من بين أنواع الفساد التى كانت لها تأثيرات سلبية وبالغة الخطورة على الشعب المصرى طوال فترة النظام السابق، الفساد الفكرى والثقافى والإفساد المتعمد للذوق العام الذى تسبب فيه الكثير من الكتاب والفنانين دعاة الديمقراطية والتحرر والانفتاح الفكرى والثقافى وغيرهم ممن ابتلينا بهم على مدار عقود.
ولا يعلم سوى الله إذا كنا سنستطيع التخلص منهم أم لا، كما تخلصنا من أسيادهم الذين منحوهم الفرص للسطو والقفز السريع علينا لاختراق أمزجتنا، وفرض أنفسهم على ذوقنا وغرف نومنا، قاصدين إلهائنا وتغييبنا عما هو أعمق وأهم من ذلك من كوارث سياسية واقتصادية واجتماعية وغيرها!
لقد تسبب هؤلاء الفاسدون والمفسدون فى تعرية وفضح مجتمعنا أمام كل دول العالم مقدمين صوراً ونماذجاً ومعلومات، أغلبها كاذبة ومضللة بدعوى الديمقراطية وحرية الرأى والتعبير، هذه الديمقراطية الملعونة التى أصبحت كلمة السر لكل من يريد العبث بمجتمعنا لتدميره بطرق مغلفة وغير مباشرة للإساءة إلى شعب مصر، والتشكيك فى سلامة أخلاقه ومبادئه!
رغم عدم وجود أدلة ومستندات ملموسة تؤكد هذا الفساد، إلا أننى أرى أنه لا يقل خطورة عن الفساد المالى والإدارى الذى يعاقِب القانون مرتكبيه لوجود أدلة ومستندات موثقة تؤكده!
يؤسفنى أن أؤكد أن قطاعات عديدة من المجتمع المصرى كانت داعمة ومروجة ومساندة لهذا الفساد، وذلك عن طريق متابعة الأعمال الفنية الداعرة، سواء السينمائية أو الغنائية أو شراء القصص والروايات التى كانت تحتوى على كل صور الخلاعة والمجون والتطرف الدينى والأخلاقى، مما أدى إلى شعور أولئك الفاسدين بأنهم يحسنون صنعاً ويساهمون فى كشف عيوب المجتمع للنهوض به وإصلاحه!
فهم بعيدون كل البعد عن هذه المعانى السامية، حيث لا يبغون من وراء ذلك سوى الشهرة وكسب المزيد من المال عن طريق المتاجرة بسمعة هذا الشعب!.. فأصبحوا رغم أنوفنا نجوماً يُحتفى ويحتَفَل بهم أينما حلوا سواء من خلال استضافتهم فى البرامج الحوارية على الفضائيات، أو بإفراد صفحات خاصة فى كبريات الصحف لعرض آرائهم ورؤاهم فى شتى القضايا!
آمل أن تتغير كل هذه الأمور السلبية فى الفترة القادمة، وأن ينتبه مجتمعنا كله ويتصدى لكل صور الغزو الثقافى والفكرى الموجه، والمفروض علينا من قبل بعض الدول ذات الأهداف الحقيرة والخسيسة التى لها براثن ومخالب وأبواق فى كل مكان.
مصر ليست دولة صغيرة الحجم والمكانة حتى يسمح شعبها العريق أبو كل الفنون والآداب الراقية بأن يسوقه أو يتحكم فى ذوقه أحد!
