محمد حمدى

ملاحظات حول كنيسة صول.. غيروا ما بأنفسكم

الأربعاء، 16 مارس 2011 01:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تابعت باهتمام شديد ما حدث فى قرية صول التابعة لمركز أطفيح، منذ هدم كنيسة القديسين وحرقها، حتى بدء القوات المسلحة فى بنائها من جديد، كما تابعت كافة التعليقات الصادرة عن أحزاب وتنظيمات سياسية ودينية، وغيرها من التعليقات والمواقف التى حفلت بها الصحف والمحطات الليفزيونية وحتى الإنترنت.

وأتوقف عند الحديث عن وقوف بقايا أمن الدولة وفلول الحزب الوطنى وراء جريمة هدم الكنيسة، فى إطار ما اصطلح على تسميته بالثورة المضادة، وقيلت تبريرات كثيرة فى هذا الصدد من بينها أن مصر شهدت أكبر نموذج للوحدة الوطنية خلال الثورة، حيث لم تتعرض كنيسة إلى هجوم، ولم يطل الموضوع الطائفى برأسه فى ميدان التحرير، أو غيره من الميادين فى مختلف المدن المصرية.

وأعتقد أن هذا القياس ليس فى محله، لأنه فى الأحداث الوطنية المهمة تتراجع القضايا الخلافية، وتخمد نار الطائفية، ولعله من المفيد التذكير بأن مصر التى تعانى احتكاكات طائفية شبه يومية، توقفت فيها هذه الأحداث فى المرات الثلاث التى فازت فيها مصر بكأس الأمم الأفريقية مؤخرا، وخرج المصريون جميعا للاحتفال بهذه البطولات فى الشوارع دون تفرقة على أساس الدين.

وقد يحلو للبعض الحديث عن أصابع أمن الدولة والحزب الوطنى، ولست أدافع عنهما، فى كل ما تعيشه مصر من أحداث، رغم اعتقادى أن ما تبقى منهما ليس قادراً الآن لا على صياغة مؤمرات، أو التخطيط لثورة مضادة، بقدر محاولاتهم القفز من المركب الغارق ومحاولة النجاة، خاصة وأن اتهامات الفساد، وإطلاق النار على المتظاهرين لا تستثنى أحدا.

ويخطئ من يتصور أن الثورة التى أطاحت النظام السابق قد أطاحت فى نفس الوقت المناخ الطائفى المحتقن فى مصر، فمسببات الفتنة لا تزال قائمة، ومنها قضية حرية إقامة الشعائر الدينية وبناء دور العبادة، وحرية الاعتقاد، وتغيير المعتقد، وحتى قدرة المجتمع المصرى المحافظ فى غالبيته على تقبل وجود علاقات عاطفية بين أتباع ديانات مختلفة، أو حتى من نفس الدين الواحد.

الثورة أطاحت النظام وصنعت أجواء جديدة من التفاؤل، وأظهرت الكثير من الإيجابية فى الشخصية المصرية، لكن الفعل الثورى بمفرده لا يغير الناس، فالتغيير فى الشخصية يحتاج إلى سنوات طويلة حتى يكتمل، تغيير يجب أن يبدأ من المدرسة، عبر مناهج دراسية جديدة تحث على التعايش، وتنبذ الفرقة، ومن خلال ممارسات حقيقية فى البيت والمدرسة، تعلى قيم المواطنة، ولا تميز بين الناس على أساس الدين.

تغييرات تحتاج إلى إعلام مسئول قادر على إشاعة ثقافة قبول الآخر، أى آخر، وبناء القدرة لدى المواطنين المصريين على الاختلاف، والمناقشة العاقلة دون تشبث بالرأى.. اختلاف تدعمه وزارة ثقافة فاعلة تنشر ثقافة الاختلاف والتعايش فى قصور الثقافة المهملة فى معظم أنحاء الجمهورية.. ومجلس أعلى للشباب يعيد إحياء مراكز الشباب الموجودة فى كل قرية وحى ويجعلها أداة للتنوير، وليست ذراعا حكوميا للسيطرة على أدمغة الشباب.

الطائفية مرض لا يزال ينهش فى الجسد المصرى، ولن نقضى عليها ما لم نغير ما بأنفسنا.

mhamdy12@yahoo.com








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة