فى البداية أنا مصرى أعمل بالخارج وغربتى بسبب النظام البائد ولا يمر يوم دون التفكير فى العودة لمصر ولكن فى كل مرة أجد أنه من الصعوبة عمل ذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السيئة التى مرت بها البلاد فى السنوات الماضية.
هذه المقدمة لجعلك تتفهم موقفى حيث إننى من أشد المؤيدين للتغيير والإصلاح ودمعت عيونى من الفرحة يوم 25 عندما رأيت المارد ينهض مرة أخرى محطما رباطات الجهل والسلبية والتخلف والطائفية التى حاول النظام تقييده به ليضمن استتباب الأمر له مستخدما الإعلام الفاسد سواء المرئى والمكتوب مستخدما أشباه المواهب والأقزام وبنظام تعليمى يصفه أشد المتعاطفين معه بالفاشل وبجهاز أمنى يتمحور دوره حول حماية النظام وزرع الفتن ونسج المؤامرات التى تضمن إلهاء الشعب طوال الوقت.
تمنيت التواجد فى مصر للمشاركة, كنت لا أنام أكثر من 4 ساعات وأقضى يومى فى المتابعة والاتصال بكل الأصدقاء داخل وخارج مصر, وعكس ما تخوفت منه ساعد البلطجية والمخربين على تقوية النسيج بعد أن تعاضد إخوتى من أبناء مصر وكونوا درعا يحمى المجتمع فى مظهر من أروع وأرقى ما يمكن أن يتخيله المرء.
وبعد خطاب الرئيس الذى ربما لم يعط المتظاهرين كل ما كانوا يطلبون ولكنها كانت خطوة جيدة للأمام ويمكن منها الانطلاق إلى الأمام وكما قال السيد عمرو موسى مصر لن تعود إلى ما قبل 25 مرة أخرى.
ولكن وضح الآن أن هناك بعض الجهات تخاف من أن تنتهى الازمة ولعل فوضى تجر البلاد إلى سيناريوهات سيئة, فقيادات الحزب الوطنى والذين تمتعوا بنفوذ ومكتسبات لا يحلم بها أى إنسان وتراكمت ثرواتهم وثروات أقاربهم بطريقة دراماتيكية وكذلك رجال الأعمال الذين قفزوا إلى الساحة السياسة لتقوية أعمالهم والاستحواذ واحتكار الاقتصاد فى مصر وبناء عليه هم مستعدون إلى أى مدى حتى ولو خرجوا عن طوع قيادتهم وظهر ذلك جليا فى ما حدث يوم الأربعاء من هجوم بربرى على المتظاهرين ومحاولة خلق واقع فوضوى جديد وتحويل الأنظار عن الإصلاح والتغيير إلى إقرار الأمن ووقف الاقتتال بين أبناء الشعب وزرع فتنة جديدة وخصوصا بعد أن اكتسب خطاب الرئيس تعاطف كثيرين، وبدأت الدعوات للحوار تتصاعد ووضح جدية التغييرات التى جاءت نتيجة ضغوط داخلية وخارجية أنت أدرى بها.
على الطرف الثانى وضح أن هناك الكثيرين الانتهازيين الذين يطلقون على أنفسهم معارضين لا يريدون إقرار شرعية جديدة تساعد على وضع قواعد جديدة للعبة ولكنهم يريدون أن يستغلوا الظرف للقفز إلى الصفوف الأولى دون السلوك فى القنوات الشرعية والمنطقية ويرون فى الظرف أفضل وقت لتحقيق أكبر مكاسب وتحقيق الأجندات الخاصة بهم والتى لا علاقة لها بمصلحة الوطن، وما يفعلونه يؤكد ضعفهم وعدم ثقتهم فى أنفسهم لعلمهم أن حجمهم الحقيقى فى الشارع لن يعطيهم ما يريدون وان تغيرت كل القواعد وبناء عليه بدأوا فى التصلب واستثارة الشباب والدفع بعناصر منهم والتركيز على النقاط التى تبدوا خلافية مثل التنحى الفورى للرئيس رغم علمهم علم اليقين أن الرئيس خرج من اللعبة وأصبحت معظم الأوراق خارج يديه, ووجوده لأسباب تتعلق أكثر بانتقال السلطة بطريقة آمنة وحفظ ماء الوجه أكثر منها محاولة للتحايل للتعلق بالسلطة.
أخشى ما أخشاه الآن أن يستمر سيناريو افتعال الفوضى إلى أن نصل إلى سيناريوهات أكثر سوادا مثل الاعتداء على رموز وطنية أو دينية وأنا أثق أن هؤلاء لن يردعهم شىء بينهم وبين أهدافهم القذرة، ولذلك أرجو من الجميع توجيه رسائل للمصريين لتفويت الفرصة على هؤلاء حتى لا تصبح أجمل لحظة عاشتها مصر أكبر انتكاسه للوطن لا قدر الله.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة