عبد السيد مليك

25 يناير يوم فى تاريخ مصر

السبت، 05 فبراير 2011 11:13 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بغض النظر عن المكاسب أو الخسائر، فما حدث يوم 25 يناير هو يوم فى تاريخ مصر، وقد كانت مقالتى التى نشرت بتاريخ 23 يناير تحت عنوان "رسالة إلى الفقى"، والتى جاءت رداً على الدكتور مصطفى الفقى فى جريدة اليوم السابع بمثابة تنبؤ على هذه الأحداث، فقد ذكرت بالنص:

أنوه لكم أننا على أعتاب ثورة قد تكون اليوم أو غداً أو حتى بعد غد، ولكنى متيقن أنها قريبة إن لم تكن على الأبواب والمجتمع الذى مزقته الفتن والتطرف جمعه الذل والفقر وامتهان الكرامة.. لم تكن رسالتى نبوة فى زمن انقطعت فيه رسائل الأنبياء بقدر ما كانت تحليل سياسى من واقع الحياة وتفاقم الأوضاع إلى الأسوأ عبر عنها مختلف فئات الشعب بالعديد من المظاهرات فى أماكن مختلفة من البلاد لتصحيح مسار الأوضاع وبرغم ذلك تعالت كل الأجهزة القيادية عن التنازل لإقامة حوار مع من ضاقت بهم الحياة تحت ذل الفقر والبطالة والاحتياج ولم تكن أحلام هؤلاء البسطاء سوى سد أحوج الحاجات من العيش، ورغم ازدياد الصرخات بالارتفاع شيئاً فشيئا فلا سبيل لعين تشفق ولا قلب يرق وكأنه لا حياة لمن تنادى، أو على حد القول وجدت قلب فرعون قاسى فتقسّى.

وعلى خلفية الأحداث الإرهابية فى كنيسة القديسين يوم الأول من نفس الشهر وبنوع من الوعى من عشرات الشباب الواعى ممن تيقنوا أن هناك أصابع تعبث بمقدساتهم وتعمل على فتنة طائفية، وبغض النظر أن يد الإرهاب داخلية أو خارجية أو كليهما معاً وأن هناك أجهزة متقاعسة متكاسلة أو متساهلة مباركة للاحتقان، ففى مبادرة جديدة من نوعها لكنها ليست غريبة عن الشعب المصرى الأصيل الذى تقاسم السراء والضراء، الضحك والبكاء، قرر أن ينزل الأقباط فى صلاة عيد الميلاد ليلة 6 يناير رغم التهديد بمزيد من تفجيرات الكنائس أثناء الاحتفال بالأعياد وقابل هذا التحدى من المسيحيين بالاتحاد مع إخوتهم المسلمين الذين قرروا أن يقفوا يداً بيد معاً ضد الإرهاب عندما أكدوا أنهم سيكونون دروعاً بشرية أمام الكنائس ليواجهوا الموت معاً، واستمراراً لرفض العنف وفى ظل مواجهة المشاكل الحقيقية دعت مجموعة من الشباب الناهضين الناضج ثقافياً وفكرياً لوقفة ولم يمضى طويلاً حتى كانت البداية مع إشراقه يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من يناير 2011 وأقول البداية لأنى لا أود أن أقلل من هذا العمل البطولى بالقول مظاهرة أو تجمع على غرار ما سبق لكنى اعتبر أن هذا اليوم هو يوم "نهضة مصر" ولا أقبل بمن أطلقوا عليه بيوم الغضب، فأى غضب من شعب سلب كل حقوقه ويخرج بكل هذه الأعداد وهو يحمل الورد، إنهم شباب ينبذون العنف حتى فى أحلك ظروفهم، لأنه يقدر أن الخسائر واقعة أولاً وأخيراً على الوطن، فهذه واحدة من الإيجابيات التى تُحسب لهؤلاء الأبطال الذين سطروا يوم فى طريق الحرية.

نقطة إيجابية أخرى لا أود أن أغفلها وسط العديد من الإيجابيات، أن أصحاب هذه الانتفاضة هم الشباب المصريون أصحاب المعاناة الحقيقيون ولم يكن لأى تيار سياسى أو دينى أو حزبى الفضل فى إشعال فتيل هذه الثورة، فعمائم الأزهر غابت غياباً كاملاً من مسرح الأحداث وأنى لم أترجم هذا الصمت سوى أنه نوع من التوازنات والتصفيق للفائز فى نهاية الجولة، أما فئات المتسلقين الذين لا يشغلهم سوى سرقة الأضواء إليهم.

وإن كنت معجباً من بين هؤلاء بتصريحات الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع، لأنه صاحب فكر واعٍ وكثيراً ما تبنى مبادئ هذه النهضة، وقبل أن نخرج من دائرة التسلق، فإن الإخوان المسلمين أكدوا قبل 25 يناير أنهم لم يخوضوا هذا المعترك بعد أن استدعت مديريات الأمن أقطابهم فى كل المحافظات ولا أدرى تحت التهديد بالاعتقال أم لظن الإخوان أنها لن تكون سوى مظاهرة شباب من أرباب الشبكة العنكبوتية، ولكن بعد نجاح الثورة تجدهم يسارعون نحو الأضواء ومعهم أغلب الأحزاب السياسية التى امتنعت عن الاشتراك بادئ الأمر ومن أنواع التسلق المضحك ما صدر من بعض الجماعات الإسلامية والتى لم يكن لهم تواجد فى المنظومة، تجد أحد هؤلاء يقوم بالخطابة بين الناس وسط هذا التجمهر، أما عن دور الكنيسة، فكان الحذر إلى حد السلبية، فرغم أن نواة الأحداث كما ذكرت من قبل هو حادث الإسكندرية، فإن النهضة بدأت من الشباب الواعى الذى رفض الإرهاب من الطرفين "المسلمين والمسيحيين"، إلا أن بعض رجال الدين المسيحى وبعض الناشطين من خلال المواقع المسيحية طالب الشباب القبطى عدم المشاركة ظناً منهم أن بعض التيارات الدينية وبعض المندّسين قد يقوموا بالاشتباك بالأسلحة مع الشرطة، وهذا ما لا يُقبل به حتى ولو كان هو الحل فى طريق التغيير، لكن هذا التخوف لم يجد له طريقاً بين شباب الأقباط الذين عقدوا العزم للاشتراك فى حركة التغيير منذ الساعات الأولى لها، ومن آخر سلبيات هذه الثورة لم تكن لها أهداف واضحة سوى المطالبة بالتغيير ويرجع السبب كما ذكرت أيضاً أن الأحداث هى تعبير عن عامة الشعب، ولم يكن فى بادئ الأمر أى تيارات سياسية أو منظمات حقوقية وإلاّ كان هناك مطالب واضحة من خلال بيانات واضحة، أمّا الثورة فى مجملها وسام على صدر كل المصريين فى طريق التغيير ولن ينتزعوا منهم أى تيار دينى أو سياسى أو حزبى، وكون هذه الصحوة قامت بتغيير الرئيس والحكومة أم لا، فلن يكون الفرعون أو من يليه فى مقدوره أن يصم آذانه عن صرخات الشعب، لأن ما قام به هؤلاء الأبطال فى عدة أيام سيكون درساً وعبرة لكل حاكم وحكومته لنا ولكل الحكومات العربية فى المنطقة من حولنا، لقد أزال هؤلاء أسوار الديكتاتورية ووضعوا لنا أساساً جديداً نحو الإصلاح والديمقراطية وسيظل حتى الأجنة فى بطون أمهاتهم مدينين بالعرفان والجميل لثوار 25 يناير وأبطالها.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة