لاشك أن ما حدث يحمل العديد من الأحداث والمعانى التى يكفى للحديث عنها الدهر كله، وتحمل أيضا من المفاجآت التى لم تكن فى أحلام الشرفاء ولا فى كوابيس الظالمين واللصوص والمنتفعين فهى نقلة نوعية وطفرة فى تاريخ مصر كسرت حاجز الصمت والخوف بالتعبير عن آراء، والمطالبة بالإصلاح ومحاسبة المفسدين، وقد أتت ثمارها بالفعل لمن أراد ذلك ولكن علينا أن نعى تماما متى نبدأ، ومتى نسمع ونصغى جيدًا، ونفكر، ومتى نتوقف فلكل شىء حدود، فإذا كانت الاستجابات قد بدأت بالفعل من العدم فعلينا أن نكون أكثر ذكاء وعقلا وهو ما يراود الكثير من الشباب العقلاء والمثقفين فى مصر حتى لا نحول البدايات الإيجابية التى حدثت من الشباب الواعى إلى نهايات عشوائية تكلفنا جميعا وتكلف مصر العواقب القاسية، فما حدث لا يجب أن يتحول إلى عشوائية مهما كانت المبررات.
ولننتبه إلى أن الاستقرار الداخلى يعكس الاستقرار والأمن الخارجى ولا ندع مجالا للمنتفعين من تلك الأحداث على الصعيد السياسى أن ينتهزوا الفرص ويستخدمون الشباب لتحقيق مصالحهم الشخصية فقط، وهو ما اتضح بالأمس من استمرار عنيد وغير مبرر للهتافات وإغلاق العقول، حتى قبل أن يسمع من الأطراف الأخرى وهو ما يظهر النوايا الحقيقية ويثير الشكوك طالما أن الأهداف فى سبيلها إلى التحقيق، فلما نقف فى طريق التنفيذ ونصدر أحكام مسبقة ونشوه ما فعله الشباب فى 25 يناير فمن يفعل ذلك ليسوا هؤلاء الشباب، ولكن هم من يتطلعون إلى السلطة، ويريدون إحداث حالة من الفراغ السياسى والعشوائية دون انتقال آمن للسلطة، فالتغيير له خطوات وطرق، فإذا أردت أن تهدم منزلا فهناك طرق وتدرج فى ذلك وليس من الأساسات والجذور مرة واحدة فسوف ينهدم فوقنا جميعا، فمصر فوق الجميع، ومصر هى المصريون العقلاء الذين يدركون جيدًا.
ماذا يريدون من خطواتهم القادمة؟ فالمطالب قد وصلت وعلينا أن نراقب مدى تنفيذها والصوت قد علا، والشعور متبادل، وظهر التكاتف الشعبى لحماية المنازل والشوارع والأحياء، وهو ما لم يشهده المجتمع من سنوات، لقد مر كل فرد فى مصر بهذه التجربة، ولكن لكل مؤسسة أدوارها التى يجب أن تقوم بها حتى تستقر الأوضاع بإذن الله {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]}.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة