شهرت وهبة تكتب: السينما كشفت قضايا الفساد السياسى

الإثنين، 28 فبراير 2011 06:20 م
شهرت وهبة تكتب: السينما كشفت قضايا الفساد السياسى فيلم هى فوضى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أقصد من مقالى هذا الاعتراف بقدرة المجال الفنى فى مصر وبالتحديد السينما فى كشف قضايا الفساد السياسى وإساءة استخدام السلطة من خلال التعرض لها بكل جرأة وصراحة، ولعلى أردت أن أتحدث عن هذا الموضوع فى هذا التوقيت الحرج الذى تمر به مصر، لرغبتى فى مناقشة دور السينما الذى لم يتطرق له الكثيرون، والتى تعكس فساد السلطة والثروة، وسوف أتطرق لبعض الأعمال الفنية ولكنى لا أملك أن أتطرق لجميعها.

والسؤال الآن: هل حقاً نجحت السينما المصرية فى إظهار واقع الفساد السياسى بكل صراحة وجرأة؟، فالإجابة نعم، لقد تميزت السينما المصرية فى السنوات الأخيرة بالحرية الكافية للتعبير عن الواقع بنزاهة وصدق، حيث تمكنت الكاميرا الفنية من الدخول إلى دهاليز المجتمع المصرى سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ولا يمكن انكار أن السينما المصرية منذ ما يقرب من 40 عاماً لم تتميز بهذه الجرأة، إلا قلة قليلة من الأعمال السينمائية مثل فيلم "الكرنك" الذى مثل رواية للكاتب العالمى نجيب محفوظ، والتى كتبها عن فساد السلطة من جانب البعض فى العهد الناصرى، أما السينما المصرية فى "الألفية الثالثة" أصبحت بمثابة المرآة التى تعكس مختلف القضايا.

فعلى رأس الأعمال الفنية القديمة، فيلم "الكرنك" الذى أخرجه المخرج الكبير "على بدرخان"، وعبر عن إساءة استخدام السلطة وانتهاك حقوق الإنسان داخل المعتقلات بحجة حماية النظام والثورة ضد أعدائها، حيث قدم هذا العمل الفنى رسالتين، الأولى: هى إساءة استخدام السلطة بتعذيب المواطنين الأبرياء وغير الأبرياء، وقصدت هنا الإشارة إلى الأبرياء وغير الأبرياء لأن التعذيب لكلاهما جريمة يعاقب عليها القانون، فحتى وإن كان المسجون شخص غير بريء، فإنه لا يحق تعذيبه بأى شكل بل يأخذ ما يستحقه من العقاب الذى تقرره المحكمة بعد ثبوت إدانته بأدلة قاطعة، وقد أظهر العمل الفنى رجل المخابرات "خالد صفوان"، الذى يستخدم سلطته فى انتهاك حقوق المواطنين داخل المعتقلات، وسلب حياتهم، حيث يقوم رجال المخابرات أو زوار الفجر بإلقاء القبض على طالبين فى كلية الطب، وهما "زينب واسماعيل"، لمجرد الاشتباه فى انتماءهما لجماعات شيوعية، وإجبارهما على الاعتراف زوراً دون وجود دليل على إدانتهما، فمن ناحية تعرض اسماعيل لأقصى درجات التعذيب، وتعرضت زينب للإغتصاب من قبل رجال المخابرات، ثم تم تجنيد زينب لنقل أخبار زملاءها لصالح المخابرات وذلك نتيجة لما تعرضت له من قسوة رسخت الخوف بداخلها، وعلى الرغم من ثبوت براءتهما إلا أنه لم تُقدم لهما أى تعويضات عما لحق بهما من ضرر نفسى وجسدي، ولم أقصد التعويض المادى ولكن رد اعتبارهما بمعاقبة من قاموا بتعذيبهم.

الرسالة الثانية وهى ضعف المؤسسة التشريعية وعدم قدرة نواب البرلمان على الدفاع عن المواطنين، فلماذا نجد نحن المصريون السلطة التشريعية ضعيفة أمام السلطة التنفيذية، فالإجابة عندى هى "من يملك أن يعطيك الكرسى لتجلس عليه، يملك أن يسحبه من تحتك"، بمعنى أن نواب البرلمان لم يجلسوا على مقاعدهم بإرادة المواطنين بل بتزوير ومساعدة السلطة التنفيذية، وبالتالى فأصبحت الثانية أقوى من الأولى، وفى العمل الفني، عندما لجأ زينب واسماعيل إلى أحد أعضاء البرلمان لتقديم شكوى ضد رجل المخابرات، فلم يملك عضو البرلمان الدفاع عن المواطنين الذين يمثلهم، بل على العكس، فقد هدده رجل المخابرات بسحب العضوية منه، ومحاسبته، واعتقاله بتهمة التآمر على أمن البلد، ففى أى النظم يحدث هذا؟

وعلى رأس الأعمال الفنية الحديثة، فيلم "عمارة يعقوبيان"، الذى عُرض فى البداية كفيلم سينمائى ثم عمل تليفزيوني، حيث يُظهر أيضاً إستغلال السلطة لتحقيق أهداف غير مشروعة، ووصول رجال الأعمال للسلطة وتقلدهم مناصب حساسة، دون البحث فى تاريخهم ومعرفة المصادر التى حصلوا منها على أموالهم، حيث يُظهر عضو مجلس الشعب "الحاج عزام"، الذى كان يعمل كماسح أحذية ثم أصبح مالكاً لنصف محلات وسط البلد بطرق غير مشروعة، وتزوج سراً، وضرب بالدين عرض، وتاجر فى المخدرات لتحقيق ثراء ساعده على الحصول على عضوية البرلمان بادعاء أنه سوف يدافع عن حقوق المواطنين رغم أنه أول من ينتهكها، يعنى "تاجر مخدرات أصبح عضو برلماني" مما يظهر الفساد السياسى بحق، كما ظهرت شخصية الوزير الفاسد "كمال الفولى"، الذى يسىء استخدام سلطاته لدرجة قيامه ببيع مقعد البرلمان للحاج عزام بمعنى مساعدته فى الوصول له والحصول على رشوة كبيرة، كما قام بتهديد هذا العضو بإفساد قضية المخدرات الخاصة به لكى يشاركه ثمارها غير المشروعة، مما جعله يسيطر على عضو البرلمان وإلغاء قدرة الثانى على محاسبة الوزير، فكيف تحاسب من منحك الكرسى الذى تجلس عليه..

أما العمل الآخر، هو فيلم "هى فوضى"، الذى يمثل واحداً من أروع الأعمال الفنية التى قدمها المخرج العالمى يوسف شاهين، وقد شاركه فى إخراجه خالد يوسف، حيث يبرز الفساد كبطل أساسى بالمعنى السياسى والأمنى والأخلاقى متجسداً فى شخصية أمين الشرطة "حاتم"، الذى يمارس كل الأعمال المخالفة للقانون، ومنها القمع المباشر، السيطرة الغاشمة على السلطة، الحصول على الرشوة، الغش والتزوير، السرقة، وانتهاك أعراض المواطنين البسطاء، وذلك نتيجة وجود سلطة تعتقل وتهدد، ومعاضون مُعتقلون بموجب قانون الطوارئ، وانتهاك حرياتهم باستخدام أكثر الوسائل بربرية، وكأن المواطن الذى يُعذب أو يُقتل فى أقسام الشرطة ليس له ثمن، وليس إنساناً بالمرة، نتيجة غياب المحاسبة من السلطة الأعلى للسلطة الأدنى.

أما أحوال المواطنين فتمثلت فى إنعدام قيم المواطنة وغياب فكرة الحق والواجب، ففى رأيى، النظام الفاسد لا يزور الانتخابات كما يظن البعض، بل يدرس نفسية الناس بعناية، يدرس خوفهم وإنعدام الرفض والمعارضة بداخلهم، يدرس أزمة رغيف العيش، وينظر للمجتمع بوصفه قطيعاً يبحث عن الأكل والمرعي، يدرس عزوف المواطنين عن السياسة وتذللهم أمام سلطة الأجهزة الأمنية، لذا أرى أن البداية يجب أن تأتى من المواطنين أنفسهم بتنمية الوعى السياسى لديهم، وتنمية الوعى بحقوقهم وواجباتهم معاً، فكما تأخذ لابد أن تعطي، والأهم أن تدافع عن الاثنين، ولابد للمواطنين أن يقتنعوا بأنهم جزء من تنمية هذا المجتمع، ولابد من مشاركتهم فى هذه التنمية بالعمل والعلم وحسن الاخلاق واحترام دينى ودين الآخر وحب الوطن بكل صدق وعدم الإنسياق وراء الشعارات الكاذبة، والمشاركة السياسية التى سوف تضيق دائرة التزوير وتجلب مسئولين شرفاء يخدمون مصالح هذا الوطن وشعبه.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة