لماذا إصرار الحكام العرب وأبنائهم على الجلوس على كراسيهم رغم رفض شعوبهم لهم ويفرضون أنفسهم بالقوة، وكأن هذه البلاد حق مكتسب لهم ورثوه عن أجدادهم وهو ملك لهم لا يحق لأحد أن يعترض عليهم أو يعارضهم وإذا عارضهم يكشروا عن أنيابهم الكريهة حتى ولو على حساب دماء أبناء شعوبهم يكيلون له الطعنات القاتلة ولا مانع من سقوط الشهداء والجرحى والمصابين فهم يبذلون كل ما بوسعهم بالطرق المشروعة أو غير المشروعة للبقاء بلا أى مبرر، والغريب أن الشهداء ونزف الدماء لا يحرك ساكنا فى قلوبهم المتحجرة.
وقد شاهدنا ذلك فى النموذج التونسى 28 يوما من المعارك وسقوط الجرحى والشهداء والرئيس مصر على البقاء وكأنها عزبته الخاصة لا يحق لأحد المطالبة برحيله فكيف يرحل من شئ ملكه ورثه عن أجداده ولكن مع انتصار الشعب وإصراره على الحرية يخرج الرئيس ليس اقتناعا أو أن ذرة إحساس وشموخ فى داخله جعلته يترك شعبا لا يريده لا بل وبعد أن نفذت حيله وحان وقت الخوف من أن تصل إليه أيادى الشعب ليفتكوا به، فاضطر أن يهرب ذعرا وخوفا على حياته وعلى ما استنزفه من ثروات شعبه ليفر هاربا بما حمله من ثروات.
ويأتى بعده النموذج المصرى والذى ربض على صدر هذا الشعب 30 عاما من القهر والخزى والذل لهذا الشعب الأبى الشعب المصرى الذى عانى من صلف وزاراته وزارة تلو الأخرى تكبت وتنهش فى لحمه وعظامه بدم بارد بلا أى اعتبار أن هذا الشعب هو عنوان الأمة العربية بأكملها هو رمز للكفاح والكرامة والتضحية من أجل الحرية وظنوا أن هذا الشعب مات.. وانتهى أمره منذ زمن بعيد فلم يحاولوا أن يستغلوا طيبته أو سكوته فى كسب وده والعمل من أجله بل ظلوا يكيلون له الضربات الموجعة من قهر واعتقال ودسائس وحيل لقمعه وسكوته من كل صوب وحدب.. حتى جاءت أغبى وأكثر وزارة تبلدا فزادوا عليه القهر والضغط وتزوير إرادته ومن هنا الشعب بدأت تغلى الدماء فى شرايينه من تبلد وتبجح وظلم هذا النظام وليساهم اثنين من ممثلى هذه الوزارة ويعجلوا بالثورة وهما رئيس الوزراء المتعجرف والذى كان ينظر للشعب بكبرياء وتعالى غير مبررين مما جعل له اكبر نسبة من الكارهين له ولأسلوبه الذى لا يمت للسياسة بصلة ولا ننسى كلماته المستفزة -الحكومة مش ماما وبابا - وآخر كلماته التى أججت النار فى صدور المواطنين ألا وهى أنشا لله الشعب كله يولع فى نفسه الحكومة مش حتعين حد وبكل تحدى ليأتى بعده وزير الخارجية ليقول بعد ثورة تونس مصر ليست تونس ويكرر الكلام مصر ليست تونس وحكومتها وطبيعتها تختلف عن تونس ليشعر الشعب المصرى بالإهانة والتحقير من هذا الأسلوب المستفز والذى يستهين بشباب مصر وقوته وكرامته لتشتعل الثورة ويتشبث النظام بالكرسى ويحاول أن يمتص الغضب بتنازلات كان من الممكن أن تكون مفيدة لو أتت من ذى قبل، أولها الإطاحة بهذا النظيف من كل أساليب التفكير والسياسة وفن التعامل مع الشعب ولم تهدأ الثورة وتقدم التنازلات بلا جدوى فالشعب يريد رأس النظام فيلجأ النظام لكل أساليب العنف ويعطون الأوامر بإطلاق الرصاص الحى على الشعب من الشرطة ليسقط الكثير من الشهداء دون رحمة ويخرج الشعب من القمقم ولن يدخل فيه مرة أخرى عازما على تحقيق أهدافه والحصول على حريته ليلجأوا إلى موقعة الغباء والتخلف والجهل موقعة الجمل لتعجل بالنهاية وتنتصر إرادة المصريين ويتنحى الرئيس السابق غير مأسوف عليه إلا من شلة الناهبين المنتفعين السارقين.
والآن فى ليبيا فالرئيس الليبى لا يتوانى هو وأبناؤه فى قتل آلاف الشهداء من الأشقاء الليبيين ليحافظ على كرسيه الذى ظل مرابطا عليه 42 سنة ما هذا الجبروت ما هذه البلادة ما هذا الكبت ولازال هذا الطاغية يحارب شعبه بضراوة وبلا هوادة وأبناؤه يقاتلون الشعب بكل السبل والآلات والاستعانة بالمرتزقة ليؤدبوا الشعب لأنه أراد الانتصار لكرامته.
أيها القابعون على كراسى الحكم فى الدول العربية اتركوا أماكنكم بكرامتكم وشعوبكم ستسامحكم وتنسى لكم كل ما فعلتموه بهم نظير ترككم لعروشكم طواعية واجعلوهم يختارون زعمائهم بأنفسهم ويتنفسوا نسيم الحرية وينعموا بنعمة الديمقراطية بعد سنوات عجاف ذاقوا فيها كل أنواع القهر قبل أن يأتى الوقت لتكونوا كأسلافكم تفرون من الرعب لانتفاضة الشعوب فلابد عن يوم تسقط فيه أعظم الديكتاتوريات مهما كانت صلابتها ومهما توارت خلف منظوماتها الأمنية التى لابد أن تصبح هشة مهما كانت قوتها أمام إرادة الجماهير.
محمد الحفناوى يكتب: أيها الحكام اتركوا مقاعدكم
الأربعاء، 16 مارس 2011 07:07 م