رجل.. حرق مصر

الجمعة، 04 فبراير 2011 09:38 م
رجل.. حرق مصر أحمد عز
عادل السنهورى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ملايين المصريين الغاضبين الذين خرجوا إلى شوارع مصر كانت حناجرها الهادرة تهتف «أحمد عز...باطل»، «واحلف بسماها وبترابها.. عز هوه اللى خربها». تعالت أصوات الغاضبين حتى سمع دوى انفجار داخل المقر الرئيسى للحزب الوطنى الحاكم، وبعدها خرجت من بين جدرانه وغرفه ألسنة النار، واشتعلت النار فى كل مكان داخله، وامتدت بعد ذلك إلى مبنى الاتحاد الاشتراكى السابق الذى يضم المجالس القومية المتخصصة والمجلس الأعلى للصحافة.

الغاضبون الذين تعمدوا إحراق الحزب الوطنى، كان ذلك تنفيسا عن غضب حارق ضد سياسات رمزها وبطلها رجل الأعمال أحمد عز الذى تحكم فى كل شىء وأدار وحده أسوأ انتخابات برلمانية فى تاريخ مصر السياسى، جاء نتيجة تزويرها الفاضح سيطرة الحزب الوطنى بالكامل على مجلس الشعب، وهى الانتخابات التى اعتبرت بمثابة القشة التى قصمت ظهر النظام السياسى وأخرجت الملايين إلى الشارع، مطالبة ليس فقط بأحمد عز وإنما بالنظام برمته الذى مثل فيه أحمد عز ذاته رمزا للفساد واحتكار رأس المال، وتوظيف السلطة لصالح مصالحه وشركاته حتى صار أكبر محتكر لتجارة الحديد فى مصر.

أدار عز فى السنوات الأخيرة دفة السياسة فى مصر وأصبح المتحدث باسمها، بل أصبح المتحدث عن الاقتصاد أيضا واستفز كل المصريين أو الغالبية العظمى من الشعب الذى عانى ويلات السياسات الفاشلة المنحازة لطبقة رجال الأعمال، ونتج عنها إفقار أكثر من 40 بالمائة من الشعب وحصد فئة قليلة لعائد التنمية الاقتصادية.

مع انفجار بركان الغضب في الشارع المصرى تخلى الجميع عنه واتهموه بأنه المسؤول عما جرى .. هكذا رجال السلطة، عندما تغرق المركب ويتحولون إلى «فئران سفينة» يكونون أول من يتخلى وأول من يهرب. بين صعود مفاجئ غير مبرر وغير منطقى لظاهرة أحمد عز ونهاية أو هاوية متوقعة كانت قصة أسطورة امبراطورية اقتصادية وسياسية نهضت فى سنوات قليلة اسمها «امبراطورية أحمد عز».

في أقل من 13 عاما حقق عز انتصارا و نفوذا متواليين وانتقل من نجاح إلى نجاح.. يجمع بين المال والسلطة والنفوذ، وعلا بقامته القصيرة فوق كل الرؤوس، وقطع خطوات واسعة أوصلته إلى قمة السياسة والاقتصاد، ولم يكمل عامه الخمسين.

ارتبط اسم أحمد عز منذ ظهر على الساحة الاقتصادية والسياسية بألقاب مثل الفتى المدلل، والرجل الحديدى، والمحتكر، وغيرها من الألقاب والصفات التى أثارت جدلا كبيرا فى الشارع المصرى، كما ارتبط اسم عز بالعديد من المحطات الاقتصادية التى ساهمت فى خلق معاناة كبيرة للمواطنين بداية من الاحتكار الذى أصاب أهم سلعتين وهما الحديد والأسمنت، وتلاعبات البورصة والثروات الضخمة.. كل هذه الملفات جعلت اسمه يرتبط دائما بمؤامرة ما، أو كارثة سياسية، أو اقتصادية وفى النهاية بالفساد.

فترة التسعينيات كانت البداية الحقيقية لأحمد عز رجل الأعمال حينما تقدم للمهندس حسب الله الكفراوى وزير التعمير الأسبق بطلب الحصول على قطعة أرض فى مدينة السادات لإقامة مصنع لدرفلة الحديد، ولم تكن قيمته تتجاوز 200 ألف جنيه، وحتى عام 1995 لم يكن هناك على الساحة شخص يدعى أحمد عز.

ومن بعدها بدأ عز تكوين تلك الامبراطورية الاقتصادية التى أثارت أكبر مساحة من الجدل فى الشارع المصرى، ولم لا وهو يمتلك أسطولا من الشركات، بدأت برئاسته لمجموعة شركات عز الصناعية والتى تضم شركة «عز الدخيلة للصلب بالإسكندرية» التى دخل فيها كمستثمر رئيسى عام 1999، والتى كانت تعرف سابقاً باسم شركة «الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب»، وشركة «عز لصناعة حديد التسليح» بمدينة السادات، و«عز لمسطحات الصلب» بالسويس، ومصنع «البركة» بالعاشر من رمضان، وشركة «عز للتجارة الخارجية» بالإضافة إلى شركة «سيراميك الجوهرة» الذى أنشئ أواخر الثمانينيات، وتعتبر شركاته أكبر منتج للحديد فى العالم العربى وفقا لآخر تقرير للاتحاد العربى للصلب ويليها شركة سابك السعودى.

شركات عز تضم شركة العز لصناعة حديد التسليح - تأسست عام 1994 بالمنوفية برأس مال 911.9 مليون جنيه، وبعد تأسيس هذه الشركة تأسست 3 شركات تابعة لها، وهى: مصانع عز للدرفلة (مصانع العز للصلب سابقا) التى تأسست عام 1986 مستفيدة من قانون الانفتاح، ثم عدلت أوضاعها بعد انتهاء فترة الإعفاءات الضريبية، مستفيدا من قانون الاستثمار الجديد رقم (8) لسنة 1997، ويملك أحمد عز 90.73 % من أسهمها، ثم شركة العز لصناعة الصلب المسطح (العز للصناعات الثقيلة سابقا) التى تأسست عام 1998 بنظام المناطق الحرة مستفيدة كذلك من قانون الاستثمار الجديد ويمتلك فيها أحمد عز 75.15 % من أسهمها، ثم شركة عز الدخيلة للصلب (الإسكندرية)، التى كانت من سنوات قليلة من ممتلكات قطاع الأعمال العام وكانت تأسست عام 1982، وعبر عمليات غامضة استحوذ عز عليها عام 1998، وامتلك الآن 50.28 % من أسهمها، بعد أن كانت حصته فيها فى ديسمبر من العام 2007 حوالى 53.52 %.

وتستحوذ هذه الشركات على نحو 90 % من إجمالى إنتاج ومبيعات السوق، وتستأثر شركات عز بحوالى 60 % من الطلب المحلى وأكثر من 50 % من الطلب الخارجى، وبالمثل فإن إنتاج الحديد المسطح تكاد تنفرد به 3 شركات، إحداها هى شركة الحديد والصلب المصرية المملوكة للحكومة، والأخريان خاصتان هما (شركة عز للصلب المسطح)، و(شركة الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب).

بدأت رحلة عز مع الحديد عام 1994 عندما أسس مع والده أول مصنع لإنتاج الحديد.. فى عامى 1993 و 1994 حصل أحمد عز على قروض من البنوك تبلغ أكثر من مليار و600 مليون جنيه، فتعاقد مع شركة «دانيلى» الإيطالية لبناء مصنع «العز لحديد التسليح» بطاقة 300 ألف طن ، وفى عام 96 تعاقد على خط آخر بطاقة 630 ألف طن وفرن صهر بطاقة 600 ألف طن، وكانت التكلفة الإجمالية للمصنع بلغت حوالى 340 مليون جنيه.

وفي فبراير عام 2000 تولى عز رئاسة مجلس إدارة شركة الدخيلة، وفي عام 2001 أصدر تعليماته بخفض كميات حديد التسليح فى شركة إسكندريةالوطنية للحديد والصلب الدخيلة، وأوقف يومها إنتاج حديد التسليح، مما تسبب فى تداعيات خطيرة أثرت على السيولة بالشركة، مما أسفر بالتبعية عن وجود فائض فى خامات «البيليت» المصنعة بالشركة، وقدرت بحوالى 45 ألف طن شهريا، حيث أكدت الوقائع أن قرار خفض الإنتاج كان لحساب مصانعه، خاصة بعد أن قام بشراء هذه الكميات الزائدة من «البيليت» بسعر الطن 68 جنيها، ليقوم بتصنيعه كحديد تسليح فى مصانعه الكائنة بمدينة السادات.

لكن الضربة الكبرى كانت عام 1999م؛ حيث استغل عز أزمة السيولة التي تعرَّضت لها شركة الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب الدخيلة بسبب سياسات الإغراق التى سمحت بها الحكومة للحديد القادم من أوكرانيا ودول الكتلة الشرقية فتقدم بعرض للمساهمة فى رأس المال، وبالفعل تم نقل (500.543) سهم من اتحاد العاملين المساهمين بشركة الدخيلة لصالح شركة عز لصناعة حديد التسليح، وبعد شهر واحد تمَّ إصدار ثلاثة ملايين سهم لصالح العز بقيمة 456 مليون جنيه، وبعد ذلك وفى شهر ديسمبر من نفس السنة أصبح عز رئيسًا لمجلس إدارة الدخيلة، ومحتكرًا لإنتاج البيليت الخاص بحديد التسليح، وهذا التعيين جاء مريبًا لأنه تمَّ على أساس أن عز يمتلك 27 % من أسهم الدخيلة رغم أنه لم يقُمْ بسداد ثمن الأسهم التى اشتراها.

وجاء قرار عز برفع سعر طن حديد التسليح 250 جنيهًا إضافيًا، ليتجاوز سعره أربعة آلاف جنيه نهاية العام الماضى، تحديًا لقرار المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة السابق.

ومن الحكايات التى تم السكوت عنها فى أنشطة أحمد عز على الصعيد الاقتصادى، حجم الدعم الضخم الذى حصل عليه سنويا من خلال تقديم الوقود له ولشركاته بأسعار تقل كثيرا جدا عن الأسعار المتوافقة مع الأسعار الدولية، والسماح له بالتصدير الواسع لمنتجاته إلى الأسواق العالمية، مستفيدا من فروق الأسعار فى مدخلات الإنتاج من الطاقة والغاز مقارنة بالأسعار الدولية لتلك المدخلات، ويضاف صافى الربح من تلك العملية إلى حساب تلك المشروعات وربما فى حسابات خارجية.

إضافة إلى حجم الدعم الضخم الذى يقدمه للحزب الحاكم حتى إن البعض تندر على ذلك وقال، إن أحمد عز «بيصرف على الحزب الوطنى». فى السياسة ارتبط ظهور عز فى الحزب الوطنى مع صعود نجم جمال مبارك ومشروعه فى التوريث، ودار الصراع الخفى بين ما أطلق عليه تيار التغيير والحرس القديم ورموزه فى الحزب الحاكم، وأصبح هو مهندس وأمين التنظيم فى الحزب دون مؤهلات حقيقية، فلم يعرف عنه ممارسة أى نشاط سياسى سابق سوى فى الحزب الوطنى.

دخل أحمد عز جامعة القاهرة وحصل على بكالوريوس هندسة، واشتهر بحبه للعزف على «الدرامز» وبدأ حياته عازفا ضمن فرقة موسيقية بأحد فنادق القاهرة الشهيرة عام 1987، وحاول أحمد عز أن يقنع الرأى العام بأنه سليل عائلة غنية منحته ورثا كبيرا استطاع أن يكبر به ويطوره، لكن المتداول عنه أنه كان من أسرة بسيطة، تمتلك ورشا للحدادة تطورت لتصبح محلا لبيع الحديد، وأن تلك التجارة لم تكن لتصلح كبداية تحقق له ثروة تقدر بأكثر من 40 مليار جنيه.

وحتى عام 1995 لم يكن هناك على الساحة شخص يدعى أحمد عز.. ولكن مع بداية هذا العام بدأت استثمارات عز مع مشروع سيراميك الجوهرة، وبدأت صور أحمد عز تظهر للمرة الأولى على صفحات جريدة الأهرام المتخصصة فى الاقتصاد والإنتاج وهى الصفحات التى يعشقها رجال الأعمال فى الصحف على اعتبار أنها بداية الطريق نحو وضع القدم الأولى فى سوق السياسة والسلطة.

وقتها كان يبحث عن مظلة تحميه حتى وجدها فى شخص نجل الرئيس، حيث شهد مؤتمر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى عام 1996 الظهور الأول للثنائى الذى لن يفترق بعد ذلك وشاهد الناس كلهم أحمد عز وهو يجلس باسما بجوار جمال مبارك.. ليحصل على الصورة الأولى بجوار نجل الرئيس، فى بلد تفتح أبوابه على مصراعيها لكل صاحب سلطة أو قريب شخص صاحب سلطة،الدفع الفورى له أهمية كبرى في حياة أحمد عز ومثلما دفع للصفحات المتخصصة بالأهرام، دفع أيضا ليبقى بجوار جمال مبارك، فقد أدرك عز أن صورته التى ظهر فيها بجوار نجل الرئيس ثمنها غال فبادر بالحفاظ على علاقته بجمال، وكان أول المساهمين فى جمعية جيل المستقبل التى بدأ بها جمال مبارك رحلة صعوده وكان هذا عام 1998.

من 1998 حتى 2000 كان أحمد عز يجنى ثمار توطيد علاقته مع نجل الرئيس، فقد شهدت تلك الفترة نموا هائلا فى استثمارات رجل لا يعرفه أحد.. بدأ يحتكر صناعة السيراميك مع أبو العينين وزاد نشاط مصنع الحديد وأنشأ شركة للتجارة الخارجية وامتلك مثله مثل مجموعة من رجال الأعمال القريبين من السلطة مساحات من الأراضى فى السويس وتوشكى وأصبح وكيلا لاتحاد الصناعات.. ولكن اللعبة الكبرى كانت فى عام 1999 حينما استغل عز أزمة السيولة التى تعرضت لها شركة الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب الدخيلة، بسبب سياسات الإغراق التي سمحت بها الحكومة للحديد القادم من أوكرانيا.

ودول الكتلة الشرقية فتقدم بعرض للمساهمة فى رأس المال، وبالفعل تم نقل 543.500 سهم من اتحاد العاملين المساهمين بشركة الدخيلة لصالح شركة العز لصناعة حديد التسليح، وبعد شهر واحد تم إصدار ثلاثة ملايين سهم لصالح العز بقيمة 456 مليون جنيه، وبعد ذلك وفى شهر ديسمبر من نفس السنة أصبح عز رئيسا لمجلس إدارة الدخيلة، ومحتكرا لإنتاج خام البيليت الخاص بحديد التسليح.

بعدها بدأ فى جنى الثمار على المستوى السياسى ، بدون أى مقدمات وجد أحمد عز نفسه فى فبراير 2002 عضوا فى الأمانة العامة للحزب الوطنى ضمن الهوجة الأولى لدخول رجال الأعمال مجال العمل السياسى على يد السيد جمال مبارك، وكان دخول عز متوازيا مع بداية نشاط جمال مبارك وهو التوازى الذى سيستمر كثيرا .

ولأن ذكاء عز قد أخبره أن مساحات السيطرة على الحزب الوطنى تبدأ من داخل البرلمان، سارع وقام بترشيح نفسه فى الانتخابات البرلمانية 2000 وأصبح نائبا عن دائرة منوف التى تم تفصيلها على مقاسه على اعتبار أن مصانعه موجودة بمدينة السادات، وأصوات العمال وحدها كفيلة بنجاحه، وهو ما كان.. وفجأة أصبح أحمد عز وبدون أى مقدمات رئيسا للجنة التخطيط والموازنة فى مجلس الشعب.

وفى نفس الوقت أصبح أحمد عز زميلا لجمال مبارك ضمن لجنة الإصلاح التى تشكلت فى الحزب الوطنى وفى سبتمبر 2002 كان المؤتمر العام للحزب، وكان أحمد عز على موعد مع لعبته القديمة التى تفتح أمامه الأبواب المغلقة.. إنها لعبة الدفع الفورى. وظهرت تقارير كثيرة وقتها فى الصحف المستقلة والمعارضة عما أنفقه عز بسخاء على المؤتمر، ثم عاد عز ليحصد ما دفعه وأصبح عضوا فى أمانة السياسات، ولم يكن مجرد عضو عادى، بل كان من المسيطرين والمحركين الأساسيين كما قال الدكتور أسامة الغزالى حرب بعد خروجه من الحزب.

وأصبح واضحا للكل، أن عز قد أصبح رجل جمال مبارك الذى أسند له وبدون مقدمات أيضا رئاسة لجنة الحفاظ على الأراضى الزراعية وفى عام 2003 كان هناك تدشين رسمى لتلك العلاقة، حينما كان أحمد عز رفيقا لجمال مبارك أثناء سفره إلى الولايات المتحدة. ثم جاء عام 2004 ليشهد قفزة جديدة لأحمد عز الذى قرر أن يقطع المسافات الطويلة بسرعة، طالما أنه يملك كارت جمال مبارك لحمايته من الرادار، وحصل على منصب أمين العضوية وهو المنصب الخطير داخل الحزب الوطنى ولكى تعرف مدى أهميته، يكفى أن تعرف أنه كان منصب كمال الشاذلى. وبالتزامن بدأت فائدة الغطاء السياسى الذى اشتراه عز بفلوسه، يظهر حينما تعامل مجلس الشعب مع استجواب النائب أبو العز الحريرى ضد أحمد عز بالمزيد من البيروقراطية حتى تم تعطيله.

وبعد انتهاء مولد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى 2005، وانتشار أحاديث عن دور عز لتمويلها ومتابعتها.. حصل على أهم منصب فى الحزب وهو أمين التنظيم، وبالصدفة كان أيضا منصب كمال الشاذلى، ولأن عز لا يحصل على مكاسبه بالقطعة، فقد حصل بالتزامن على مكاسب طائلة نتيجة احتكاره الحديد وارتفاع سعر الطن. فى الشهور الأخيرة قدم عز نفسه كمفكر ليكمل ثلاثية رجل الأعمال والسياسى ولكنه تعامل مع كل القضايا بمنطقه التجارى.

وحين تحدث عن القضية الفلسطينية، تعامل مع دور مصر بمنطق التجارة، وتحدث فى أشياء معنوية وثقافية بمنطق المكسب والخسارة، قائلاً: هل لو قامت الحرب ستدعم قطر التى وصلت إيراداتها السنوية إلى 100 مليار دولار مصر، وهل ستفعل السعودية ذلك والجزائر؟ وقال عز إن الحديث عن استضافة العرب لا خلاف عليها، لكن لو أراد العرب الحرب فعلى كل منهم أن يقدم جزءاً من عنده، ومصر ستكون رقم واحد ولكنها ليست الوحيدة. وأضاف قائلاً: «إن المواطن الفلسطينى يجب أن يكون أول من يبكى على نفسه، ونحن سنكون ثانى من يبكى عليه».

وهنا ربط دخول مصر فى أى حرب ضد إسرائيل بمن يدفع، والحقيقة أن الحروب لا تدخل فيها الدول لاعتبارات مالية، فهل لو تعرضت مصر لهجوم هل ستنتظر من يدفع لها حتى تدافع عن نفسها؟ بالتأكيد لا، وهل هناك عاقل يمكن أن يربط دور مصر فى دعم القضية الفلسطينية بالمال، أم بالدافع عن مصالح مصر الحيوية والاستراتيجية التى لا تقدر بمال، وأخيرا فإنه لا يوجد عاقل فى مصر- وبصرف النظر عن موضوع المال- يطالب الحكومة المصرية بمحاربة إسرائيل عسكريا لمصلحة حماس أو حزب الله، أو على حساب مصالحها الوطنية (التى هى أيضا لا تقدر بمال) إنما المطلوب هو دعم الشعب الفلسطينى بكل الوسائل السياسية والقانونية والإعلامية، لا أن نعايره بحاله ونقول له: ابكِ على نفسك.

وقد امتد هذا الفهم التجارى إلى ما جرى فى الانتخابات الأخيرة، حين بدأ أمين التنظيم فى الحزب الوطنى باختراع نظام لم يعرفه أى نظام حزبى آخر فى الدنيا، فسمح لـ800 مرشح من أعضائه بمواجهة بعضهم البعض، فيما عرف بالدوائر المفتوحة فى مشهد يدمر أبسط معانى الانتماء الحزبى البديهية، والمعروفة فى كل مكان فى العالم، وهو مقتبس من حياة المال والأعمال فى البلدان غير الديمقراطية التى تقوم على المنافسة المفتوحة التى لا يحكمها أى رابط، كما كرّس لنمط جديد من العلاقات الحزبية غير المسبوق أيضاً، وفرض على مرشحى الحزب الوطنى التوقيع على عقود إذعان يستسلم فيها كل من قدّم أوراق ترشيحه لمجمع الحزب الانتخابى إلى أمين تنظيم الحزب أو أمين المحافظة، ويعلن فى توكيل رسمى فى الشهر العقارى أنه لن يترشح كمستقل فى مواجهة مرشحى الحزب الرسميين.

كانت السيناريوهات تفرش طريق عز بالورود والأحلام مفتوحة على أبواب المستقبل بلا حدود، ولم يتخيل عز أو أى أن أنصاره أن الطريق الذى رسمه لنفسه هو ذاته طريق النهاية والهاوية فى أقل من 3 أيام، وهو الذى رسم الطريق ليمتد إلى سنوات وسنوات.

فهو المتهم الآن بالفساد والمتهم بأنه هو الذى ورط النظام ومبارك نفسه ووضعه فى طريق النهاية و.. «أنه هوه اللى خربها».





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة