من المؤكد تباين كل مؤرخ عن الآخر باختيار بداية توقيت التأريخ لتلك الأحداث الراهنة، والتى تندرج تحت شعبة التاريخ المعاصر، وتكتب تحت عنوان "أبناء الثورة" ويبدأ المؤرخ التأريخ بما حدث قبل 25 يناير ويظل يدون حتى يجتاز أول ثلاثة أعوام ومن هنا يبدأ كل مؤرخ بتحديد النقطة الفاصلة بالتاريخ والتى تحول الشعب من خلالها لعهد جديد على يد الراديكاليين المصريين والراديكالية هنا تعنى من يريد الإصلاح التام، فيبدأ الديالكتيك التاريخى بين المؤرخين فيعتبر فريق من المؤرخين ما حدث يوم 25يناير هو الحد الفاصل للمرحلة الانتقالية، ويؤيد فريق برأيه حول 11 فبراير باعتباره الحد الفاصل والنصر الحقيقى، والبعض يتحدث بشأن تعيين الحكومة الجديدة والرئيس الجديد، وفريق أخير يلتف حول تقدم ملموس، ويعتبر هذا التقدم هو الحد الفاصل الذى من خلاله يمكنا القول بأننا نشاهد عهدا جديدا.. وهكذا يختلف المؤرخون حول النقطة الفاصلة، ومن هنا نتفق بأن كل ما حدث بمصر خلال الأيام القليلة الماضية وكل ما سوف يحدث بالقريب، أجمع على رسم التاريخ وتأليف سيناريو مصر الجديد، ولا يوجد نقطة منفصلة تمثل الحد الفاصل لتغيير العهد، من هنا نعتبر الانتقال من عهد إلى آخر لا يحدث بين يوم وآخر، ولكن التغيير لابد وأن يكون له بداية ونهاية، فشأنه شأن الإنسان حيث يمر بثلاث مراحل تبدأ بمرحلة النمو والصبى ثم الشباب ثم الشيخوخة بعد ذلك، وبين كل مرحلة والثانية لا يوجد يوم فاصل ليدل على الانتقال، وهذا أيضا ما يحدث بشأن الدول والحضارات، فشأنها مثل شأن الإنسان، ولكنى أعتقد هنا بأن كل ما مر على مصر من الستة عقود الأخيرة ما هو إلا مرحلة نمو، وما يحدث اليوم هو الانتقال إلى عهد جديد، ومرة ثانية أتحدث لهؤلاء المؤرخين بشأن ما سوف يتم تأريخه وابدأ حديثى بكلمة " ومن هنا "ولكن قبل أن نبدأ الحديث علينا جميعا أن نقف دقيقة حداد على أرواح الشهداء، هؤلاء سوف يعتبرهم التاريخ خلة الشعب المصرى، حيث كان خروج هؤلاء من أجل مواجهة بيروقراطية العهد القديم لذلك سوف يعتبرهم التاريخ قربانا للعهد الجديد.
ومن هنا وبعدما انتقل صولجان الحكم من السلطوية إلى الشعب مرة أخرى نبدأ برسم العهد الجديد ونحاول الدمج بين الاشتراكية التى حاول الراحل جمال عبد الناصر ترسيخها، والرأسمالية التى جاء بها السادات دون الليبرالية، وهذا بعد إعلانه للانفتاح الاقتصادى، بالإضافة إلى ظهور مبارك بالديمقراطية التى فشل بترسيخها بعدما زوج الرأسمالية بالسياسة وأصبح رجال الاقتصاد هم من يحكمون البلاد، وأصبح المال والسلطة يمتلكهم شخص واحد، ولم ينته الأمر بذلك ولكن زاد بسقوط بعض الأقلام فريسة لهؤلاء الرجال، وانتقال الإعلام من دوره كوسيط بين الشعب ورجال الحكومة، إلى آله تكتب ما يريد رجال الحكومة وتحمد أعمالهم، وبرياء هؤلاء فقد الكثير من المواطنين حقهم فى ضوء الشمس، وثمرة الأرض، وماء النهر، ولكن الآن مضت السلطوية وبزوغ شمس الديمقراطية أصبح أكثر وضوحا، ومن هنا نحن بحاجة إلى إعلام ليبرالى، فأنا أول من يرفض الأقلام الفاسدة فى العهد الجديد، رغم إدراكى جيدا لمدى قدرتهم على الكتابة، لكنى أرغب التخلص من هؤلاء بالقريب حتى يصبح الإعلام كما يجب أن يكون.
ومن هنا أيضا نراقب ما حدث وما سوف يحدث فى الدولة العربية، حيث رفعت بعض الدول العربية صوت العصيان على أرباب دولتهم مثلما حدث بمصر، ولكن يجب علينا الاتحاد من أجل تحرير أرضنا، اليوم قام الشعب المصرى بإعلان أن الشعب والجيش يد واحدة، فلابد أن نعلن بأن جميع العرب يد واحدة تحت قيادة الثوار العرب من كل دولة بدلا من العلاقات القديمة التى كانت تقوم على علاقات شخصية لبعض أرباب البلاد، وما حدث اليوم يجعلنا نحن الشعوب العربية نحرر عروبتنا أولا حتى نحرر الأرض المحتلة ونقضى على الركض الخارجى بعد ذلك، ونفكر جميعا بأن يكون لجميع العرب عيد مشترك تحت مسمى يوم العرب، وأن يبدأ هذا اليوم بمنتصف شهر ديسمبر المقبل حتى تتمكن بعض الدول من استتباب الأمن بداخلها، ونبدأ عاما جديدا يجمع الدول العربية بقيادة الثوار.
