الوضع الآن أصبح مغلقاً مثل الدومينو. الرئيس لا يريد الرحيل، ونائب الرئيس لا يريد التفاوض إلا بعد فض الاعتصامات، والمعتصمون لا يريدون فض اعتصامهم إلا بعد رحيل الرئيس وبداية التفاوض، فإلى أين يتجه الوضع بنا؟
* مبارك لا يريد الرحيل ولا أحد يستطيع إجباره على ذلك، على الأقل ليس أوباما، حتى لا يخاف كل رئيس موال لأمريكا من تخليها عنه فى مرحلة ما من حكمه، وهذا ما عرى النظام الأمريكى تماما والذى يتشدق بالحريات وبالحقوق، بل وساند عددا كبيرا من الثورات الشعبية فى العالم، لكنه عند ثورة مصر وقف وأطلق تصريحات مائية ليس لها شكل محدد، وذلك بالطبع مفهوم لأن وجود نظام ديكتاتورى فى مصر بالذات مطلب أمريكى هام، لأن مصر حليف هام لها ويخشى الأمريكان من وجود نظام ديموقراطى هنا يمكن أن يقطع علاقاته معها أو مع إسرائيل أو على الأقل يلغى معاهداته مع الأخيرة، وأمريكا هنا تتعامل مع مصر على أنها واحدة من الدول المهمة لها وهذا يجعل مبارك يقف على أرض صلبة، إذ إنه يعلم جيدا أن أوباما لن يجبره على الرحيل.
* إسرائيل تتعامل مع مصر بصفتها أهم دولة فى المنطقة لأمنها واقتصادها أيضا، حيث إن مصر هى حدود إسرائيل الآمنة التى لا يمكن لأى مخرب أن يدخلها عن طريق مصر ولا يمكن لأى فلسطينى الخروج من غزة بدون موافقة إسرائيل، كما أن معاهدة السلام وما تبعته من اتفاقيات ملزمة ومجحفة لمصر هى من أساسيات الحياة هناك، وهذا يقوى موقف النظام المصرى عند أمريكا بالطبع. هذا عن الوضع خارجياً.
• داخلياً.. عرفنا مؤخراً عن الرئيس أنه عنيد إلى حد التدمير لدرجة أنه مستعد لخسارة جزء كبير من شعبه ليستمر رئيسا لمصر، وقد قام بتعيين نائب رئيس له نفس الصفات ومازالت الحكومة الجديدة تخادع حتى رئيس الوزراء، والذى كان وزيرا لعدة سنوات يحلف بأنه لم يكن يعلم أن أنس الفقى رجل أعمال عندما تركه فى منصبه السابق؟ ومازال يخادع ويقول إنه قد منع رشيد محمد رشيد من السفر فى حين أن الأخير فى دبى من أيام فعلا وما خفى كان أعظم فقد أصدر قراراً بتجميد أرصدة بعض الوزراء الممنوعين من السفر فى حين أن هؤلاء الوزراء بالتأكيد ليسوا فى مصر ولا أرصدتهم أيضا.
• وهكذا مازال الوزراء يتعاملون مع الشباب على أنهم لا يفهمون شيئا ومازالوا يتعاملون معهم بصلف وغرور.
• أما الشباب فقد كانت مطالبهم ومظاهرتهم الأولى سلمية تماما وكان يمكن للنظام أن يتركهم معتصمين فى ميدان التحرير عدة أيام أو حتى شهور دون التعرض لهم، وكانوا سيذهبون إلى أعمالهم فى النهاية، ويا دار ما دخلك شر وخلاص، لكن الغرور الذى تعامل به العادلى مع الموقف أدى إلى وجود ثأر بين الشباب وبين الحكومة التى تتمثل الآن فى الرئيس ولهذا أصبح إصرارهم على رحيله أكبر ثم فوجئوا بسيل من الأكاذيب الغبية تنهال عليهم من كل جانب، وقد استطاع الإعلام المضلل أن يفتتهم فأصبح للثورة ألف أب وألف جانب وتدخل فيها كل من له مصلحة من أحزاب كوميدية كانت تعيش على معونات الحكومة السنوية وجماعات عقائدية تريد جزءاً من الكعكة لم تكن تحلم ذات يوم بأن يلتف حولها هذا العدد الهائل من المصريين وأشخاص يتظاهرون من على كراسى بلاستيكية ويتحدثون عن حكم مصر من حدائقهم الغناء بينما الشباب يقتل تحت عجلات سيارات النظام.
• والحل؟
يمكن أن تترك الحكومة هؤلاء الشباب معتصما عدة أيام أو حتى أسابيع دون التعرض له وفى النهاية سوف يدخل أولياء أمور هؤلاء الشباب إلى الميدان ليجروهم جرا إلى البيوت حتى يستطيع الأهالى العودة لأعمالهم وقبض مرتباتهم التى أوقفت أوتوماتيكيا جراء الثورة وحظر التجول ونقص الطعام نتيجة إغلاق أو تقليل ورديات المصانع لأن الوضع لا يمكن أن يظل كما هو عليه، وهذا بالطبع لأن أسلوب ضرب الشباب وقتلهم وتفرقتهم لم يعد يجدى نفعا.
أما الشباب فيجب عليهم تنظيم موقفهم أكثر من ذلك والإسراع باختيار قائد لهم يمثلهم وينقل مطالبهم إلى الحكومة مع الأخذ فى الاعتبار أن يقوموا بإيجاد بدائل لما لا يرتضونه حاليا سواء رئيس أو نائب رئيس أو رئيس وزراء ووزراء وذلك لا يمكن أن يحدث وسط مكوثهم أياما فى ميدان التحرير بل يأتى بالتدريج بأن يختاروا لهم قائد ومجموعة تكتب المطالب وتختار البدائل ثم يتقدمون بكل ذلك إلى الحكومة الحالية على أن يتم ذلك بسرعة حتى لا يضج الناس من قلة العمل والمرتبات ويطالبون بنهاية للموقف بأى صورة.
وجود قائد أو مجموعة قيادة واحدة فقط للثورة الآن ضرورى جدا حتى لا يتحدث كل شخص باسمها ويحدث تضارب مصالح مثلما بدأ فعلا.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة