تم تحديد 19 مارس موعداً للاستفتاء على التعديلات الدستورية ويحتوى الأمر على مجموعة دلالات لا تخلو من الإيجابيات إلى جانب السلبيات، أول هذه الإيجابيات أن هناك ثورة أثمرت وإن كانت تباشيرهذه الثمار لم تكن مكتملة النضج فالعزاء فى ذلك أنها تباشير، وتؤكد أنها ثورة قادرة على الإثمار وإن احتاجت إلى بعض العناية والرعاية لتأتى بأطيب الثمر.
نتفق على بعض التشوهات التى تتسم بها التعديلات الدستورية المطروحة، نتفق على أن هذه التعديلات ليست بذاتها هى المطلوبة لتلبية مطالب الشعب المصرى الذى يريد دستورًا جديداً، نتفق على أنها مجرد جرعة أكسجين تمكنا من دخول غرفة العمليات لإجراء الجراحة الكاملة والمطلوبة لقلب السياسة المصرية، ونتفق على كثير من الأمور التى من بينها أن هناك ثورة مضادة ليست بالهينة يقوم بها أعداء لديهم أدوات الله وحده أعلم بكمها وكيفها تتكشف لنا جميعاً كل يوم على أرض مصر من حيث نحتسب أحياناً ومن حيث لا نحتسب أغلب الأحيان، وكما اتفقنا كثيراً نختلف على قدرة أصحاب الثورة المضادة وعددهم وشخوصها بل ونختلف على تصنيف ما يجرى فى الشارع من الأحداث أياً من تلك الأحداث مع الثورة المصرية وأياً منها من فعل الثورة المضادة.
لذا وجب وضع مكتسبات ملموسة على أرض الواقع ومحطات لا يمكن الرجوع عنها إلى الخلف والانتقال إلى طرق جديدة وميادين أخرى فى معركة عودة مصر إلى المصريين وذلك بالهروب إلى الأمام.
هب أننا اليوم هو 20 مارس وقد وافقت الأغلبية على إقرار التعديلات الدستورية المقترحة (على ما بها من بعض القصور) وهب أن المجلس العسكرى أقر بإجراء الانتخابات الرئاسية مقدمة على الانتخابات البرلمانية مع إلزام الرئيس المنتخب (بشكل فورى عقب استلامه السلطة) بتشكيل جمعية وطنية لصياغة دستور جديد للبلاد وطرحه لاستفتاء شعبى خلال أربعة أشهر يتم على أساسه انتخاب البرلمان.. ألم يكن ساعتها طابت ثمار الثورة وحان قطافها وبلغنا ما تمنينا وقبل ذلك سيكون فور إقرار التعديلات المقترحة الآن يكون ذلك إجهاداً للثورة المضادة وقطع طريق استمرارها أو على أقل تقدير تحطيم أهدافها الآنية وكذلك بلورة الثورة المصرية فى إطار ملموس داخليا وخارجيا بانتخاب رئيس على أساس ثورى.
إن الثورة أمطار هطلت على المنابع ولتستقيم قطرات هذه الأمطار مكونة نهر يلزم أن تتجمع فى قنوات وإن بدت فى البداية عشوائية ولكن لابد إن تلتئم تلك القنوات لتشكل النهر المنشود فدعونا نتجمع فى قنوات عسانا قريباً نلتقى فى نهر.
إن الثورة اكتشفت عرق الذهب فى باطن الصخور وقد حفرنا المنجم فلنستخلص الذهب ولنصنع مصوغات مدموغة تنفى عن كون ما اكتشف أنه ذهب.
سأقول نعم للدستور المعدل ولن أخاف مما قد يفعله بى لأنى قد عرفت الطريق ولقد ثورت على الدستور قبل أن يعدل.
