.

أمام الكنيسة ترى رجال الجيش ينتشرون فى المبنى، ولكن للفحص والمعاينة والحفاظ على أساسات الكنيسة بعد أن انهارت واجهاتها الأمامية بأيدى المتعصبين، يطمئنك رجال القوات المسلحة أنهم سيبدأون فى نقل مواد البناء بعد غد من أجل إنجاز الكنيسة وتسليمها لأهلها للصلاة فيها مرة أخرى، لأن كلمة الله هى العليا وكلمة الفتنة هى السفلى.


















جنود القوات المسلحة يحرسون بقايا الكنيسة المهدمة





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة