نوهت فى مقالى السابق "هل تُسرق ثورة شباب مصر؟!" لأن الثورة مصرية مائة بالمائة ضد نظام أدمن الأسلوب الاستعمارى "فرق تسد" ففرق بين المصريين بسبب الدين والمذهب والمكانة الاجتماعية.. وأن تلك الثورة لها أب روحى وقائد هام هو شباب مصر وليست الأحزاب السياسية أو الجماعات الدينية بل شباب مصر الصاعد بدليل خروج الجماعات الدينية فى اليوم الثالث بعد إنهاك واستنزاف قوى جهاز الأمن المصرى، خرجت الجماعات الدينية محاولة حصد أعمال شباب مصر المجيدة وجاء تصريح المرشد الإيرانى خامنئى ليصدم جموع المصريين معلناً أنها ثورة إسلامية أن شباب مصر يعيشون فى العصور السحيقة بعيداً عن الحقيقة المعروفة للجميع أن الثورة الإسلامية بإيران هى صورة أشد استبداداً ودموية من النظام المصرى فالنظام الاستبدادى يستمد شرعيته من القوى الغاشمة.. والنظام الدينى يستمد قوته من الأيديولوجية الدينية.. وهنا يكمن الخطر فنظام ملالى إيران تجاهل كون شباب مصر نجح فى استقطاب كل التيارات والطوائف لرفع اسم مصر عالياً.
والآن ارتفع صوت التيار الدينى وجلس مع كل التيارات لوضع حل للخروج من الأزمة الحالية وطبيعى أن يجلس كل شركاء الوطن والقوى السياسية لبحث كافة الطرق المؤدية لرحيل النظام وعدم المساس بمكاسب شباب مصر الواعي، وشارك الإخوان، وخرجوا بعدد من البيانات أهمها أنهم غير مستعدين لحكم مصر؟! وأنهم يسعون للإصلاح الاجتماعى.. وكلمات وبيانات عديدة تصدر من الجماعات الدينية ربما لتسكين شباب مصر أو من مبدأ التقية لحين تمكنهم من السيطرة على مصر والحق يقال إن عددا كبيرا جداً من المتابعين لحركات الإسلام السياسى فى العالم سيجدون أن الدخول فى نفق الدولة الدينية يهدم كل المكاسب الحقيقية، ويرجع بمصر إلى القرون الوسطى بل والمنطقة كلها بحكم ريادة مصر فى المنطقة.
والسؤال الآن هل يؤمن الإخوان بالدستور المدنى وهل يشتركون فى الحلبة السياسية وفق قواعد الدولة المدنية؟ وهل يتركون أحلامهم فى إقامة الدولة الدينية الأكثر ديكتاتورية من حكم العسكر؟ وهل يحل الإخوان جهازهم السري؟ وهل يثبتون للعالم ولمصر انفصالهم عن أعمال القتل والتصفية؟ أم أنها مرحلة من مراحل كفاحهم لإقامة الدولة الدينية؟ مثلما فعل حسن البنا عام 1948 ورشح نفسه فى الانتخابات التشريعية، ولكنه انسحب بعد وعد من النحاس باشا بفتح فروع للإخوان فى كل محافظات مصر ورشح نفسه بعد ذلك، ولم ينجح وحاولوا العودة للسلطة بمحاولة اغتيال عبد الناصر عم 1954 بيد الإخوانى محمود عبد اللطيف، مما دفع عبد الناصر لإعدام قاداتهم وعلى رأسهم عبد القادر عودة وسيد قطب وآخرون.
إن الحل لإنقاذ مصر من تقية الجماعات الدينية أو أصحاب الانتهازية الدينية لا يتوقف على ترقيع الدستور الحالى، بل العمل على إعداد دستور جديد دستور ينص صراحة على مدنية الدولة وديموقراطيتها أيضاً شعار الديموقراطية شعار ناقص غير كامل الأهلية، ففرنسا ودول العالم الغربى ينص دستورها على مدنية الدولة وليست بالديموقراطية وحدها تحيا الشعوب الغربية بل بنصوص واضحة صريحة لإقامة دولة مدنية ونظام ديموقراطى.
فحماس وبحور الدماء التى أهدروها من أعضاء وقادة فتح وإلقاء طباخ عرفات من الدور السادس عشر تم باسم الديمقراطية وصناديق الانتخابات غير المبصرة، كما أن تصفية أعضاء منظمة فتح بقطاع غزة أيضاً تم باسم الديمقراطية وصناديق الانتخابات والدولة الدينية، وفرض الزى الإسلامى على كل سكان قطاع غزة فى دولة حماس الإخوانية، وجلد الشابة السودانية فى ميدان عام لإرتدائها الجينز أيضاً حدث فى الدولة الدينية.
أخيراً، إن شباب مصر وجيش مصر درع أمان لها للحد من خطورة الدولة الدينية المفرقة بين مواطنيها "مؤمن كافر ذمى..." لذا إن وجود دستور قوى واضح المعالم خال من التناقض مؤكداً على مدنية الدولة قادراً على حماية الديمقراطية من الشطط والانحراف بمصر ومستقبلها باسم الدين.
نداء لكل شباب مصر الصادق الواعد.. نداء لكل مصرى محب لمصر.. نداء للجنة الحكماء.. هناك ضرورة ملحة لإعطاء أولوية لعمل دستور جديد يحقق أولويات المرحلة التاريخية ويحفظ مكاسب شباب مصر وقبل كل شىء فهو يحقق الأمان لمصر وشعبها الطيب المستحق حياة أفضل ومستقبل مشرق.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة