د. مروة رمضان تكتب: هنعمل ثورة

الخميس، 10 مارس 2011 12:27 م
د. مروة رمضان تكتب: هنعمل ثورة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يقول الأديب الفرنسى فيكتور هوجو: "إذا أعقت مجرى الماء فى نهر فالنتيجة هى الفيضان، وإذا أعقت الطريق أمام المستقبل فالنتيجة هى الثورة." وهكذا كانت الثورة المصرية نتيجة حتمية لإعاقة السبيل أمام أيادى المستقبل فى أن تضع بصمتها على الطريق، فقد فاض الكيل بالفساد والقهر السياسى والاقتصادى وبدا المستقبل بلا ملامح أمام العديد من الشباب الذين أبوا أن يمر بهم العمر وهم ممنوعون من التأثير فى صياغة هذا الوطن ومكبلون مجبرون على تركه لطبقة حاكمة مقطوعة الصلة بالشعب وعاجزة عن تحقيق طموحاته.

السؤال الآن: هل ستحقق الثورة المأمول منها من تغيير جذرى سياسياً واقتصادياً واجتماعياً؟
الثورة كمصطلح تعنى الخروج عن الوضع الراهن سواء إلى وضع أفضل أو أسوأ. . كلنا أمل فى أن تقودنا ثورتنا المصرية التى رويت بدماء الشهداء إلى مستقبل مشرق ومصر جديدة تهب فيها نسائم الحرية والعدالة والكرامة.. ازداد تفاؤلى مع استئناف الدراسة الجامعية ومع أول حوار لى مع الطلبة حيث رأيت فى عيون هؤلاء المستقبل يلوح وينبئ بغد أفضل، روح جديدة من الحراك و الحماسة والرغبة فى المشاركة فى التغيير سيطرت على الجميع حتى أولئك الذين كانت تبدو عليهم سابقاً ملامح السلبية.

ولكن التفاؤل يتصارع مع مشاعر التشكك والقلق داخلنا فهناك العديد من الأمور التى تؤرق الكثيرون منا وتجعلنا نتساءل: هل حقاً سيكون المستقبل أفضل مما مضى؟
أكثر ما يقلقنى هو غياب ثقافة الحوار وقبول الآخر وتسيد الحدة والعدائية فى مواجهة أى رأى مخالف، وبدلاً من ثقافة الحوار أصبحت ثقافة الثورة تحكم طريقة تواصلنا وتفاعلنا مع الآخر بمعنى أن عبارة "هنعمل ثورة ... هنعمل مظاهرة" أصبحت عبارة شائعة نسمعها فى اليوم عشرات المرات. أذكر فى آخر اجتماع مجلس قسم حضرته بالجامعة تكرار جملة "هنعمل ثورة، انتهى عصر الفساد" عند أى اختلاف فى الرأى.

نعم، انتهى عصر الفساد ولكن هل ليبدأ عصر الثورات التى لا تنتهى كوسيلة لطرح أى مطلب؟ هذه مظاهرة لطلبة الإعدادية اعتراضاً على درجات إحدى المواد، وأخرى لطلبة الثانوية العامة لتأجيل الامتحانات، وثورة هنا و ثورة هناك. وأخيراً أسمع إحدى الكاتبات الشابات تعبر فى أحد البرامج التليفزيونية عن رأى مفاده أنها تريد استبدال المجلس العسكرى بمجلس رئاسى لأن هيبة المجلس العسكرى تقف حائلاً يمنعها من أن تعبر عن رأيها بصراحة، تريد مجلس رئاسى، كما قالت حرفياً، لكى "نجعر معاهم براحتنا." وكأن التجعير سيكون الوسيلة المثلى للتعبير فى مصر الجديدة!

لا أدرى إلى أين سيأخذنا هذا الطريق. فى لحظة إنسانية مماثلة قال المناضل والزعيم الأسود نيلسون مانديلا معبراً عن مشاعر تختلج فى صدور الكثيرين منا الآن: "إنى أتجول بين عالمين أحدهما ميت والآخر عاجز أن يولد وليس هناك مكان حتى الآن أريح عليه رأسى".






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة