تمتلئ صدورنا بشك ويلتف الأفق فى ضباب يعوق انطلاق تمناه الجميع نحو النهضة. لقد وفرت الثورة نهرا دافقا من الحماس والانتماء للوطن واستعدادا للتسامى والرفعة.
هذه مقومات الانطلاقة الكبرى التى تحتاجها مصر كقضية مصيرية، فإذا لم ننطلق إلى الأمام سننهار.
جماهير الثورة تتقطع قلوبها إشفاقا على مصر التى تفقد ببطء الحركة والاعتماد على المناورة فى تحقيق مكاسب الثورة فرصها فى نهضة ملحة تستمد قوة انطلاقها من روح هذه الثورة.
لمصلحة من هذا الشك الذى يتنامى وهذا الضباب الذى يبعثر قوة دفع خلقتها الثورة؟.
تتساءل جماهير الثورة عن دلائل الثورة المضادة التى تقلق الجميع.. لماذا ترك الباب مواربا لكل أعداء الثورة من قيادات كانت محورا لإفساد الحياة السياسية.. لماذا يتأخر التحفظ عليهم؟. لماذا يترك الحزب الوطنى الذى قاد بكل قياداته حتى الصغرى منها تزوير إرادة الشعب بدون تجميد لمقراته التى اغتصبها من ثروة الشعب وحساباته التى يعتمد عليها اليوم فى ثورته المضادة؟. لماذا رأينا وتيرة إخضاع جهاز مباحث أمن الدولة مؤثرة فقط بعد تولى دكتور عصام شرف ولماذا لاحظ الجميع كفاحا وإصرارا للإبقاء على الفريق شفيق الذى اختاره مبارك.
تتساءل جماهير الثورة عن دوافع التعجل فى مزيد من الترقيع لدستور استبدادى مهلهل بدون التطرق لصلاحيات الاستبداد التى يوفرها لمنصب الرئيس. لماذا الإصرار على عدم الاعتراف بأن الثورة أسقطت النظام الاستبدادى الفاسد بدستوره. لماذا العجلة والإصرار على إحياء دستور ميت. لماذا الإصرار على رفض إصدار إعلان دستورى محدود يغطى فقط احتياجات المرحلة الانتقالية والبدء فورا فى إعداد العدة لانتخاب جمعية تأسيسية لدستور جديد يجرى بناؤه فى هدوء ويقين. لماذا الإصرار على بعثرة الجهود فى استفتاء على ترقيعات بدلا من تكثيفها على طريق دستور جديد يؤدى لاستقرار؟.
لماذا يضيق الحوار مع المجتمع المدنى حتى لا يحسه أحد إلا نادرا، ونرى إصرارا على طريق بعينه يؤدى بانتخابات برلمانية مبكرة إلى إفراز برلمان يقصى الجميع إلا الإخوان وفلول الحزب الوطنى التى أفسدت الحياة السياسية. كيف نرضى بأن نمهد الأرضية لعودة هذه الفلول باعتماد النظام الفردى فى الانتخابات وكلنا يعلم كيف يرتكز على البلطجة وشراء الأصوات بالأموال والذمم بالمنافع. كيف نقبل أن يتم رفض قيام أحزاب جديدة بالإخطار وإتاحة الحرية والوقت المطلوبين لممارسة كافية قبل إجراء الانتخابات، هذا إذا كنا نريد برلمانا يعبر عن مصر بعد الثورة.
إن استلام الثورة للسلطة ضرورى لنجاحها ومطلب الثورة بوضوح هو التقدم فورا على طريق انتخاب رئيس مدنى جديد بإرادة الشعب الحرة. هناك الكثير من الأفكار التى يمكن دراستها لتأمين هذا الطريق ضد مخاطر الاستبداد وعدم شفافية الحكم.
أولا يجب بدء عمل الهيئة المنتخبة شعبيا فى وضع دستور جديد قبل انتخاب رئيس الجمهورية لتعمل مستقلة بعيدا عن ولايته ويكون الحكم على عملها للشعب وحده فى النهاية. ثانيا يمكن أن ينص الإعلان الدستورى المحدود المؤقت على مدة واحدة من أربع سنوات أو منقوصة عن ذلك كاستثناء للرئيس المنتخب للمرحلة الانتقالية، ويمكن أن يتضمن هذا الإعلان الدستورى المحدود ضمانات بعينها لتأمين ديمقراطية الحكم وشفافيته. لا شك أنه يمكن النص على دور لقضاة المحكمة الدستورية فى ذلك لحين الانتهاء من وضع الدستور الجديد وانتخاب البرلمان فى نهاية الفترة الانتقالية.
الأفكار كثيرة ولكن الحوار مخنوق، الشكوك تتصاعد
وتؤسس لامتداد حالة من عدم الاستقرار الذى يرفضه كل مخلص لمصر ويتحرق قلبه من أجل نهضتها.. لماذا إذن نرى ضبابا
ونحس مناورة ولمصلحة من؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة