فى الوقت الذى ما تزال تتباين فيه وجهات نظر وسائل الإعلام المختلفة لنقل أحداث ثورة الشباب المصرية، والتى اندلعت أحداثها يوم الخامس والعشرين من يناير الماضى، ومازالت تداعى أحداثها لحظة بلحظة حتى يومنا هذا، إلا أن بعض القنوات الفضائية العربية والمحلية لا تزال تدعى مصداقيتها فى نقل الحقائق من ميدان التحرير دون أدنى "تزيف"، توجه "اليوم السابع" إلى عدد من الأدباء والمثقفين والفنانين لتعرف وجهات نظرهم حول كيفية تأريخهم لهذه الثورة وكيفية متابعتهم لها.
وقال الفنان الدكتور مصطفى حسين نقيب التشكيليين بأنه يؤرخ للفترة الحالية بشكل يومى من خلال رسوماته الفنية التى تعلو صفحات الجرائد اليومية، موضحًا أن غالبية أعماله السابقة كانت كثيرًا ما تعبر عن الفساد الذى تشهده البلد الآن ولكن لم يلتف أحد ويستجيب لذلك.
وأشاد حسين بالثورة قائلاً إنها لحظة فارقة فى التاريخ المصرى الحديث، وفجرت أحزان كامنة فى قلوب الناس جميعًا، مطالباً بأن يتوقف بعض المتظاهرين عن التطاول بالألفاظ على الرئيس مبارك لأن هذا لا يليق أخلاقيًا بالشباب.
وقال الفنان الدكتور عز الدين نجيب، والذى يتواجد بشكل يومى بين المعتصمين بميدان التحرير، إن المتظاهرين الآن يشكلون بأنفسهم أروع اللوحات التشكيلية من خلال الحجارة والأصداف فيتعلم منهم كافة الفنانين التشكيليين كبارًا وصغارًا.
وأضاف نجيب لو أخذنا عن هؤلاء الشباب هذا التعبير الصادق سنخلق حداثة من نوع جديد غير تلك التى شهدنها فى السنوات الأخيرة.
وأشار إلى أن كثيرًا من المثقفين والفنانين ولدوا فى نفس اللحظة التى تحقق فيها لهذا الوطن العظيم النصر والحرية بعد مطالب الشعب، موضحاً أن الثورة كشفت النقاب عن القيادات التى وضعها النظام السابق وتحديدًا فى مجال الثقافة.
وأكد على أنه سيظل يتابع إبداع وحرية الشباب من خلال تواجده بينهم بصفة يومية ليحفر بذلك فى ذاكرته كل مشهد حتى يتسنى له رسم لوحة تشكيلية تخليدًا للفترة الحالية وما تشهدها من تطورات.
وفى نفس السياق قال الفنان الدكتور أيمن السمرى بأنه بحاجة إلى وقت طويل حتى يتفاعل مع الأحداث الجارية ليقدم عملاً فنيًا عميقًا يعبر بصدق عن اللحظة الراهنة.
وأضاف السمرى أخشى أن أقدم عملاً فنيًا لا يليق بتلك الثورة ولا يعبر عنها، ولا أرغب أن أبخس هؤلاء الشباب حقهم ولذلك سوف أتمهل وأرقب هذه الثورة المجيدة.
وقال الروائى إبراهيم عبد المجيد، إنه سيؤرخ للفترة الحالية من خلال كتابة سلسلة مقالات تتناول التفاصيل اليومية له بميدان التحرير، مضيفا أنه يفضل كتابة المقالات عن الرواية، وذلك لأن الأخيرة ستتطلب منه جهدا ووقتا أكبر.
وأشار عبد المجيد أنه لم يبدأ فى كتابة تلك المقالات بعد ولكنه قادر على استعادة تلك التفاصيل من خلال مشاركته وسط المعتصمين بالميدان ومتابعاته للأحداث التى تنقلها وسائل الإعلام المرئية والمطبوعة.
وقال القاص والروائى إبراهيم أصلان إن الأحداث التى تشهدها مصر الآن لن تقدر أى وسيلة تعبير على استيعابها، مؤكدا على أن أى عمل سُيكتب الآن لن يكون على مستوى الحدث، خاصة وأن البلد تمر الآن بمرحلة فاصلة فى تاريخها.
وأشار أصلان إلى أنه عند انتهاء تلك المرحلة سيتم خلق تصورات جديدة ورؤى جديدة للعالم تمكنه من كتابة ما يشاء.
أما الكاتبة رباب كساب فقالت أنا أتابع أحداث الثورة عبر القنوات الفضائية غير المصرية بالطبع وعبر مواقع الإنترنت الشهيرة مثل "الفيس بوك" و"تويتر"، والصحف المصرية المشهود لها بالنزاهة مثل "اليوم السابع"، "الدستور"، "الشروق"، "المصرى اليوم" و"شبكة رصد" قبل تعرضها للاختراق.
وأضافت: كما أننى أحرص على الذهاب للميدان من حينٍ لآخر، وشاركت يوم 26 يناير ثم فى "جمعة الغضب" ويوم السبت 29 يناير ثم يوم الأحد السادس من فبراير وكتبت عن هذه المشاركات.
وقالت كساب "إن دور المثقف الحقيقى هو التعبير عن تأييده فى حق التظاهر وإبداء الرأى والمطالبة بحياة عادلة وكرامة وحرية وبإسقاط نظام سفاح غاشم".
وأوضحت كساب "مشاركتى تتيح لى أن أكون شاهد عيان لأحداث مهمة ومقدسة فى نظرى وعدم المشاركة فيها هى خيانة للوطن ودور المثقف".
وقال القاص محمد عبد النبى: أنا أتابع الأحداث الجارية مثل أى شخص آخر، مع حرصى على عدم تصديق كل ما أسمعه من الإعلام الرسمى وغير الرسمى، وأستقى الأخبار من مصادرها الأصلية قدر الإمكان، أى بالنزول إلى الناس وإلى الشارع، فالتجربة الحية والمباشرة هى السبيل الوحيد للوقوف على ما يمكن تسميته بالحقيقة - الحقيقة واضحة كالشمس هناك ثورة شعبية من جهة تريد إسقاط كل رموز النظام القديم الفاسد.
وأضاف: وفى ظل الثورة المضادة التى تقودها نخب النظام الساقط وحتى رموز معارضته البائدة والكثير من الجهات صاحبة المصالح فى عودة الأمور لما كانت عليه - وهذا الوضع أوضح من الوضوح، لذا فإنه من الضرورى أن تكون المشاركة فى تلك الثورة الشريفة المجيدة بالتواجد بين الشباب الذى يدل على مستقبل باهر ستعيشه مصر.
وأشار عبد النبى فى روايتى الأخيرة "رجوع الشيخ" ألتقط مشهدًا واسعًا لأحداث 1977 وهى انتفاضة الجوعى، التى جرت فى العام نفسه الذى ولدت فيه، أراه الآن جيدًا، ولذلك لا أظن أننى سأنتظر ثلاثين عامًا أخرى للكتابة عن أحداث 2011، بالإضافة إلى وجهة النظر والرؤية التى تكونت لدى وكنت أفتقدها عند الكتابة عن 77.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة