على بريشة

الإجابة نعم

الثلاثاء، 15 مارس 2011 08:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لأول مرة فى التاريخ يتم طرح استفتاء عام على الشعب المصرى دون أن تكون هناك نتيجة مضمونة مقررة سلفاً.. لا أحد يستطيع أن يجزم بأنه يعرف النتيجة مسبقاً من الكنترول أو يجزم بأنه يعرف مصير التعديلات الدستورية.. فالتيار الذى يقول نعم له حججه وبراهينه ورأيه الذى يبدو منطقياً ومقبولاً.. والتيار الذى يقول لا له أيضاً حججه وبراهينه ورأيه الذى يبدو منطقياً ومعقولاً.. وكلا الرأيين له كل الاحترام والتقدير.

هذا فى حد ذاته أمر صحى وجميل ومن "مكتسبات" الثورة التى نتمنى أن نستطيع أن نحافظ عليها.. ولكننى أعتقد أن الخلاف الحقيقى هو بين تيارين.. تيار رومانسى يحلم بالكمال.. وتيار واقعى يدرك أن بقاء الوضع الحالى أكثر من ذلك يمكن أن يؤدى إلى نتائج وخيمة.

فحالة السيولة السياسية والضبابية فى السلطة لا يمكن أن تسمح بجدل مجتمعى سليم يقدم دستوراً جديداً للبلاد.. كل القوى السياسية متفقة على التغيير ولكنها مختلفة على التفاصيل ومختلفة على الوسائل.. وهذا الاختلاف يكون صحياً وجميلاً وممتازاً إذا كنا نمتلك رفاهية الحياة الطبيعية وإذا كنا نمتلك رفاهية وجود رئاسة منتخبة وبرلمان منتخب نستطيع أن ننتقدهم ونحاسبهم.. ونسقطهم حتى إذا أردنا.. أما فى ظل وجود فراغ سياسى وسلطة عسكرية ومرحلة انتقالية غير واضحة المعالم، فمن المؤكد أن اختلاف القوى السياسية وجدلهم حول تفاصيل التفاصيل لن يكون مفيداً ولا بناء.

أعرف أن المنادين بـ"لا" يتخوفون من عدم تعديل صلاحيات الرئيس ومن أن الإسراع فى العملية الانتخابية يمكن أن يفرز عناصر من النظام القديم (بحكومته ومعارضته) داخل البرلمان وبأن شباب الثورة لن تتاح لهم الفرصة لعمل كوادر حزبية أو تشكيلات منظمة تمنحهم قدراً معقولاً من المشاركة فى المجلس النيابى.. ولكننى أعتقد أن كل هذه المخاوف مبالغ فيها بشكل كبير.. وتفترض فى الشعب المصرى أنه مازال غير مؤهل للعملية الديمقراطية كما كان أباطرة الحزب الوطنى يصرحون فى الماضى القريب.

والمشكلة أن قطاعاً من القائلين بـ"لا" يعبرون فى الأساس عن مخاوف حزبية ضيقة فهم يحاولون النظر إلى الخطوة التالية فى عملية توزيع "الكعكة" السياسية.. ويتخوفون من ضعف حظوظهم فيها إذا ما جرت الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية خلال المستقبل القريب.. ولكن المشكلة أن التصويت بـ"لا" سوف يمد فى عمر الحكم العسكرى لفترة لا يعلم مداها غير الله ويضع الجيش فى موقع المضطر إلى عدم الوفاء بتعهده الذى قطعه منذ اليوم الأول وهو تسليم السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة.

رغم كل التقدير للجيش والدور الذى قام به فى حماية الثورة، إلا أن كل يوم إضافى يمتد فيه الحكم العسكرى لن يكون فى صالح الثورة، القوات المسلحة المصرية مؤسسة عظيمة ولكن الظروف فرضت عليها أن تلعب دوراً لا يناسب إمكاناتها، الأمر يشبه أن يكون لديك رأس حربة ممتاز فتفرض عليه أن يكون حارس مرمى.. هذا الأمر ممكن الحدوث فى ميدان كرة القدم ولكن فى ظروف استثنائية يعرفها عشاق الكرة.. أما أن يطالب الجمهور بأن يستمر رأس الحربة فى لعب دور حارس المرمى لمباريات تالية فهذا معناه أننا فقدنا رأس حربة ممتاز وكسبنا حارس مرمى سىء.

من أجل ذلك أقول نعم للتعديلات الدستورية حتى يعود رأس الحربة لموقعه وبعد ذلك يمكننا أن نستمتع بالاختلاف النخبوى حول بنود الدستور الجديد ومواده ونحن نقف على أرضية صلبة وليس ونحن معلقون فى هواء المرحلة الانتقالية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة