حين تتذكر تهليل الأطفال وترحيبهم بالسيدة سوزان مبارك وإلقائهم أنشودة الحب فى ماما سوزان، وهى تقوم بزيارة لمكتبة الأطفال أو لجمعية خيرية للأيتام!! لك أن تتخيل معى مدى الجرح الذى أحدثته هذه السيدة فى نفسية الطفل البرىء الذى شعر فى طلعتها، وهى تتقدم نحوه حنانا سيكتشفه حين يكبر أو يشب عن الطوق أنه كان حنانا مزيفا مغلفا بأشياء لم تصب بعد ذاكرته البريئة، فلا يعى الطفل سوى الابتسامة والوجه الجميل الذى يقبل عليه بحنان دافئ.
ربما لا يعى الطفل هذا الأمر فى هذه السنة تحديداً، لكن سيدخر فى صدره ألما ويكظم مشاعر وشرخا فى القيمة لتربوية التى تعلقت بنفسه الجميلة البريئة، والتى لم يصبها دنس الطمع والنفاق إلى جانب الكبر وحب المال.
لا ننكر ابتداء مشروعها الثقافى العملاق "القراءة للجميع" واهتمامها بالطفل القارئ, لكن ماذا عن القدوة والأسوة والنموذج؟
ربما يهتف قائل إنه لا يمنع أن تتمتع بالحنان والدفء مع شهوة الطمع والسلطة، فأكرر على الفور السؤال: لكن ماذا عن القدوة والأسوة والنموذج؟؟ إلا إنها الأم فى البيت والأب داخل الأسرة، فماذا لو زلزل هذا النموذج وأصيب فى مقتل، وفى نفوس أجيال رأته وعاينته وعايشته؟, ألم تكن هذه السيدة أمام الأطفال هذا النموذج وهذه الأسوة يوماً ما.
هذا عن أثر الشخصية القيادية إن قلنا تحديدا فى الطفل, أما عن شخصية زوجة الرئيس ودورها فى المجتمع، فهى شخصية غريبة عن مجتمعنا تماما، وهو المجتمع المحافظ والتقليدى, أدخلها الرئيس أنور السادات وحرمه جيهان، فكانت بداية التسلط والهيمنة التى بسطها الرئيسن ومن بعد بطانته، وهو نمط مستورد كما ذكرنا، وكأن الرئيس المنتخب من الشعب يكاد أن يبسط بجناحيه إن اعتبرنا زوجته جناحاً له على كل المجتمع, الأمر الذى لابد ألا نراه من بعد أمامنا بعد 25 يناير الثورة.
نريد رئيسا نموذجا لا يطالع مجتمعنا المحافظ بهذا التعالى من بسط وتسلط وبصحبته زوجة جميلة ذات دور اجتماعى مبهر يلتف من حوله المنافقون وأصحاب التزلف والتسلق والمنافقون, نود رئيسا متواضعا قريبا من الجماهير دون زوجته ويحترم تقاليد القرية والأصول.
رئيساً لا يقول: إن لم أكن هنا فزوجتى هنا!!, ليكن نموذجا حاضرا فى كل وقت بأعماله وتحفيزه للإنتاج محققا بالعدل أولا وأخيرا آمالنا، ولما لا تكون أسوته فى ذلك محمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون المهديون.
علينا أن نرفع رايات الإنتاج ونتوقف كثيراً عن الكلام وحب الظهور وشهوة الرياء, نصحح كل شىء، فلا جدوى من ظهور لحرم الرئيس، والإكثار من نغمة المطالبة بحقوق المرأة، فحقوقها مصانة ومحترمة, ولا يحتاج منا صرخات ونداءات إنها ضائعة!! ودون حاجة لحرم الرئيس وسلطة السيدة الأولى وزعامة المطالبة بها فى كل وقت يحكم فيه رئيس لمصر!! وقد كان دائما المرددون لهذه النغمة هم أصحاب الشهوات, المتعالون على كلمة الله!
إذن لنتوقف عن اختيار السيدة الأولى وهو اختيار جعلنا قوم أصحاب طبل وزمر، فإن لم نجد الرئيس أمامنا أطلقنا الهتافات والتحايا لحرمه، وأضعنا الجهد والوقت مع مشاريعها الغير منتجة، وأتحنا بسهولة الشديدة الفرصة، كما ذكرت أمام المنافقين وأتباعهم أن يتبوأوا السلطة والسلطان.
وأثر ما حدث وقد اكتشفنا ما ارتكبته السيدة الأولى حتى طويت صفحتها، هكذا فلا خيار أمامنا إلا أن تكون سوزان مبارك هى السيدة الأولى والأخيرة ناظرين رفعة وطننا الذى عانى وكابد وتشوق الآن بحق أن يعتلى مصاف السبق والعزة بإذن الله!
محمد مسعد البرديسى يكتب: السيدة الأولى والأخيرة
الثلاثاء، 15 مارس 2011 08:00 م