من الهزل أن نقول بأنه قد قامت ثورة فى مصر، وإن الدستور الذى كانت تُحكَم البلاد بموجبه لا يزال قائماً أو لا يزال ينازع من أجل البقاء، فلا نريد تعديل الدستور الذى تم تعديله مرات ومرات ليناسب شخصاً لا وطنا.. ذلك الدستور الذى لم يكن يعتد به القائمون عليه لنعتبره الآن مرجعية لنا!
أرى فى إصرار المجلس العسكرى على إجراء الاستفتاء قفزاً على مطالب الثورة، فقد كان ولا يزال إسقاط الدستور مطلباً أصيلاً من مطالب ثورة 25 يناير التى دفع المصريون من دمائهم وأمنهم واقتصادهم لتحقيقها.
وأريد أن أذهب إلى ما هو أكثر تطرفاً من رفض تلك التعديلات، فبالطبع لدى الكثير من التحفظات عليها، ولكنى أرى فى الأصل عدم جواز أو مشروعية إجراء ذلك الاستفتاء.
وأتساءل، لماذا لا يعلن المجلس العسكرى حتى الآن ماذا بعد قبول أو رفض التعديلات الدستورية؟! ألم يقرر بعد؟!
فإن كانت الإجابة بنعم فإننا بالقطع سنعيد – آجلاً أو عاجلاً - تفعيل الدستور الذى لا يعطى الشرعية للقوات المسلحة فى البقاء على رأس الحكم فى مصر.. حيث تستمد القوات المسلحة شرعية وجودها من الثورة، ولذلك أعلنت تعطيل العمل بالدستور فور توليها السلطة، فهل تجتمع الشرعية الدستورية والشرعية الثورية فى آن واحد! وماذا لو أنهما متضاربتان! ففى حالة فراغ كرسى الرئاسة يقضى الدستور بتولى رئيس مجلس الشعب الحكم مؤقتاً، وإن لم يكن فرئيس المحكمة الدستورية، بينما فوضت الثورة المجلس العسكرى بإدارة شئون البلاد إلى حين تشكيل مجلس رئاسى! فيالا الهزل!
وإن كانت الإجابة بلا، فهل سنذهب إلى تعديل تعديلات الدستور المعدل، أم سننصاع، وبعد عناء لنداء الشعب بانتخاب لجنة تأسيسية لوضع دستور مؤقت للبلاد وتشكيل مجلس رئاسى بالتبعية؟ أم ماذا!
تولى المجلس العسكرى السلطة فى مصر لا ليملى علينا ما يراه صواباً، ولكن ليتولى تنفيذ مطالب الثورة التى أطاحت بالنظام وسلمته السلطة.. أرانا نرجع إلى الوراء، فالشارع فى وادٍ والسلطة الحاكمة فى وادٍ آخر!.
وألاحظ ترحيب جميع أركان النظام السابق – حكومة وحزبا ومعارضة - بالتعديلات.. فكما هم لا يعملون لصالح الوطن بل هو الكفاح من أجل تحقيق المصلحة الضيقة، وتراودنى نفس المخاوف حول الانتخابات البرلمانية حيال نتيجة الاستفتاء، فكما نقول بأنه فى حال إجراء انتخابات برلمانية وشيكة سينقض الحزب الوطنى وجماعة الإخوان على كافة المقاعد، فإن حُسمَت نتيجة الاستفتاء بنعم فسيكون ذلك لنفس السبب، فبإمكان الإخوان والحزب الوطنى حشد الجماهير والتأثير عليها ودفعها فى أى اتجاه أراد.
لذا أدعو كافة القوى الرافضة للتعديلات الدستورية بأن تكف عن الدعوة بمقاطعة الاستفتاء، فلنذهب ونصوت بلا وليذهبوا ويصوتوا بنعم وليفصل بيننا الصندوق.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة