أنتج الخيال المصرى العبقرى هذه القفشة السياسية منذ أكثر من عشر سنوات، والتى تقول: (إن علاء مبارك اشترى شقتين واحدة فى أسوان والثانية فى الإسكندرية ثم فتحهما على بعض)، وقد سبقت هذه القفشة كل التحليلات السياسية التى تحدثت عن نظام العائلة فى مصر سواء على مستوى الممارسة السياسية والهيمنة التنفيذية أو على المستوى الاقتصادى، وأتصور أننا دون أى تعقيدات نستطيع أن نترجم ما يراه الناس ببساطة، حين يعتبرون أن المرحلة الجديدة بعد ثورة يناير المجيدة، لا تحتاج تصورات جديدة، فالمطلوب فقط أن نفعل فى هذه الفترة عكس ما كان يمارس النظام المخلوع، ومصر مهيأة بفعل الروح الجديدة التى فجرتها الثورة، لتكون دولة عظمى، بكل المقاييس، خاصة إذا استعادت عافيتها الاقتصادية وهى قادرة على ذلك، واستعادت دورها الإقليمى، وهى تملك كل مقوماته، التى كانت معطلة، وتستطيع أن تدخل عصر العلم، بقدرما لديها من ثروة عقلية فى جميع المجالات، وتستطيع بقوة ووحدة شعبها أن تجعل كفة التوازن الاستراتيجى لصالحها، فالملايين الحرة التى خرجت تثأر لكرامتها وتسقط النظام المتسلط والفاسد والعنيد، ليست مجرد قطاعات مليونية من البشر، بل قوة ردع استراتيجية تتفوق على أية ترسانة نووية.
كل الذى كان معطلاً ومؤجلاً مكبوتًا سوف يخرج للنور إنجازاً وإنتاجاً، طالما أن إرادة الشعب الحارس للتغيير قادرة على الفعل فى أية لحظة، كل السنين التى ضاعت أو سرقت سنتجاوزها فى شهور قليلة، لأن دورة التاريخ - الآن - سوف تعمل لصالح العودة الكاملة لمصر وشعبها، فالعالم الآن يراقب باحترام وإجلال خروج المارد المصرى من قمقمه، فالصعود فى هذه اللحظات حتمي، لا تستطيع قوة فى العالم أن تكبحه أو تجهضه، فعلى يد هذا الشعب الفذ تغيرت مناهج وأفكار ونظم، وسيتغير عن قريب ميزان القوى فى العالم، فمصر رمانة ميزان الحضارة الإنسانية والجغرافيا السياسية، فلنبتعد قليلاً عن تفاصيل المشهد الانتقالى الذى يجرى أمامنا تحت ضغط شعبى مقدس، وليتنا نرى قضية ذيول النظام فى حجمها الطبيعى دون تهويل أو تهوين، وليتنا نطوى صفحة الماضى البغيض، حتى لا تستنزف جهدنا وعقلنا فى المرحلة القادمة، مع التسليم بضرورة محاكمة كل من نهبوا مصر، وحرقوا أكباد شعبها، لقد كنا نتحدث بمرارة منذ أقل من شهر عن مصر بعد مائة عام التى يحكمها هيثم ابن تامر جمال مبارك، وكنا نمصمص الشفاه عجزاً ونحن نرى مصر فى شقة علاء التى تمتد من إسكندرية لأسوان، أو نرى وزارة كاملة من اللصوص، ومجلساً من النصابين المزورين، وإعلاماً عائلياً تافهاً يحشر أدمغة المشاهدين بالزبالة.. الآن صار هناك معنى للحديث عن المستقبل، وفى ذلك فليتنافس المتنافسون.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة