الإعلامى البريطانى تيم سيباستيان : أرفض الرقابة وإن حاول أحد التدخل فى عملى سأرحل

رغم تميز أسلوبه الحوارى بالرزانة والحزم الشديد والقدرة على الموازنة بين طرفى المناظرات التى يجريها، إلا أنه حذر للغاية فى التحدث كمصدر "إعلامى" وإبداء رأيه الخاص فى مسائل سياسية محددة، إنه الإعلامى البريطانى"تيم سيباستيان" مقدم برنامج مناظرات الدوحة والمراسل السابق لهيئة الإذاعة البريطانية "بى.بى.سى" فى كلٍّ من وارسو وموسكو وواشنطن.

جاء "سيباستيان" إلى مصر ليقدم حلقة جديدة من برنامج مناظرات الدوحة التى تموله "مؤسسة قطر" للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، ويعرض على هيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سى"، تحمل عنوان "لحماية الثورة يجب تأجيل الانتخابات الرئاسية"، وتضم مؤيدين ومعارضين لتلك الفكرة، معبرين عن آرائهم حيال تأجيل الانتخابات الرئاسية، وتعد تلك هى المرة الأولى التى يدير فيها سيباستيان مناظرات الدوحة من مصر.

"اليوم السابع" حاور "سيباستيان"، حول ما حدث فى القاهرة من تغيير سياسى جذرى إبان ثورة 25 يناير، وعما يتوقعه من تقديم حلقة برنامجه هنا فى القاهرة، وإلى نص الحوار..

- أولا نريد أن نعرف من سيادتكم الفكرة الرئيسية لبرنامج "مناظرات الدوحة"؟

تستند فكرة المناظرات التى تعرض على قناة "بى بى سى" الإخبارية 8 مرات فى العام إلى نهجٍ يعود إلى زمن سابقٍ يزيد على قرون، ويتبناه اتحاد أوكسفورد ويقوم بدعمه، فبات يركز على مقولة أو موضوع واحدٍ مثير للجدل، ويستضيف متحدثين لتأييد الموضوع المطروح للنقاش فى مواجهة متحدثين آخرين يحاولان معارضته بتقديم حجج مقنعة، وما إن ينتهى عرض الأفكار المؤيدة والمعارضة حتى يقوم المحاور بطرح أسئلته الخاصة على كل واحدٍ من المتحدثين بدوره، ثم يفتح المجال أخيراً لأسئلة الجمهور قبل إجراء التصويت إلكترونياً تأييداً للطرف الأكثر إقناعاً.

- ماذا عن نوعية الحضور وعددهم فى الحلقة؟

يحضر مناظرات الدوحة حوالى 350 طالبا من جنسيات متنوعة عربية وإسلامية، قد تبنى جمهور المناظرات فى أكثر من حلقة مواقف غير متوقعة، حيث أعلنت أغلبية كبيرة منهم بأن المسلمين يخفقون فى مكافحة الإرهاب، وأن الفلسطينيين قد يصبحون أعداء أنفسهم.
وقد علق طالب فى جامعة "تكساس إى أند أم" فى قطر حول تعلمه وإنها أموراً كثيرة ومهمة من مناظرات الدوحة بقوله: "لقد تعلمت بأنه يجب ألاَّ أقدم حكماً بطريقة عفوية، بل يجب أن أحكّم المنطق بروية، وألاّ أقبل الأمور مباشرة، بل أن أطلب البراهين والحجج وأقتنع بهم".

- هل كنت تتوقع أن يصل عدد مشاهدى برنامجك إلى 300 مليون مشاهد؟

استقطب برنامج مناظرات الدوحة جمهوراً واسعاً على شاشة بى بى سى العالمية ووصل عدد مشاهدى البرنامج حوالى 300 مليون شخص فى أكثر من 200 دولة، الحقيقة أن برنامج مناظرات الدوحة بدأ فى الظهور عام 2004، تحت رعاية مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، إلا أنها لا تخضع لتحكم أية جهة حكومية أو غيرها، فى العناوين والمواضيع المطروحة للنقاش وكذلك فى الأشخاص المدعوين.

- ماذا تتوقع من مناظرات الدوحة فى القاهرة؟

أتوقع مناقشات حية مفيدة، قوية خاصة بعد ما حدث فى القاهرة من تغييرات جذرية مثلما كانت، نحن سنتطرق للسؤال الأهم من خلالها وذلك حول تأجيل الانتخابات الرئاسية فى مصر، لنرى من مع، ومن ضد طرح آراء مختلفة متعددة، يمكن أن تفيد فى إيجاد أفكار واقتراحات مختلفة تساعد فى تفكير المصريين لتنظيم شئونهم.

- ماذا تفعل أثناء المناظرات إذا حدث أى مساس بقضايا حساسة من قبل الطرفين؟

أتحلى بالصبر كثيرا وقتها فى مواجهة الضيف، محاولاً إدارة الحوار فى اتجاه آخر لا ينجم عنه أى اختلاف أو مشكلة بين الأطراف حتى لا تظهر المناظرة بشكل جيد ومنظم.

- ما هى أكثر المناظرات البارزة فى تاريخ البرنامج وربما لا تنساها إطلاقا؟

أعتقد أن أقوى المناظرات التى أجريتها هى المناظرة بين حركتى "حماس وفتح" وكانت ضيوفها الدكتور محمود الزهار عضو المكتب السياسى لحركة حماس، حيث شهدت نقاشاً حاداً كشف العديد من الأسرار ووجهات النظر، إنها كانت ممتعة لى وللجمهور أيضا كذلك، أتذكر حينما قام دكتور محمود الزهار بوضع ورقة على طاولة الحوار، وأمسك قلما بين أصابعه وقال "اكتب نص اتفاقية للصلح بين فتح وحماس، وحبسنا أنفاسنا وقتها، إلا أن الفكرة تلاشت سريعا".

- علمنا أنك أجريت مناظرة فى تونس بعد قيام ثورة "الياسمين" ماذا عن أجوائها؟

إنها تجربة رائعة بالنسبة لى، وتعد أول حورا بعد ثورة تونس مؤخرا، وكانت بعنوان "لن تنتج الثورات العربية إلا ديكتاتوريين مغايرين" ورفض التونسيون فكرة بروز مجموعة جديدة من الرجال الأقوياء المستبدين من رحم الانتفاضات الشعبية التى تهز العالم العربى من تونس إلى اليمن.

- هل هناك أى نوع من الرقابة على مناظرات الدوحة؟

يرد متجهماً : لا يفرض أى شخص على رقابة، وهذا مبدأ فى العمل، ربما يفرضوا الرقابة على آخرين، لكن بالنسبة لى أقول ما أحب وما أراه جيد للمناظرة، وإذا لم يعجبنى الأمر أتركه على الفور.

- ما هى المعايير الأساسية التى تختار على أساسها ضيوف المناظرات؟

هناك معايير مختلفة نختار على أساسها الضيوف فى مناظرات الدوحة، منها، أولا أن يكونوا متحدثين جيدين، ثانيا لديهم وجهات نظر تحترم، بالإضافة إلى تحدثهم الإنجليزية بطلاقة، وأن يكون محترمين للرأى الآخر ومستمعين له دون أن يسيطروا على دفة الحوار.

- هل تشمل المناظرات الشرق الأوسط فقط؟

ليس الشرق الأوسط فقط بل تمتد للولايات المتحدة وبريطانيا

- ما هى خطتكم لتطوير المناظرات؟

أن أقدم الكثير منها بشكل فعال ونافع للجميع

- ما رأيك فى الأحداث الأخيرة التى جرت فى مصر وتغير مسارها السياسى؟

لقد وصلت القاهرة أمس ولا أعرف ما يحدث وما يجرى بها على أرض الواقع وكل ما أعرفه عن مصر ينبع لدى من التقارير الإخبارية فقط، وهذا ليس دورى للإجابة عن التحليلات السياسية لكونى إعلامى أطرح الأسئلة طوال الوقت، بالتأكيد لا أعرف، فالأمر جديد بالنسبة لى وأتمنى أن أكتسب مهارات جديدة أثناء تواجدى بمصر.

- هل تعتقد أن تأجيل الانتخابات الرئاسية قد يعود بالنفع على المصريين ؟

الأمر متاح الآن للمصرين وحدهم وفى أيديهم الاختيار، فلا أعرف أيهما أفضل، وكل ما نفعله فى المناظرات هو النقاش والحوار للخروج باقتراحات قد تفيد الجميع فى اتخاذا القرار الصائب.

- هل تؤيد خوف الغرب من وصول الفكر الإسلامي لحكم فى مصر؟

إن المصريين وحدهم هم الذين يختاروا رئيسهم وليس الغرب، الآن مصر تعيش عصر "ديمقراطى" جديد، فلا حكر على أى اتجاه أو حزب بمنعه من الترشح، إن الاختيار للمصريين وحدهم.

- ما رأى سيادتكم فيما يحدث بليبيا ورد فعل جامعة الدول العربية؟

أعتقد أن فرنسا أقامت حظر دولى فى ليبيا والأمم المتحدة طالبت أيضا بذلك، والجامعة العربية تحاول الآن بذل قصارى جهدها بفعل أى شيء تجاه ليبيا، لكن كل هذه الخطوات أدوات لإنهاء العنف فى ليبيا وليس بغرض التدخل الأجنبي، ولا أعرف ماذا ستنتهى الانتفاضة فى ليبيا.

- هل ترى مصر فى الوقت الراهن فى حالة من الفوضى؟

لا أرى ذلك تحديدا، لكن وقعت قبل يومين أحداث المقطم التى خلف عنها قتل 10 وإصابة 140 أخرين فى صدام بين المسلمين والمسيحيين، فلم أتأكد الآن أن هذه الفوضى من بقايا نظام مبارك أم لا.

- ما هى مؤشرات الفترة الانتقالية بالنسبة لوجهة نظر سيادتكم؟

أتمنى أن تسير مصر فى مسار الديمقراطية الصحيح وأن يسعوا لذلك، ويختاروا ما هو مناسب لهم.

- هل تعتقد أن ويكيليكس أداة لكشف الأسرار؟

فكرة رائعة كشفت حقائق خفية مختلفة أخفتها الحكومات على شعبها، ويستحق صاحبه أن ترفع له القبعة على ما قدمه للشعوب.

- هل ترى أن موقع ويكليكس له دور فى اندلاع الثورات العربية؟

ربما يكون جزء من أسباب كثيرة وأدوات أخرى، لكن لم يكن جزء رئيسى فى الأمر، وقدمنا بالفعل مناظرة عنه بعنوان "العالم فى حال أفضل مع موقع ويكيليكس" وصوّت 74 % من الحضور، غالبيتهم تلاميذ عرب ومسلمون، لمصلحة ثيمة الحلقة أن هذا الجمهور يعتقد بأن العالم أفضل حالا مع ويكيليكس" مقابل معارضة 26 % من المشاركين.

- بما أن سيادتكم متخصص في الإعلام على درجة عالية، ما رأيك فى دور الإعلام الاجتماعى فى تغير مسارات الشعوب مثلما حدث فى مصر وتونس؟

أثبت الإعلام الاجتماعى أنه أداة رائعة قوية لمساعدة الشعوب على الترتيب والتنظيم لتغير مسار الشعوب وبمثابة "منفذ جديد" لحريتهم، إنها أداة تدعيم للمستخدمين لمواجهة الحكومات المختلفة، مما تعطى المساحة الكافية لإبداء الآراء بكل حرية وهذا ما أثبته المصرين حين استخدموا الفيسبوك لإسقاط النظام المصرى الديكتاتورى.

- يتحدث الكثيرون عن نظرية الدومينو متوقعين انتقال الثورة لغيرها من بلدان العالم العربى وقد حدث ذلك بالفعل، فماذا عن الدوحة التى مكثت فيها عدة سنوات؟

لا أعتقد أن الدوحة ستشهد ثورة ضد الحكم لأن الشعب القطرى سعيد بوضعه القائم، فهم لا يعانون مستويات معيشة منخفضة أو بطالة أو حالة خصومة مع السلطة وهى الأسباب التى دعت لاندلاع الثورة فى مصر وتونس وغيرها من البلدان.

- شيء عن السيرة الذاتية لتيم سبياستيان :

- عمل سابقا مراسلا خارجيا لهيئة الإذاعة البريطانية؛ في وارسو، موسكو وواشنطن. وغطّى أحداثا مهمة لتلفزيون البي بي سي من 25 دولة لأكثر من 30 عاما.
- يعرف على نطاق واسع بأنه أول محاور في برنامج "كلام قاس" Hard Talk الحواري على قناة (بي.بي.سي) والذي نال عنه جائزتي أفضل محاور من قبل جمعية التلفزيون الملكية. كذلك حصد سباستيان جائزة الجمعية لأفضل صحافي تلفزيوني، وأيضا جائزة الأكاديمية البريطانية على مساهماته في تلفزيون الحقائق.
- يحمل سباستيان البكالوريوس في اللغات الحديثة في جامعة أوكسفورد، وقد ألف ثمان روايات وعملين غير مصنفين ضمن أدب الخيال.