مساء الثلاثاء وجه الرئيس حسنى مبارك كلمة للشعب، استجاب فيها إلى الكثير من المطالب الشعبية، أعلن عدم الترشح لفترة رئاسية جديدة، وطلب تعديل المادتين 76 و77 من الدستور، وطلب من مجلسى الشعب والشورى التنفيذ الفورى لتقارير وأحكام بطلان عضوية النواب، وقرر التحقيق مع كل من كان السبب فيما عاشته مصر.
كان موقفا مهما من الرئيس استجابت له الأغلبية التى أرادت أن يخرج رئيس مصر من الحكم بشكل سلمى، ودون إهانة، وبدون الانهيار الكامل للنظام بما يؤدى إلى فوضى تأكل الأخضر واليابس.. كان موقف الرئيس مهما لأنه وفر لمصر خروجا أمنا من الأزمة السياسية الكبيرة التى نعيشها، وفتح الباب للتغيير الذى طالما كتبنا عنه هنا ودعينا له وتبنيناه.
لكن منذ ظهر الأربعاء حدث أسوا شىء يمكن حدوثه، بل أكبر جريمة من نوعها يمكن أن يشهدها بلد، وهى الاشتباكات الدامية التى وقعت فى ميدان التحرير واستمرت حتى فجر اليوم وأسفرت عن مصرع سبعة وإصابة الآلاف من الجانبين.
وأيا كان من هاجموا المعتصمين فى ميدان التحرير، وأيا كان من اندس بين الشباب العظيم فى الميدان فإن ما حدث جريمة فظيعة لا يمكن السكوت عليها أو التهوين من شأنها، ويجب أن نعلم جميعا من حرض هؤلاء ونظمهم وسلحهم ووجههم إلى ميدان التحرير للإعتداء بالقوة على متظاهرين مسالمين.
وتروج نظرية مفادها أن من حركوا الحشود الغاضبة إلى ميدان التحرير هم بعض قيادات الحزب الوطنى الذين أرادوا الانقلاب على ما قدمه الرئيس، وما يمكن أن يسفر عنه الحوار من إجراءات ديمقراطية تفضى إذا تم تطبيقها إلى المرحلة الديمقراطية الجديدة التى تتجه لها مصر.
ووفقا لهذه النظرية فإن النتائج التى كانت مرجوة إما القضاء على الاعتصام، ومن ثم إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، أو إثارة حالة من الفوضى تؤدى إلى إنفراط الدولة ومن ثم يتدخل الجيش ويستولى على السلطة بشكل كامل، وتعود مصر إلى حكم عسكرى صريح، يستفيد منه ما تبقى من الحزب الوطنى لإعادة السيطرة على البلاد مرة أخرى.
أنا شخصيا أميل إلى هذه النظرية، وأعتقد أن مصر تجاوزت ما دبر لها فى هذا الأربعاء الأسود، وستستمر عملية الانتقال السلمى للسلطة وللحرية، لكن كما غير الشعب المصرى نظام الحكم، وانتزع بالدم حريته ويبنى ديمقراطية حقيقية متكاملة، سيقضى نهائيا على الحزب الوطنى الذى أفسد البلد واحتكرها وجعلها شركة خاصة يديرها لحسابه فقط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة