يوماً ما ستنقضى الأحداث الرامية وتعود الحياة إلى نهجها المتواصل والمعهود، وربما ستتحسن ظروفها فنلعن الظلام الذى رضينا به لسنوات طويلة، وربما يحدث العكس فنعود لنرجو عودة أيام الماضى فى محاولة بائسة نتمنى فيها عودة عقارب الساعة إلى الوراء، وفى تلك اللحظات المستقبلية فقط يمكننا أن نحكم على الأيام التى نحياها الآن وأن يكون حكمنا وقتها محايداً ونزيهاً، فالحماسة والمؤثرات المحيطة والآراء المتضاربة تقف عائقاً فى طريق التوصيف الصحيح لدرجة أن هناك اختلافا حتى حول توصيف ما يحدث الآن فى مصر، فالبعض يرى أنها ثورة شعبية لإسقاط النظام وتغييره، والبعض الآخر يراها مجرد انتفاضة شبابية من أجل الإصلاح، لكن أياً كان مذاق الأحداث
ووصفها فإنها ستبقى علامة فارقة فى تاريخ مصر الحديث.
وبالنسبة لمذاق الأحداث فهى فلسفة أو بالأحرى شعور يمكننا من استصاغة الأحداث نفسها لنصنع من ذلك مواقفنا ونشكل أفكارنا حيال ما يحدث، ففى كتابه (البذور والجذور والتمر) يقول المفكر الأستاذ/ عبد الوهاب المسيرى: "إن سيدة أمريكية أخبرته عندما زارته فى منزله أن لحم الدجاج يعتبر أقل أنواع الدجاج جودة ولذلك فهو أرخص أنواع اللحوم"، وأضاف المسيرى: لقد أصبح مذاق الدجاج رخيصاً فى فمى أنا الذى كنت أجده لذيذاً للغاية.
فى الواقع إننى بدأت أشعر بحالة من الارتباك حيال ما يحدث فى مصر، فوتيرة الأحداث المتسارعة أفقدتنى القدرة على التفكير حيال الأوضاع فأصبح موقفى متأرجحاً بين فريقين انقسم بينهما معظم أبناء الوطن، وفى كل محاولة للوقوف إلى طرف دون الآخر كنت أجدنى أعود للانضمام الجانب الآخر بعد حين وذلك فى ظل حالة من التشتت وعدم المعرفة، لقد بدأت أفقد طعم الأحداث مع مرور الوقت، لا أقول إنى مللت من مطالبة الناس بمطالبهم بقدر ما أقول إننى بدأت أشعر بالخوف من مستقبل مجهول تنتظرنا فيه فاتورة الخسائر التى أصابت الوطن، لكن يبقى شىء واحد مطئمن هو أنه لا مذاق لهذا الخوف الآن.. طالما لم يأت المستقبل بعد!
مظاهرات ميدان التحرير
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة