◄◄ العثور على نصف مليون وثيقة تكشف أسرار صفقات النظام وقوائم للمخبرين فى الأحزاب والنقابات
لم يتوقع أحد يوما من الأيام سقوط جهاز أمن الدولة فجأة، بعدما حاصره المواطنون وحاولوا اختراقه للظفر بضباط أمن الدولة، الذين مارسوا عليهم ألوانا عديدة من التعذيب، ولم يتوقع أحد أن هذا الجهاز «هش» بهذه الدرجة، حيث رفع ضباط أمن الدولة «الراية البيضاء» سريعا أمام المتظاهرين، فى حين أنهم حرصوا على إعدام جميع أدلة الإدانة لهذا الجهاز، عن طريق إحراق مستندات خطيرة تتناول معلومات سيادية وفرموا البعض الآخر قبل أن يستولى المتظاهرون على مبانى أمن الدولة ويسلموها للجيش. حصار المقرات اسفر عن خروج مايقرب من نصف مليون وثيقة حسب التقديرات المبدئية وفيها قوائم كاملة للمخبرين فى الأحزاب والنقابات والصحف.
فى محافظة السادس من أكتوبر كانت توجد مستندات خطيرة وتقارير أمنية عن الإخوان المسلمين وأعدادهم وندواتهم، والمساجد التى يتردد عليها السلفيون بأكتوبر، والتنظيم الشيعى وصلته بالخارج، وقوائم عريضة ضمت أسماء كثيرة، احترق بعضها خلف مبنى أمن الدولة بأكتوبر وغاص البعض الآخر فى الرمال، بدأت حملة إعدام المستندات منذ صباح السبت الماضى، حيث كان الجميع مشغولا بمحاكمة اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية السابق، بينما كان المشهد خاليا تماما من وجود أى أشخاص بالقرب من هذا المبنى العنيد، ووسط هذا الهدوء شاهد الجميع أدخنة تتصاعد بالقرب من مبنى أمن الدولة ومن ثم بدأ عدد غير قليل من المواطنين يتسللون إلى مصدر هذه النيران، حيث اكتشفوا أنها اندلعت فى «مقلب» للزبالة خلف مبنى أمن الدولة، وبدأت أوراق تتطاير من النيران، واكتشف المواطنون أنها خاصة بأمن الدولة وعليها عدة توقيعات كان معظمها للعادلى.
مع ارتفاع ألسنة النيران خلف مبنى أمن الدولة، زادت معه أعداد المتظاهرين أمام المدخل الرئيسى لمبنى أمن الدولة، و«حرق المستندات مش هينسينا اللى فات» وحاولوا اقتحام الأمن وكسر الباب الرئيسى، إلا أن أجهزة الأمن بمديرية أمن 6 أكتوبر حضرت على الفور إلى مقر المبنى وفرضت كردونا أمنيا حوله حتى وصلت القوات المسلحة إلى المكان ونجحت فى اختراق المبنى، واستطاعت خلال 25 دقيقة فقط السيطرة عليه من الداخل كاملا، بينما لم يخل المشهد بالداخل من الكواليس الهامة كان أبرزها محاولة بعض ضباط أمن الدولة الاختفاء فى الأنفاق الداخلية فيما حاول أمناء أمن الدولة الهروب عبر الأسوار الخلفية إلا أنهم وجدوا الجيش فى انتظارهم، الذى أحكم السيطرة على المبنى كاملا وألقى القبض على الضباط والأمناء وفى القاهرة اقتحم آلاف المتظاهرين مقر مبنى أمن الدولة بمدينة نصر، ودخلوا إلى المقر، مطالبين بحل الجهاز، وباحثين عن أوراق رسمية ومستندات هامة، تابعة للجهاز قبل أن يتصرف المسؤولون فيها سواء بالحرق أو بإلقائها فى القمامة، ونجح المتظاهرون فى الاستيلاء على سيارة نظافة تابعة للمحافظة بداخلها أوراق ومستندات رسمية ممزقة تماما ومبعثرة متهمين المسؤولين بتقطيعها لإخفاء معالمها وإبعادها عن أعين الجميع.
وفى الإسكندرية بالرغم من انشغال جميع شباب القوى الوطنية باحتفالية ثورة 25 يناير بإستاد الجامعة، إلا أن جموعا من المتظاهرين قرروا الانتقام من كل أفراد جهاز أمن الدولة، ومعهم بعض أفراد القوى السياسية لاستكمال المظاهرة أمام مبنى الجهاز بالفراعنة خاصة بعد انطلاق الأخبار التى تؤكد قيام الجهاز بإعدام بعض الأوراق الموجودة لديه، التى اختلفت عليها الأقوال مابين كونها تدينهم فى ارتكاب جرائم إرهابية بمصر، ومابين كونها تخص المعتقلين والشهداء، الأمر الذى جعل ما يقرب من ألف شخص يتجه نحو المبنى الذى وجدوه مغلقا من قبل الجيش بعد أن قام بوضع بلوكات الأسمنت والأسلاك الشائكة وظلوا يهتفون «يسقط يسقط أمن الدولة»، حتى فوجئوا بأحد الأشخاص يخرج من المبنى ويلقى عليهم بزجاجات المولوتوف، وبعدها بدأت الاشتباكات بين المتظاهرين الذين قاموا بإلقاء الحجارة عليهم وبدأت السيارات تنفجر من حول المبنى فى كل الشوارع، لدرجة أن جنود الأمن المركزى خلعوا ملابسهم وأعلنوا استسلامهم قائلين «نحن معكم»، ثم ازداد الأمر سخونة بعد محاولات الجيش إبعاد المتظاهرين عن المبنى لحين إخراج الضباط، إلا أن هتافات شيوخ السلفية وشباب القوى السياسية ضد الظلم أثارت حفيظة المتظاهرين واقتحموا المبنى، لكن الضباط كانوا قد حبسوا أنفسهم فى الطابق الأول المصنوعة جدرانه من الحديد القوى، فقام المتظاهرون بجمع الأوراق من الداخل وتسليمها للجيش، واستولى البعض على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالضباط وإلقاء ملابسهم من النوافذ والشرفات.
وبعد ما يقرب من 4 ساعات من الاشتباكات قررت القوات المسلحة إخراج الضباط العالقين، فبدأوا يخرجون فردا فردا، إلا انه فى كل مرة كان يتم إخراج أحد الضباط فيها كان المتظاهرون يرشقونه بالحجارة ويضربونه بالشوم.
وفى الغربية نظم المئات وقفات حاشدة أمام مكتب أمن الدولة بطنطا بشارع النادى، حيث تحرك المتظاهرون إلى مبنى أمن الدولة واشتبكوا مع الضباط لعدة ساعات ثم نجحوا فى اختراق المبنى واستولوا على ملفات خطيرة معظمها يخص الأحزاب السياسية وقوى المعارضة وجماعة الإخوان، وبعض العاملين بديوان محافظة الغربية، و فوجئ المتظاهرون عند اقتحام المبنى بأن الضباط أحرقوا المئات من الملفات التى تحتوى على أسرار خطيرة تمس أمن البلد وقطعوا وفرموا العديد من الملفات الأخرى خوفا من أن تتسرب هذه الملفات إلى الجيش ويتم على أثرها محاكمة مسؤولى أمن الدولة.
ولم يختلف الأمر كثيرا فى مطروح حيث قام عدد كبير من المتظاهرين بمحاصرة مقر أمن الدولة عدة ساعات مما اضطر الضباط إلى الانسحاب منه، واقتحم المتظاهرون المبنى واستولوا على الأوراق والملفات الموجودة داخل المقر الذى كانت تحاصره قوات من الجيش التى كانت تقف على الحياد، وبعدها قام المتظاهرون بإشعال النيران بجميع مكاتب المقر ولم تسجل أى إصابات أو خسائر فى الأرواح من المتظاهرين أو عناصر أمن الدولة.
وفى الشرقية قام جهاز أمن الدولة بحرق وفرم جميع ملفات الإدانة، وذلك بعدما نشر عدد من الوثائق التى كانت قد تسربت بالتحديد من مكتب مباحث أمن الدولة فى بلبيس بعد أن احترق ودمر خلال الثورة والتى كشفت عن مخططات وتعليمات إجرامية من جهاز أمن الدولة فى حق المواطنين المصريين والأشقاء الفلسطينيين أيضاً، وهو الأمر الذى أدى إلى تجمع المئات من المتظاهرين أمام مقر أمن الدولة بمدينة الزقازيق فى وقفة احتجاجية، اعتراضاً على حرق ضباط أمن الدولة أوراقاً ومستندات رسمية، وكثفت القوات المسلحة والشرطة تواجدهما أمام المقر لتأمينه من أى أعمال شغب، وتسلمت القوات المسلحة مقر أمن الدولة.
وفى أسوان تظاهر المئات من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية ومحامون ومنتمون لتيارات وحركات سياسية واحتجاجية أمام مقر مبنى أمن الدولة وحاولوا اقتحامه وإشعال النار به، بعدما وصفوه بأنه الجهاز الذى كان ولايزال أداة قمع يمارسها النظام ضدهم.
الشباب يرفعون لافتة الجهاز من فوق مقر مدينة نصر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة